عبد العزيز الهياجم -
ليحفظ الرب اليمن
أينما ذهبت يبادرك الآخرون بسؤال واحد هو: إيه الأخبار في اليمن؟ الحوثيون عاوزين إيه؟ البلد بخير؟.
وغير ذلك من الأسئلة التي سمعتها كثيراً من عرب وغير عرب خلال زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية ومشاركتي في برنامج الزائر الدولي للصحفيين على مدى ثلاثة أسابيع.
كان لديَّ الكثير من الأسئلة في المقابل وخصوصاً للعرب واليمنيين المغتربين والمهاجرين في الولايات المتحدة عن أحوالهم وأوضاعهم والمعاملة التي يلقونها داخل هذا البلد وطموحاتهم المستقبلية وحجم مشاركتهم في الحياة السياسية وقدرتهم على تشكيل "لوبي" عربي يخدم مصالحهم أولاً وإذا ما كان هناك قدرة أكبر يتجاوز الأمر إلى خدمة قضايا أمتهم.. لكن كنت أجد نفسي في موقف الدفاع وفي موقف المجيب وليس السائل، والسبب طبعاً المتمردون الحوثيون الذين حولوا صورة بلدنا في عيون الآخرين إلى بلد حرب أو صومال ثانية.
وطبعاً قلق اليمنيين المغتربين أكثر من غيرهم فهذا بلدهم وإذا كانت أجسادهم هناك فقلوبهم هنا ورسالتهم كانت واحدة ومفادها أن على الحكومة والدولة أن تحسم الأمور وتستأصل هذا الورم الخبيث الذي ما كان ينبغي التهاون أو التسامح معه في أي وقت وخصوصاً أنهم قد برهنوا على أنهم أداة تخريب وتدمير وجماعة مسلحة تسليحاً يعكس حجم القوى والجهات التي تقف وراءها وتمكنها من الاستمرار ومواصلة أعمالها التخريبية.
> وإذا ما قلت "فليحفظ الرب اليمن" فتلك عبارة اقتبستها من أمريكي أسود يعمل مسؤولاً في المكتب الإعلامي لعمدة مدينة شيكاغو حيث سأله زميل صحفي عربي عن جذوره الأفريقية وما إذا كان ذلك يجعله يشعر بالحنين والانتماء لأفريقيا أكثر فكان رده باختصار "ليحفظ الرب أمريكا".
> وأتمنى أن نكون جميعاً هنا في السلطة والمعارضة وبمختلف انتماءاتنا الجهوية والمناطقية ورؤانا الفكرية والمذهبية مجسدين لهذه العبارة "ليحفظ الرب اليمن" قولاً وعملاً، وأن نكون على قلب رجل واحد في التصدي لأي جهة أو جماعة مسلحة أو متمردة أو خارجة على القانون بل ونحث السلطة على ممارسة واجباتها الدستورية ونقف خلف المؤسسة العسكرية والأمنية حتى تتمكن من أداء مهامها بنجاح لا أن نجعل مثل هذه القضايا الوطنية والأخطار والفتن باباً للمزايدات والمناكفات.
> وحسم هذه القضايا ووضع حد لها ليس هو فقط مصلحة ترجوها السلطة والنظام السياسي بل هي أساساً ينبغي أن تكون الشغل الشاغل للجميع وخصوصاً بالنسبة للمعارضة التي حال تصبح البلد في وضع مستقر وآمن وتزول كافة البلابل والفتن، تكون هي ساعتها في موقع الهجوم والسلطة في مركز الدفاع بشأن كافة القضايا الأخرى المتعلقة بجوانب التنمية والبناء المؤسسي ومحاربة الفساد والاختلالات الاقتصادية والمالية والإدارية.
وبالتالي علينا أن نقف اليوم جميعاً في خندق الدفاع عن أمن الوطن واستقراره ووحدته منطلقين من واجباتنا ومسئولياتنا الوطنية ونقف غداً موقفاً واحداً لمساءلة ومحاسبة السلطة والحزب الحاكم ليس للمناكفة والمزايدة وإنما لحصر كل العناصر الفاسدة والمفسدة والتي تسيء إلى النظام والقانون باعتبارها عناصر تخريبية تحول دون تجسيد المشروع الوطني النهضوي للإصلاح والبناء والتنمية وتحقيق تطلعات المواطن في أن يرى مؤسسات حقيقية ومصداقية في الأداء تعيد له الثقة في من يمنحهم الثقة، ويصبح لدينا معادلة قائمة على ديمقراطية ودافعي ضرائب، وإذا ما حصل ذلك يمكننا أن نبني بلداً لا يقل عن الولايات المتحدة أو أي من البلدان المتقدمة.