عبد العزيز الهياجم -
تنفرج ولا تنفجر
عودتنا القيادة السياسية الحكيمة للرئيس علي عبدا لله صالح على أن أحوال هذا البلد قد تصل مرحلة الوضع المحتقن وقد تضيق إلى درجة تثير القلق لكنها في النهاية « تنفرج» ولا «تنفجر».. في قاموس الرئيس علي عبدالله صالح لا مكان لكلمة «انفجار» ولا محل لها من الإعراب.
في كل المراحل والمنعطفات التي مرت بها البلد في السابق ظل هناك سقف للاختلاف والتباين وظل الرئيس هو نقطة الالتقاء لكل الفرقاء, وكان نهجه دوماً هو أن تأخذ تنازلاً من الطرف الأقوى والحزب الحاكم لصالح إبقاء عملية التوازن والتوافق قائمة خيراً من أن تقابل تصلب الآخر بتصلب تكون فاتورته باهظة على الوطن واستقراره وسلمه الاجتماعي ووحدته الوطنية.
في الأزمة السياسية الأخيرة التي أفضت إلى تأجيل الانتخابات النيابية لعامين آخرين وفق اتفاق فبراير الماضي بدت البلد وكأنها تسير إلى وضع غير معهود, وبدا ذلك الاتفاق وكأنه هروب إلى الأمام من كافة الأطراف وتأجيل لأزمة معقدة , وهاجس القلق إزاء ذلك مرده إلى أن الأطراف التي توافقت على التأجيل كان أولى بها أن تتفق على الشروع في العملية الانتخابية , وضاعف من حالة القلق التطورات اللاحقة التي أدت إلى عدم التفرغ للشروع في عملية الإصلاحات المتفق عليها نتيجة اندلاع الجولة السادسة من الحرب مع المتمردين في صعدة , فضلاً عن أعمال التخريب التي تقوم بها عناصر خارجة على النظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية.
بعض الأطراف السياسية ذهبت إلى الجزم بأن الاختلاف الراهن لم يعد له سقف وأن النظام السياسي قد تخلى عن النهج الذي ميز ثلاثة عقود مضت من عهده لأسباب عزتها بالغرور والانفراد بالسلطة وتعمد إقصاء الآخرين أو من كانوا شركاء المرحلة السابقة, وراحوا يبشرون بصوملة وحرب أهلية قادمة و..و إلخ .
غير أن الدعوة التي أطلقها الرئيس علي عبدالله صالح من أجل حوار سياسي جاد ومسؤول والرسالة التي وجهها إلى رئيس مجلس الشورى متضمنة الدعوة إلى بدء حوار وطني يوم 26 ديسمبر القادم تحت قبة مجلس الشورى تشارك فيه قيادات الأحزاب والمنظمات المدنية ورؤساء الكتل البرلمانية وأمناء المحليات والعلماء والشخصيات الاجتماعية جاءت بمثابة بارقة الأمل للانفراج وصفعة لكل المبشرين بالانفجار.
رسالة الرئيس تناولت حيثيات الدعوة من كونها استشعاراً بالمسئولية الوطنية والدستورية واستجابة لكافة الدعوات المقدمة من القوى الخيرة في المجتمع ونظراً لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا..ومسألة الإشارة إلى الاستجابة لكل دعوات القوى الخيرة هو دليل على عدم تصلب القيادة السياسية تجاه ما يتصل بمصلحة الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وتنميته. ودليل على حكمة وإدراك بأن حسم القضايا العالقة ومعالجتها سيكون الرهان فيها هو التوافق وليس الظروف الإقليمية أو الدولية ومواقف الآخرين.
وهذا الموقف الشجاع والمسؤول الذي يراهن على شركائه في هذا الوطن ولا يراهن على الآخرين لمعالجة القضايا الوطنية , نأمل أن يقابله موقف شجاع ومسؤول من الأطراف الحزبية والسياسية الفاعلة ليراهن أيضاً على التعاطي بواقعية وليس على مصادرة حق الآخر, وعلى المواقف التي تصدر من خارج المنظومة الوطنية وخارج المطبخ السياسي والحزبي اليمني.
وإذا كانت القيادة السياسية قد أثبتت من جانبها بأن سقف الاختلاف والاحتقان ليس فضاء مفتوحاً وأن هناك خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه هو المصلحة الوطنية العليا, فإن المنتظر من أطراف المعارضة الفاعلة أن يكون لها من المسؤولة نصيب.
[email protected]