-
(الجزيرة) .. تساؤلات حائرة ومواقف مشوشة؟!
بصورة مفاجئة ومثيرة للتساؤل والشكوك اصبح الموضوع اليمني يمثل مساحة واسعة من اهتمامات (قناة الجزيرة) القطرية وبث معظم برامجها تقريباً .. وكان الامر سيكون جيداً ومقبولاً لو ألتزمت (الجزيرة) وبعض العاملين فيها بالحيادية والمهنية والنزاهة في تغطيتها للتطورات في اليمن والتي يتم تضخيمها عبر شاشة الجزيرة وتأجيجها بشكل مبالغ فيه ومفضوح ولغرض في نفس يعقوب!..
المشاهد اليمني الذي ظلت تربطه (بالجزيرة) علاقة استثنائية ومتميزة ترتكز على الثقة المطلقة في رسالتها الإعلامية والاهتمام بمتابعة كافة التطورات الاقليمية والدولية عبر شاشتها المشاغبة .. ولكن شيئاً فشيئاً بدأ المشاهد اليمني يدرك بأن (الجزيرة) تندفع ودون روية في ممارسة دور غير مفهوم او مبرر إزاء قضية حساسة وهامة لدى كافة ابناء الشعب اليمني وهي قضية الوحدة التي تحاول الجزيرة تصوير الأمر حولها على غير حقيقته سواء من حيث تناولها لممارسات تلك العناصر الانفصالية الخارجة على الدستور والقانون والتي تجاهر بعدائها للوحدة وتتبنى خطاباً فوضوياً يستند على إثارة ثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الشعب اليمني الواحد او ممارسة أعمال التخريب والعنف.. بل أن تلك العناصر قد تجاوزت في أطروحاتها الغريبة وشططها إلى درجة إنكار هويتها الوطنية والانسلاخ منها وهي عناصر معزولة ومتهمة بتنفيذ أجندات خاصة ومشاريع صغيرة للتمزيق والتجزئة .
(الجزيرة) كوسيلة اعلامية تغامر كثيراً بسمعتها ومهنيتها وحياديتها وبدأت تنال العزوف عنها من قبل قطاعات واسعة من ابناء الشعب اليمني وبخاصة النخب السياسية والثقافية التي ظلت مرتبطة بالخطاب الاعلامي (للجزيرة) الرسالة..والموقف.
واليوم لا يجد البعض في اليمن عدم تفاوت كبير في خطاب (الجزيرة) حول قضية الوحدة اليمنية وخطاب قناة الـ بي بي سي البريطانية التي انتمى اليها كثير من المنتسبين إلى الجزيرة وكانت محطة انطلاقتهم وتكوينهم الأيدلوجي والمهني.
وإذا كان البعض يفسر بان سر التحول المفاجئ من (الجزيرة) تجاه اليمن مرتبط بعتب قطري على القيادة اليمنية نتيجة الغياب اليمني عن مؤتمر (الدوحة) حول غزة وقدمت اليمن حينها مبرراتها لهذا الغياب الذي يبدو ان القيادة القطرية لم تتفهمه حتى الان.. بالاضافة إلى ما اثير من لبس حول تصريحات الرئيس علي عبدالله صالح في جريدة الحياة اللندنية حول الوساطة القطرية في صعدة والتي اشار فيها الرئيس بأن تلك الوساطة قد شجعت جماعة الحوثي على التعامل بندية مع السلطة في الوقت الذي نوه فيه الرئيس بتلك الوساطة وبمواقف قطر ونواياها المخلصة تجاه اليمن واستقراره..
إلا ان ما تقوم به (الجزيرة) بقصد او بدون قصد من تناول اعلامي فيه قدر كبير من الانحياز والتشويه لحقيقة الاوضاع في اليمن وحيث يرى كثيرون في اليمن بأن إصرار بعض العاملين في (الجزيرة) على استضافة عناصر انفصالية محروقة مقيمة في الخارج وتدعي النضال من فنادق الخمسة نجوم التي تقيم فيها وبخاصة في لندن في الوقت الذي ليس لديها قضية او مشروع غير الدعوة لتمزيق اليمن شعباً وارضاً يمثل استفزازاً واضحاً لمشاعر اليمنيين ومساساً بما يعتبرونه إحدى أهم ثوابتهم الوطنية ومقدساتهم السياسية والاجتماعية إلى جانب انه يشوش كثيراً على ذلك الموقف القطري المشرف المساند لليمن ووحدته والذي لا ينساه اليمنيون لقطر واميرها وبخاصة خلال فتنة صيف عام 1994م وحيث كان الصوت القطري مميزاً وشجاعاً ويحظى بالكثير من الاحترام والتقدير من اليمنيين وغيرهم من الوحدويين من أبناء الأمة العربية والإسلامية وغيرهم من الشرفاء في العالم.
وبالتالي فإن على قطر ان لا تفرط في ذلك الرصيد الكبير والجيد المتوفر لها لدى قطاع كبير من اليمنيين وان لا يتغلب العتب أو حتى الغضب المعبر عنه من خلال (الجزيرة) التي لا تستطيع القيادة القطرية التنصل منها وما تقدمه من خطاب مشوش وغير منطقي تجاه اليمن ووحدته واستقراره.
*المحرر السياسي لصحيفة الجمهور