الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:31 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الجمعة, 17-يوليو-2009
المؤتمر نت - علي ناجي الرعوي علي ناجي الرعوي -
قراءة أولية لكلمته في قمة عدم الانحياز: الرئيس الصالح .. صوابية الرؤية ووضوح المواقف
ليست المرة الأولى التي نجد فيها الرئيس علي عبدالله صالح يحقق حضوراً متميزاً في محفل دولي ، كما بدا ذلك واضحاً وجلياً لكل المتابعين من السياسيين والإعلاميين لوقائع مشاركة فخامته في القمة الخامسة عشرة لدول عدم الانحياز التي جرت في مدينة شرم الشيخ المصرية ، بل إن الرئيس علي عبدالله صالح بما وهبه الله من حنكة سياسية وبصيرة نافذة ورؤية ثاقبة وعبقرية قيادية عادة ما تكون مشاركاته في المؤتمرات الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية وثيقة الصلة بإيجاد الحلول للهموم والقضايا والتحديات التي تنعكس بالضرر البالغ على الواقع الإنساني وعوامل الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ومن ذلك التحديات التي تخضع لمنطق المجافاة وتؤدي إلى اختلالات ماحقة في العلاقات الإنسانية وتعمل على توسيع الشقة بين الأطراف المختلفة على نحو يكون فيه الضرر أكثر بكثير من أي عمل قد يستفيد منه أي طرف.

ولذلك فإن ما اتسمت به المشاركة المتميزة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح في قمة حركة عدم الانحياز من قوة في الحضور ورصانة في الطرح وثبات في المواقف ودقة في التعاطي مع الأولويات الماثلة ، لم نشعر معها فقط نحن في اليمن بالفخر والاعتزاز ، بل إن أثر ذلك قد وجد صداه لدى الكثير من السياسيين والمفكرين، الذين خلصوا إلى حقيقة أن الرئيس علي عبدالله صالح من أكثر قادة دول العالم وعياً بأحداث وتطورات العالم وأنه لا تنقصه مفردات التشخيص للأمور بشفافية عالية ووضوح كاف ومصداقية متناهية ، وقد برزت تجليات ذلك حسب أولئك المتابعين في ما ورد في كلمته التي ألقاها أمام قمة حركة عدم الاتحياز والتي ربط فيها بين ما هو كائن من الأحداث وبين ما يجب اتخاذه من المعالجات والحلول للمشكلات العالقة والبؤر الملتهبة من قبل المجموعة الدولية.

وباستعراض سريع لمضمون كلمة الأخ الرئيس سنجد أنها قد استوعبت الكثير من الحقائق المرتبطة بالواقع الراهن ، ومن ذلك تأكيده على أهمية النهوض بدور حركة عدم الانحياز وبما يمكنها من تجديد ذاتها ومفاهيمها والمبادئ التي استندت إليها عند تأسيسها ، خاصة وأن تغييراً كبيراً قد حدث في مجريات النظام الدولي عقب انهيار القطبية الثنائية وتفكك الاتحاد السوفيتي الأمر الذي طرأت معه تحولات جديدة تقتضي ذلك التجديد وبما يسمح لهذه الحركة التي تضم أكبر تجمع دولي بمواصلة رسالتها التي أسهمت من خلالها في الماضي بدور إيجابي في دعم دول العالم الثالث ومقارعتها للاستعمار وتحقيق الاستقلال.

ويمتد هذا الطرح ليلامس أيضا ظاهرة الإرهاب تلك الآفة العالمية التي داهمت مجتمعاتنا الإنسانية وكان من نتائجها ما نشعر بوطأته جراء هذه الآفة الخطيرة التي ألقت بثقلها وشرورها على مسألة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي بصورة بدا فيها حجمها أكبر من طاقة المواجهة القطرية لنوازعها الخبيثة التي لا تستهدف فيها بلدا بعينه وإنما مختلف المجتمعات البشرية على حد سواء.

وعلى هذه الأرضية من الفهم لتبعات وأخطار آفة الإرهاب التي أضحت ظاهرة عالمية لا دين لها ولا ملة ولا وطن ، جاءت دعوة الأخ الرئيس للمجتمع الدولي إلى التحرك المشترك لمجابهة هذا التمرد الإرهابي بالتزامن والتلازم مع مواجهة آثار وانعكاسات عاصفة الأزمة المالية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على دول العالم وفي الصدارة منها الدول الفقيرة والنامية التي تعرضت اقتصادياتها لانتكاسات حادة تفوق قدرتها على تحمل أعباء هذه العاصفة. وما لم تقم الدول الغنية بمسؤولياتها في تقديم العون والدعم للدول الفقيرة وبما يساعدها على مواجهة أعباء التنمية فإن هذه الدول ستقع تحت طائلة الإرهاب الذي تنمو منابته وتتولد في ظل مناخات الفقر والبطالة والحرمان. وما من شك أن الأخ الرئيس بهذا الربط قد أراد أن يضع الأطراف الدولية على مكمن الخطر الذي يتهدد أية جهود لضبط إيقاعات السلام والاستقرار والحفاظ على مسارات الأمن على المستوىين الإقليمي والدولي.

وبنفس هذه النموذجية من الطرح تطرق الأخ رئيس الجمهورية في كلمته للعواقب الناجمة عن الممارسات العنصرية والتمييز العنصري والتي تبرز في أبشع صورها في سلوكيات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية مطالبا المجتمع الدولي بمراجعة واسعة النطاق لما قد يترتب على استمرار الصمت والتغاضي عن التوجهات العنصرية الإسرائيلية وعدم ترك هذا الكيان المحتل يعربد كما يحلو له غير عابئ بقرارات ومواثيق الشرعية الدولية ، التي تلزمه بالاعتراف باستحقاقات السلام العادل والشامل والتأكيد على أن استمرار معاناة الشعب الفلسطيني ومحاولة إرضاخه لسياسة الكيل بمكيالين سيقود منطقة الشرق الأوسط إلى السقوط الكلي في مهاوي الفوضى والاضطراب الذي لا يبقي ولا يذر.

وفي هذا الأفق تبرز أيضا تلك التعبيرات الصريحة والقوية التي شدد فيها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على أهمية التعامل بشكل عادل مع تحديات الأمن والسلم الدوليين أكان ذلك في ما يتصل بمنع انتشار الأسلحة النووية أو في ما يتعلق بحق الدول في استخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية على درجة من المساواة وبعيدا عن الانتقائية . وكما كان صوت اليمن مدافعا عن هذه القيم فإنه لم يتردد عن إعلان رفضه لأي تدخل في الشأن السوداني أو اتخاذ ما يجري في أقليم دارفور ذريعة للنيل من أمن واستقرار وسيادة هذا البلد ، لإيمانه أن التدخلات في الشؤون الداخلية للدول لن تؤدي إلى السلام وأنها تدفع باتجاه توسيع القلاقل والاضطرابات وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.

وفي السياق ذاته جاء التعاطي الرصين لفخامة رئيس الجمهورية مع التطورات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الصومالية ، مؤكدا في هذا الجانب على أن من مصلحة المجتمع الدولي الذي يعاني اليوم من تبعات القرصنة البحرية أن يتجه إلى دعم الحكومة الصومالية المنتخبة ولما من شأنه مساعدة هذه الحكومة على فرض سيطرتها وتعزيز الأمن والاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية حتى يتسنى لها الاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن ومحاصرة ظاهرة القرصنة البحرية ، التي تنطلق من السواحل الصومالية.

وتدلنا كل هذه الحقائق التي تضمنتها كلمة فخامة رئيس الجمهورية في قمة عدم الانحياز الـ15 على أن اليمن تنطلق في مواقفها من رؤية ثابتة وراسخة تقوم محدداتها على الانشغال بمسائل البناء والسلام والشراكة والتعاون وخدمة المصالح المشتركة ، وهي محددات يمكن استشراف ملامحها في المضمون العام لخطاب رئيس الجمهورية والذي وضع الإطار السليم الذي يرقى بدور حركة عدم الانحياز ويكفل لها مناخا أفضل للتجدد والتطور وتحقيق التغيير المنشود.

وكما في السابق فإن التاريخ في اللاحق سيسجل لهذه الحركة أين أخفقت وأين نجحت وليس أمامها سوى اغتنام الفرصة القائمة في وضع الآليات العملية لمجابهة التحديات والظواهر التي أفرزتها التحولات الجديدة في العلاقات الدولية وبما يمكنها من أن تصبح مجموعة سياسية واقتصادية قوية تتزود من رصيدها التاريخي والحضاري المشترك بروافد الاقتدار والرفعة والعلو وتحقيق التفرد في عالم اليوم الذي لا مكان فيه للضعفاء.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر