بقلم-عبدالعزيز المقالح - نور الشريف في صنعاء
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقال فيها ان نور الشريف فنان عربي جاد وصاحب رسالة وطنية وقومية.. فقد اخذ هذا الفنان الكبير مكانته من مواقفه الهادفة الى ايصال هذه الرسالة الى اكبر عدد من المواطنين العرب عن طريق الفن المسرحي الرفيع في زمن هابط هبطت معه كل الفنون ومنها المسرح الذي تحول في أغلب حالاته الى تهريج واضحاك فارغ من المحتوى.
عرفته عن قرب في بداية حياته الفنية كان شابا نحيلا طموحا يعمل جاهدا لكي يصل الى الذروة بجهده وثقافته وانتمائه الى الناس .. ولم يكن صنيعة الحظ شأن بعض الفنانين والفنانات الذين صعدوا على أكتاف غيرهم أو بضربة حظ لا يعرفون مصدرها. لقد بدأ نور الشريف خطواته المتواضعة واثقا من نفسه وواثقا من اختياراته للادوار التي تقيم بينه وبين المشاهد العربي في مصر العربية وخارجها جسورا من الاعجاب القائم على احترام الالتزام في الكلمة والاداء والموقف . ولم يفرط في يوم من الايام في هذا الالتزام رغم الضغوط الكثيرة والمغريات الأكثر التي جعلت كثيرا من الفنانين يهرولون كالمجانين ضاربين عرض الحائط بالفن واحيانا بالاخلاق والضمير وهما عماد كل فن وإبداع.
كان فيلم ( ناجي العلي) شاهدا حقا على اختياراته القومية والاخلاقية وعلى رفضه للمساومة أيا كان مصدرها. ولا حدود - كما تؤكد الوقائع - لما لاقاه هذا الفنان الكبير من عنت وارهاق في سبيل ان ينقل وجهة نظره ويسجل بالصوت والصورة ما يؤمن به وما يراه صحيحا وواجبا في إدانة الاحتلال الصهيوني والاطراف العربية التي تتواطأ معه لاذلال الأمة وتمزيق كرامتها في الوحل.
وتأتي مسرحيته الجديدة (لن تسقط القدس) التي حملها الى صنعاء عاصمة الثقافة العربية تعبيرا عن هذا الموقف الذي لا يتغير ولا يعرف التراجع والذي يزداد وضوحا وتوهجا كلما زادت الظروف قتامة وافتقدت الجماهير الدليل الصادق الذي يشاركها إيمانها وشعورها بأن حالات الانكسار الراهنة ليست سوى موجة عابرة ثم تتلاشى كما تلاشت من قبل موجات كان البعض يراها القاضية، وان الشمس بعدها لن تشرق على أرض العرب مرة اخرى.
ومسرحية (لن تسقط القدس) تختزل هدفها بكلمات قليلة «هي توحيد الكلمة وتوحيد الصف تحت لواء واحد وبهذا فقط لن تسقط القدس» وحبذا لو تمكن الفنان الكبير نور الشريف من ان يطوف بها الاقطار العربية لكي يتمكن من ايصال هذه الرسالة الى كل ابناء الشعب العربي الذي تسعى القوى المعادية في الداخل والخارج الى خداعه وتدمير حماسته وزلزلة إيمانه بمشروعية المقاومة واعداده لدخول حالة من الاحباط وربما اليأس.
وما من شك في ان الفن الاصيل بمنجزاته التعبيرية العالية قادر على استرجاع الوعي المغيّب ونسج خيوط الأمل واستنهاض العقول النائمة وتوصيل الحقائق كما هي لا كما يريد البعض ان تصل الى الناس ناقصة ومشوهة أو مهشمة وهو ما تقوله المسرحية بقدر كبير من الوضوح الذي يتجاوز منطوياتها الرمزية.
ومامن شك - أيضا- في ان ثمن الفن الرفيع باهظ والوصول اليه يستدعي أطنانا من الصبر والشعور بالمسؤولية وهو ما لايدركه سوى كبار الفنانين والمبدعين.
ومن حسن الحظ ان يأتي نور الشريف بمسرحه الملتزم الى صنعاء في عام تتويجها عاصمة للثقافة وفي وقت يبادر فيه شباب اليمن الى الانخراط في النوادي الثقافية لاكتشاف مواهبهم الادبية والفنية ومن بين هذه النوادي الجديدة النادي الثقافي بصنعاء القديمة والذي يتألف من عدد من الشبان الموهوبين الذين يجدون في إعلان صنعاء عاصمة للثقافة العربية مناسبة للاعلان عن مواهبهم المطمورة في هذه المدينة وحماية انسان هذا الوطن من الوقوع تحت رحمة الفنون الهابطة.
الاستاذ قادري احمد حيدر في كتاب جديد:
كلما قرأت كتابا جديدا للصديق الاستاذ قادري احمد حيدر أكبرت فيه نشاطه وجهده الدؤوب وحرصه على متابعة كل ما ينشر مع التزامه الموضوعية في الحوار مع الكتب والافكار التي يتناولها في كتاباته.
وفي كتابه الجديد (قراءة نقدية في العولمة) يتناول الاستاذ قادري جوانب عديدة من الافكار المطروحة على واقعنا المحلي والعربي والعالمي والتي يمر عليها معظم المثقفين مرور الكرام ومن دون التنبه الى ما يترتب عليها من اخطاء واخطار يقع الكتاب في 082 صفحة ومن القطع فوق المتوسط.
< تأملات شعرية:
لاننا نقرأ ما لا نشتهي
نكتب ما لا نشتهي
نأكل ما لا نشتهي
تصلبنا وجوه من لانشتهي
فاننا -نكاد- لا نعيشْ !
ياقومنا:
انسانهم مشى على سطح القمر
وهو على بساط العلم دائم السفر
ونحن لا حول لنا نسأل كل عابر:
أين المفر ؟
كأننا يا قوم لا نعيشْ !!.
|