امين الوائلي -
انهيار(بورصة الازمات)!!
الذين صَمُّوا آذانهم طويلاً عن سماع الحقيقة وأعينهم عن رؤيتها- بدأوا يتساءلون الآن، عن مرد التمرد وتلك العصابة ومن وراءها وما وراءها؟ وأيضاً يجربون الاستفاقة وايقاظ السؤال الكبير: ما هو مشروع هؤلاء؟ ومن أين لهم بكل هذا العتاد والسلاح والمال والأجهزة التقنية الحديثة والمعدات المتطورة؟
الذين ناموا أو تناوموا طوال أكثر من خمسة أعوام عن رؤية التفاصيل الخطيرة والحيثيات المرعبة التي تنوء بها فتنة التمرد وجماعة الحوثي، وظلوا يمارسون خيار الغباء أو التغابي -متكفين بالتبرير للتمرد وتبييض صفحته السوداء وحصره في مجرد شعار أو هتاف ضد أمريكا واسرائيل واليهود!
ها هم اليوم يغالبون النُعاس، ويضطرهم واقع الحال والتطورات المتسارعة والعرض المتلاحق الى محاولة استعادة ملكة التفكير- التي بقيت في اجازة مفتوحة لسنوات خمس قابلة للتمديد!
صار عليهم -لزاماً- اعادة قراءة المشاهد المتدافعة بالفتنة الملعونة.. من أول مران وحتى آخر مطرة.. من حسين الى عبدالملك.. من الكهوف والتحصينات الجبلية وحتى »المناورة العسكرية« القاصمة ومخازن الأسلحة وصواريخ الحرس الثوري وعتاد مصانع الباسيج!
الذين لم يكن بمقدورهم -أبداً- التفريق، بين الحق الفكري وقذائف الهاون.. بين حرية الرأي والتعبير والتمرد المسلح.. بين الهتاف والرصاص.. وبين الجماعة الفكرية والعصابة المسلحة.
سوف يجدون مشقة -تذكر وتذكر- في محاولتهم الآنية المستجدة من أجل تفسير وتبرير مواقفهم السابقة وتفهمها على الوجه الذي يرضونه لأنفسهم ويرضيهم عنها، وللأسف لن يرضوا عنها أبداً!!
أرادوا تكبيل الدولة ومحاصرتها ومنعها من ممارسة واجباتها ومسئولياتها الدستورية وسلطاتها القانونية.. أرادوا استثمار مواقفهم في بورصة الأزمات لإنهاك الدولة واحراج الحاكم واستنزاف الحكم والحكومة.. ومن ثم الفتك بالسلطة والاجهاز عليها!
كان هذا خيارهم الأخير والوحيد لاعتلاء السلطة طالما كانت الانتخابات والخيارات الديمقراطية شاقة.. ولا تلبي حاجاتهم بل حاجات الجماهير!!
قد يكتشفون الآن.. أو لاحقاً - وقد لا يسعفهم الحال والمقال ليفعلوا- بأنهم أخطأوا أكثر مما يمكن أن يغفروا لأنفسهم أو يغفر لهم الجمهور، فلم يكن السكوت عن تمرد وفتنة ملعونة بحجم ما يحدث منذ خمسة أعوام أو أكثر في مساحة وأجزاء من محافظة صعدة إلاّ خذلاناً، ولم يكن التواطؤ.. بالمواقف والبيانات المتشنجة والبلاغات الانتهازية إلاّ تفريطاً، ولم يكن الاصرار والالحاح المتطرف في ادانة الدولة والمؤسسة الأمنية والعسكرية وغض الطرف والرؤية عن فظائع وجرائم التمرد والتخريب، والخروج على سيادة الدولة والقانون والمؤسسات.
لم يكن هذا كله إلاّ تعبيراً عن بضاعة النكاية والكيد والانتهازية في ممارسة المواقف ومزاولة السياسة، وهذه بضاعة ثمنها الخذلان.. ولكل شيء آفة من جنسه!!