بقلم/ الاستاذ/عبدالعزيز عبدالغني* -
قائداستثنائي.. تجاوز بالوطن أخطر المنعطفات وحقق أغلى المنجزات
ترتبط مناسبة السابع عشر من يوليو برجل استثنائي بكل معنى الكلمة.. وقائد وطني وزعيم عربي استطاع أن يؤسس لبلده موقعاً متميزاً في محيطه العربي والأقليمي والدولي.. إنه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الرجل الذي أعتز به قائدا وزعيماً وطنياً فذاً، قدر اعتزازي به أخاً كريماً، وصديقاً وفياً، وإنساناً متميزاً، أدين لفخامته بالتقدير والعرفان، على الثقة التي منحني إياها طيلة أكثر من ثلاثة عقود، عشتها ولا زلت، على درب العمل الوطني في ظل قيادته الحكيمة.
لقد حازت مناسبة السابع عشر من يوليو عن جدارة، قيمتها التاريخية، واكتسبت أبعادها الوطنية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بفعل التأثير الذي أحدثه هذا القائد على الساحة الوطنية الى حد يصعب معه استثناء، أي منجز من المنجزات العظيمة التي تحققت في هذا الوطن، من سجل عهده الميمون.. تلك المنجزات التي أحدثت تحولات جذرية في اليمن: استراتيجية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، يأتي في صدارتها المنجز الوحدوي الخالد، الذي أعاد للوطن اعتباره، كياناً موحداً متحرراً من أغلال الكهنوتية والتخلف والتشطير، وأعاد ترميم نسيجه الإنساني والاجتماعي والجغرافي.
يضاف الى هذا المنجز الخالد منجز آخر هام وكبير، تمثل في تدشين العهد الوحدوي المبارك بنظام ديمقراطي تعددي، به أعيد الاعتبار لتاريخ هذا الشعب، الذي يفخر بأنه كان في عمقه التاريخي شوروياً عتيداً، قبل أن تنقض عليه فسيفساء من الأنظمة المتخلفة التي مارست الشمولية وكرست التخلف والجهل والتشطير ردحاً طويلاً من الزمن.
إن الحقيقة التي لايخطئها منصف، تتجلى في البعد الديمقراطي الفريد، الذي اكتسبه حدث تولي فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد السلطة رئيساً للجمهورية العربية اليمنية في 17 يوليو 1987م.
فالأسلوب الذي أوصل فخامة الأخ الرئيس الى هرم السلطة في البلاد، كان ديمقراطياً بذلك النمط السلمي لانتقال السلطة، لم تعهده البلاد من قبل وغرقت في غيابه خلال أكثر من عقد ونصف من قيام الثورة اليمنية المباركة، 26 سبتمبر و 14 أكتوبر في دورات من العنف وعدم الاستقرار في شطري اليمن آنذاك.
هذه الحقيقة يحُسُن التذكير بها في مثل هذه المناسبة وفي غيرها من المناسبات رغم أن الأجيال اليمنية تعيها تماماً، قدر وعيها بالإنجازات العظيمة التي ارتبطت بعهد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح من عام 78م وحتى اليوم.
فعلى الرغم من تعقيدات تلك الفترة وصعوبتها، فإن هذا الرجل القادم من المؤسسة العسكرية، حرص منذ البداية على التمسك بخيار الانتقال السلمي للسلطة، سبيلاً وحيداً لقبوله النهوض بمسئولية قيادة الوطن، عبر الطريق الطبيعي، طريق التفويض الشعبي، عوضاً عن طريق الدبابة والمدفع.
وهذا ما حدث فقد حاز الرائد علي عبدالله صالح آنذاك ثقة الشعب اليمني من خلال ممثليه في مجلس الشعب التأسيسي ليتولى مهام رئاسة الدولة والقيادة العامة للقوات المسلحة ويتجاوز بالوطن منذ ذاك التاريخ، أخطر المنعطفات ويحقق لشعبه أغلى المنجزات.
ومن رحم الحقيقة الآنفة، تولدت حقائق يحسن التذكير بها أيضاً، حيث استطاع فخامة الأخ الرئيس بهذا الخيار السلمي الديمقراطي، أن يدشن عهداً جديداً، كان من أبرز سماته: الديمقراطية وا لحوار والانفتاح، وتجسيد مبدأ المشاركة السياسية الواسعة لكل القوى السياسية والاجتماعية وللقطاع الشعبي العريض، بما فيها تلك القوى السياسية، التي كانت تنشط خارج إطار المشروعية الدستورية الحاكمة آنذاك.
وقد ساد هذا المناخ الفترة التي أعقبت تولي فخامة الأخ الرئيس مهامه الرئاسية واستمر حتى عام 1990م، وهو العام الذي تحقق فيه واحداً من أعظم المنجزات الوطنية الخالدة في عهده المبارك وأعني به الوحدة اليمنية المباركة.
ولم يكن هذا الإنجاز العظيم، حدثاً منفصلاً عن سياقاته التاريخية والموضوعية، بل مثل إطاراً حاضناً لتحولات هامة شهدها الوطن بعد الوحدة، في طليعتها اعتماد النهج الديمقراطي التعددي، والنهوض باستحقاقات التنمية الاقتصادية والثقافية الشاملة والمستدامة.
وقد أرسى النهج الديمقراطي التعددي بدوره مشروعية دستورية للنشاط الحزبي على قاعدة التعددية السياسية والحزبية، وعلى أساس مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال التفويض الشعبي عبر صناديق الاقتراع، ومن وحيه أجريت أوسع عملية للإصلاح المؤسسي في بنية الدولة اليمنية الفتية.
من وحي ما سبق يمكننا النظر الى الفترة من 78- 90، بأنها كانت مرحلة التأسيس الفعلي للدولة اليمنية الحديثة بوحي من مبادئ وأهداف الثورة اليمنية المباركة، واستفادت من مناخ الاستقرار الذي أرساه فخامته على مستوى الوطن.
بل أن تلك المرحلة هي التي هيأت الأرضية الملائمة، للإنجازات العظيمة التي تحققت لليمن في ظل قيادته الحكيمة وفي مقدمتها الوحدة المباركة والنظام الديمقراطي والتحولات الاقتصادية والتنموية الكبيرة على مستوى اليمن.
هذا الاستنتاج تدعمه الحقائق الدامغة، التي تتمثل في أن تلك الفترة كانت قد شهدت سلسلة من الإصلاحات السياسية بوسائل ديمقراطية سلمية، توجت بصياغة دليل نظري للعمل السياسي هو الميثاق الوطني، المنبثق من إيمان الشعب اليمني ومبادئه وأولوياته ومصالحه الوطنية.
وتوجت كذلك بإنشاء تنظيم سياسي بأفق واسع يستند في منطلقاته الفكرية على الميثاق الوطني ويستوعب كل أطياف العمل السياسي متمثلاً في المؤتمر الشعبي العام.
واستمدت تلك الإصلاحات أهميتها، من عمقها الوطني، ومن قاعدتها الشعبية الواسعة ومن توافق كل الأطياف السياسية إذ أن الميثاق الوطني خضع لاستفتاء شعبي قبل أن يؤخذ به دليلاً نظرياً للعمل السياسي في البلاد، كما أن ممثلي القوى السياسية شاركوا في صياغة الميثاق.
وبتلك الإصلاحات، تحقق التطور السياسي، وتحققت بها أيضا، الشراكة الوطنية بين القوى السياسية المختلفة، وتوافقها على برنامج عمل وطني واضح في مضمونه وفي أهدافه وغايته.
وشهدت تلك الفترة ايضاً، تحولات جوهرية على صعيد التنمية والتطور الاقتصادي والارتقاء بمستويات العيش للناس، وهو ما يمثل البعدين الاقتصادي والتنموي لمرحلة بناء الدولة والوطن التي أشرت إليها.
إن ما سبقت الإشارة إليه او إيجازه من الإنجازات المضافة لسجل فخامة الأخ الرئيس، حدد بدلالته الزمنية وأبعاده المعاشة، أولويات فخامة الأخ الرئيس في بناء الدولة، وترسيخ وصيانة الثوابت الوطنية.
وأكد في الوقت ذاته الصلة الوثيقة لتلك الإنجازات، ولنهجه السياسي والاقتصادي الحكيم، بأولويات فخامته الوطنية، بأبعاده المستقبلية، معبرا عنها بالتزام فخامته القوي تجاه استحقاق الوحدة، وإنشاء الكيان اليمني الواحد الموحد باعتباره حلم الشعب اليمني، وأمنيته السامية.
وتميز عهد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عبر دورات رئاسته المتتالية، بسلسلة من الإصلاحات والإنجازات المختلفة، تعلق جزء منها بالشق السياسي وخلق مناخ من الاستقرار بين اليمن وجيرانه بفضل السياسة الحكيمة التي حسمت بفضلها قضايا وملفات الحدود مع دول الجوار.
ولا نبدو أننا في حاجة الى الحديث بالتفصيل عن الإنجازات الاقتصادية والتنموية لأنها ماثلة للعيان، ليس منها فقط النفط وسد مأرب وشبكة الطرق، والنهضة التعليمية والزراعية والتطورات التقنية الكبيرة في قطاع الاتصالات وغيرها من الإنجازات التي طالت كل أوجه الحياة، وأعطت للثورة ونظامها الجمهوري، ولنضال شعبنا العظيم أبعادها المشرقة وحققت آمال وتطلعات كل فئات المجتمع.
ولقد مثل ذلك كله تجسيداً خلاقاً لأولويات فخامته، وأضفى مصداقية لا يمكن تجاهلها لمجمل سياساته ومواقفه في الإطار الوطني.. وفي الأطر الإقليمية والدولية.
لقد كانت المواقف ولا تزال تشكل جوهر السياسة اليمنية الداخلية والخارجية، وعبرت وتعبر عن التزامات اليمن تجاه محيطه العربي والإسلامي والإنساني، وشراكته الوثيقة مع كل أشقائه ومع مختلف دول العالم.
إن سياسات وإنجازات فخامة الأخ الرئيس خلال أكثر من ثلاثة عقود لم تكن إلا انعكاساً نموذجياً، للسمات الرائعة، التي ميزت شخصيته، بصفته إنساناً قبل اي شيء آخر.
وهي انعكاس ايضاً، لحكمته ولحنكته القيادية، ولشجاعته ومبادراته الخلاقة في المنعطفات الصعبة، وحبه الكبير لليمن وشعبه، وإيمانه بثوابته وانتصاره لقضايا الوطن والشعب ومصالحهما العليا.
وتلك الصفات هي التي جعلت من فخامة الأخ الرئيس صنفاً فريداً من القادة الوطنيين المخلصين، الذين ستظل بصماتهم خالدة في سجل التاريخ المشرف لهذا الوطن، وأنا على يقين بأن أية قراءة لا يمكن لها أن تحيط بكل تفاصيل سيرة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وإنجازاته العظيمة.
* رئيس مجلس الشورى في اليمن .
* نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر .