الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:50 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الثلاثاء, 21-يوليو-2009
المؤتمر نت -    صالح علي محمد الجبني -
ليس من النعمة أن ننسى شهدائنا
يقال ان من نعم الله على عباده أن خلق فيهم ومعهم نعمة النسيان التي تجعلهم ينظرون الى المستقبل دون التوقف عند أحزانهم أو الالتفات الى ما أصابهم من كوارث ، وقد تمنعهم هذه النعمة حتى من التفكير في مأسيهم او التباكي على ما ضاع منهم . تلك هي بعض مزايا نعمة النسيان.
من جانب آخر قد نجد كثير ممن يسعون لتقديم التضحيات التي من شأنها خدمة الاخرين – فهذا قد يتجرأ بالتضحية بماله في سبيل مساعدة المحتاجين والمعدمين ، وآخر قد نراه يضحي بجهده من أجل خدمة مجتمعه ، وذاك من الممكن أن يتراجع عن طموحاته ويضحي بمستقبله طمعا في ادخال البسمة الى من افتقدها من ابناء جنسه – وتلك التضحيات وماهو في مستواها من الممكن ان تفرض علينا نعمة النسيان ان لا نتذكرها ومع مرور الايام والسنين قد نجد اننا او بعضا منا لا نعير اصحابها ومن تجرعوا مرارتها وتحملوا آلآمها أي اهتمام .
ولكن تلك التضحيات التي جعلت من عشقونها يرتقون بها الى مرتبة الانبياء والصالحين عند ربهم في جنات النعيم لايجب ولن نقبل ان تدخل مثل هذه التضحيات التي خلفت وراءها كثيرا من الاحزان والمآسي ضمن قائمة نعمة النسيان – كيف وهم لم ينسو أو يتخلفوا عن تقديم أغلى وأعظم وأقدس وأطهر وأنقى وأنبل ما يمتلكونه من أرواح طاهرة ودماء زكية في سبيل الذود عن كرامة وشرف الامة والحفاظ على سلامة وامن واستقرار الوطن والمواطن.
كثير هم اولئك الشرفاء الذين عشقوا الشهادة وكبيرة هي تضحياتهم وخصوصا المنسيون منهم من ابناء مديرية جبن الذين كان لهم دور بطولي إبان قيام الثورة اليمنية بشقيها السبتمبري والاكتوبري ولم يكتفوا بهذا الدور بل ان المرحلة التشطيرية للوطن جعلت من أبناء مديرية جبن نماذج رجولية في تحمل مآسي تلك المرحلة بكل ما كانت عليه من أحزان وخوف وتشريد وواجهوا الموت بابتسامة الشجعان كي يمنحوا الحياة للآخرين من إخوانهم وابنائهم وكانت تضحياتهم متوالية ومستمرة حتى تحقيق الوحدة اليمنية.
فهذا الشهيد المناضل / الجندي أحمد ناجي صياد كان قد ضرب أروع وأنصع صفات الشجاعة والرجولة في تقديم تضحيات متتالية رافقت مسيرة حياته الايمانية العطرة بدأها حين استرخص المال ورفض تكوين الثروة واستبدلها بالعيش بنمط حياة البسطاء من أفراد قريته وابناء مجتمعه في مديرية جبن التي كانت حينذاك تابعة لمحافظة البيضاء – وكان الشهيد احمد ناجي صياد سعيدا بتلك الحياة التي فرضت عليه جملة من التضحيات استشعارا بالواجب المنطلق من صميم اخلاقه ومبادئه الوطنية وتلبية لاحتياجات ابناء منطقته – فحفر اسمه بجدارة على تلك الصخور وفي اعالي الجبال بمعداته الثقيلة العاملة لشق الطرقات الى مختلف قرى وعزل المديرية – كان يغادر اهله ليلا كي يخوض غمار الخوف في تلك الليالي المظلمة والطرقات الموحشة على أمل رسم البسمة البريئة على شفاه التلاميذ حين يحضر كتبهم المدرسية ، وقبل ذلك كان قد حول ظهره البشري الى صفيح حديدي حمل عليه احجار مباني المراكز الصحية والمدارس التعليمية بغية تأسيس نظام تعليمي جديد وتوفير حياة صحية آمنه لابناء منطقته ، كثيرا ما كان يغادر أهله وافراد اسرته على امل العودة اليهم بعد ان يحقق شيئا يستطيع من خلاله أن يغمض عينيه ويضع رأسه على وسادته الحجرية والاستمتاع بتلك الفترة القصيرة من نومه في مسكنه ذلك الذي اثنته مهامه وواجباته عن إكمال بناءه – في تلك المراحل من فترة حياته وعمره الشبابي كانت بندقيته معلقة على جدران مسكنه حتى فُرض عليه قرار حملها على كتفه مغادرا أهله وأطفاله دون أمل في عودته اليهم بعد أن أوصى رفيقة دربه وشريكة حياته عليهم – فكانت متاريس الجبال مسكنه ومطاردة فلول المعتدين في الوديان مرتعه – ومع كل ضوء لقمر الليالي القتالية دائما ما كان يشتاق الى مداعبة أطفاله الذين لم ينتظر حتى يسمع منهم كلمة ( بابا ) يتوق بشدة الى محادثة زوجته التي قاسمته التضحيات الجليلة ولم تترك لها همومه الوطنية فرصة للحياة معه سوى فترات متقطعة قصيرة – اما في الليالي الاخرى ذات الظلمة المعتمة فقد كان يقف بالمرصاد لمجموعات عناصر التخريب الهمجية يصول ويجول بشجاعته الفذة ورجولته المتميزة واصرار بطولته الفريدة لمواجهة تلك الافكار التخريبية فترة زمنية ليست بالقصيرة ابان مرحلة التشطير البغيضة التي بسببها كان حصار مدينة جبن الابية من قبل عناصر التخريب الوحشية والذي دام أكثر من تسعة اشهر متتالية استشهد خلالها خيرة شباب ورجالات المديرية يتقدمهم شهيدنا البطل أحمد ناجي صياد المبتسم في وجه الموت بثقة ايمانية جلية وطمأنينة صلبه أفزعة شراسة قاتلوه واعداءه تجلى ذلك في آخر يوم من حياته حين ودع زوجته واستودعها اطفاله الثلاثة الذين لم يتجاوز كبيرهم الثامنة من عمره – غادرهم دون عودة لتقديم روحه الطاهرة فداءا لوطنه ارتوت بدماءه الزكية شجيرات الوحدة المباركة ، غادر اهله واطفاله وجميع محبيه دون أن يترك لهم شيئا من المال أو الثروة سوى بطاقته العسكرية معلقة باحد جدران منزله الغير مكتملة مبانيه المكون من غرفة صغيرة – ولكن في الوقت ذاته كانت تركته عظيمة بعظمة تضحياته ومقدسة بنبل اخلاقه ، مرفوعة وسامية بسموعقيدته ، خالدة في ذاكرة التاريخ لن تمحوها نعمة النسيان ما دام هناك من يتصفح ملاحم البطولة والتضحية في هذه المديرية المنسية مواقف وتضحيات ابناءها.
لن ننسى أبدا وفاء اولئك الرجال من ابناء مديرية جبن حين قدموا ارواحهم قربانا وفداءا لوطنهم وحفاظا على مستقبل الاجيال من بعدهم واستمرارا لحياة الاخرين من اخوانهم – سنظل نتذكر ما حيينا أن الشهيد أحمد ناجي صياد لم يكن وحيدا في قافلة شهداء الوطن من ابناء جبن فالى جانبه كثير من الشهداء أمثال العليي والشيخ علي موسى حسين والشيخ المعطي والفيصلي والصريمي والعصار وسيلان ومحسن العمري وغباسه والنعوي وابن واصل وقاسم حسين السحاقي والجبري والشهيد صالح ابوبكر العوبلي – كانت قافلتهم تلك مليئة بالشهداء ولم تكن هي الاولى فقد سبقتهم قوافل عديدة لمحاربة الاستعمار والامامه ومرحلة التشطير المأساوية بصراعاتها السياسية ووحشيتها المحزنة البائدة التي راح ضحيتها العديد من كبراء وشباب واطفال ونساء المديرية والذين كان ضمنهم الشهيد محمد صالح مجلي والشهداء من آل الصوفي وآل شريف والاخوين سعد والبناء ورسام والفردي ووازع والشهداء الجهازي ومعافى والمصرف والمفلحي والضبياني والعصفور والقفري والسركال ..... وقبل هؤلاء واولئك كانت ساحة المعركة التي ثبتت الثورة والجمهورية تحصد الشهداء من ابناء مديرية جبن كالشهيد حسن صالح الذرحاني والجغماني وهادي النعوي والكثير ممن كان لهم شرف الفداء والتضحية من أجل الثورة والجمهورية والوحدة والذين اقدم لهم أسفي الشديد واعتذاري الحزين لأن اسمائهم بحروفها الذهبية المتلألأة وصور ملاحم تضحياتهم البطولية النبيلة لم تسطر ضمن هذه المساحة الضيقة غير انه عهد علينا ان لا نسمح بنسيانها او نقبل بمحوها من ذاكرتنا أو حتى نتعاطى بالصلح لمن يتعمد اهمالها ويحاول تجاهلها وسنسعى من أجل توثيقها وحفظ ابجدياتها الوطنية من خلال الرجوع الى معاصريهم من اخوانهم المناضلين ورفاق السلاح الوطني الذين لم تكن ساعة اجلهم الربانية قد حانت حينها واستمروا بالحياة بمبادئهم الثابتة وافكارهم النيرة كالمناضل قاسم الدبيشي وأبناء المشألي والعصري وجيلان والقاضي وابن الهراش والصريمي وواصل والعتولي وشريان والصوفي وابن طاهر والدرة والحرتاكي وغيرهم الكثير والكثير.
من هنا أتساءل .. هل يحق لنا ان ننسى أو حتى نتناسى دماء وارواح كل اولئك الشهداء وغيرهم .. وهل هو مفروض علينا تجاهل تضحياتهم وهل تسمح اخلاقنا بنكران ادوارهم .. وهل هو عيب عندما نفتخر و نعتز بوحدتنا التي ابعدت عنا شبح الموت والخوف واللامستقبل وانهت منا وفينا غدر المتربصين بنا في ليالي الاغتيالات الهمجية المظلمة.....؟
في المقابل أليس من الحق والعدل أن تفي الثورة والوحدة مع رجالها من شهداء مديرية جبن وغيرهم في مناطق الجمهورية المنسيين وان تقف قيادات الدولة والحكومة لحظة انصاف وتبجيل لأولئك الشهداء الابطال باعطاءهم الحقوق المشروعة والاهتمام بمن خلفوهم من الابناء والاخوان كي تتبدد أحزانهم وتتوقف مآسيهم اسوة باسر الشهداء والمناضلين الذين لم تهمش أو تطمس أدوارهم وبطولاتهم ، الا يجب الاعتراف بافضالهم حتى نزيد من حرص ابناءهم والتشديد عليهم بضرورة الوفاء بعهد اباءهم والسير على خطاهم للحفاظ على الثورة والدفاع عن الوحدة....!
وحتى لا يكون من الواجب المفروض علينا وابناء واسر شهداء مديرية جبن في محافظة الضالع اللجوء الى اساليب نمقت ممارستها ونعيب هواتها لانها تشوه من صورة وحدتنا وتزعزع ثقتنا في مسؤولينا وقيادات نظامنا ولانها ايضا لا تعبر عن سلوكنا الحضاري وتاريخنا النضالي .. ولكن الاستمرار في انتظار أسر شهداء مديرية جبن واوضاع مناضليها المنسيين طويلا قد يجعل من المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية والاعتصام امام المنظمات الدولية وسيلة مشروعة وطريقة وحيدة لايصال اصواتهم المطالبة بحقوقهم المشروعة الغائبة او المغيبة وهذه مالانأمله من قياداتنا في الدولة والحكومة والجهات المسؤولة ذات العلاقة رسمية وشعبية أن يتم تذكيرهم بدماء شهداءنا الزكية ونضال اخواننا وآباءنا الوطنية بطريقة قد يعتبرونها عبثية او فوضوية أو يسقطونها بمسميات غير وطنية لا تنتمي الى الثورة او الوحدة.
تأكيدنا على ان مديرية جبن بأبناءها الشرفاء ملتزمين بالوفاء لاهداف ثورتهم حريصين بالحفاظ على وحدتهم محاربين لشتى انواع الفساد والظلم والتهميش واضعين ثقتهم في انفسهم من أن نعمة النسيان لن تجد سبيلا الى تاريخهم وافكارهم ولن تثنيهم عن التذكير بشهداءهم والاستمرار في قراءة صفحات مضيئة من مراحل نضالهم .




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر