عبدالملك الفهيدي -
تقرير (هيومن رايتس) أمر دبر بليل!!
لا شك أن أقل توصيف يمكن استخدامه بشأن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش أنه ( أمر دبر بليل ) ليس لاعتماده على معلومات مغلوطة وخاطئة ومجافية للحقائق على أرض الواقع فحسب، بل لأن الآلية التي أعد بها التقرير تكشف عن سبق إصرار وترصد من قبل القائمين على المنظمة ومن شاركهم في إعداد التقرير على إدانة الدولة اليمنية تحت مسمى الانتهاك لحقوق الإنسان .
لا داعي للتذكير بأن هيومن رايتس ساوت في تقريرها بشأن حرب غزة بين جرائم دولة الاحتلال الصهيوني وبين أعمال المقاومة الفلسطينية في غزة حتى يتبين لنا أن المسألة لا تتعلق بالحرص على حقوق الإنسان بقدر ما تهدف إلى استخدام الموضوع لأغراض سياسية معروفة .. لكن من المهم الإشارة هنا إلى أن تقرير المنظمة بشأن اليمن يفتقر إلى المصداقية اعتماداً على حقائق كثيرة أهمها الآلية التي أعد بها التقرير من ناحية، وتعمده إغفال المعلومات التي زودته بها الجهات الرسمية .
إن ما يدحض مصداقية التقرير هو اعتماده في جميع المعلومات على شخوص ذوي مواقف سياسية محددة مسبقاً، فضلاً عن كون العمل في إعداد التقرير تم بشكل شبه سري حيث لم يعرف متى بدأ العمل فيه والفترة التي خصصت لجمع المعلومات .
ومن ناحية ثانية فان تعمد التقرير التعاطي مع أحداث التخريب والشغب والفوضى وأعمال العنف لما يسمى بالحراك من منظور حقوقي وإضفاء صفات الطابع الحقوقي المجرد على تلك الأعمال التخريبية يشير إلى وجود أهداف سياسية وراء هذا العمل، وهو ما يؤكده مضمون التقرير الذي لم يكتف باعتماد معلومات مضللة حول أحداث التخريب والعنف في بعض المحافظات الجنوبية بل اعتبر الدعوات الانفصالية من قبل قيادات ما يسمى بالحراك وكأنه عمل مشروع .
إن خطورة ما تضمنه تقرير هيومن رايتس ليس محاولته الإدانة المسبقة وغير المشروعة لإجراءات الحكومة اليمنية ضد خارجين على القوانين والأنظمة فحسب،بل محاولته التدخل في شؤون اليمن عبر اعتبار الدعوات الانفصالية التي تنادي بها عناصر ما يسمى بالحراك وكأنها تدخل في اطار الحقوق المكفولة ،وهو أمر يؤكد وجود أهداف ونوايا مبيته من قبل المنظمة ومعدي التقرير ليس تجاه الحكومة اليمنية بل وتجاه ثوابت الشعب اليمني برمته .
وبالإضافة إلى ذلك فإن طريقة تعامل مسئولي المنظمة مع المعلومات التي زودوا بها من قبل المسئولين في الحكومة وتجاهلهم لها من ناحية، وإسراعهم في نشر التقرير دون تضمين تلك المعلومات يؤكد أن القائمين على المنظمة فعلوا ذلك عن سبق إصرار وإلا فلماذا طلبوا اللقاء رسمياً بمسئولي الدولة ثم عمدوا إلى تجاهل المعلومات التي حصلوا عليها منهم، في التقرير وكأنهم بذلك إنما حاولوا إضفاء نوع من الشرعية على تقريرهم بحجة أنهم لم ينشروه إلا بعد السماع للسلطات الرسمية ممثلة بالمسئولين والوزراء الذين التقوهم .
وليس من المبالغة القول إن تعاطي التقرير مع موضوع الحقوق والحريات بعيداً عن ربطها بالمسئوليات القانونية التي تحددها نصوص الدستور والقوانين اليمنية يؤكد أن أهداف هكذا تقرير بعيدة كل البعد عن المفاهيم السامية لحقوق الإنسان التي ترتبط بحقوق وواجبات تشرعنها نصوص قانونية في كل دول العالم واليمن ليس استثناءاً منها .
والخلاصة أنه لو لم يكن تقرير هيومن رايتس قد اعتمد على التضليل والمعلومات المغلوطة فيكفي التأكيد على عدم مصداقيته وموضوعيته تعاطيه مع دعوات الانفصال وكأنها حق مشروع ذلك أن هذا التعاطي يجعل من التقرير ومعديه والمنظمة في موقف العداء مع الشعب اليمني كونها تمثل تعدياً على أهم وأقدس الثوابت الوطنية والمتمثلة في وحدة الوطن التي أزهقت من أجلها الدماء واستشهد في سبيلها الآلاف .
ختاماً فإن من يحاول شرعنة الدعوات الانفصالية أكان تحت مسمى الحقوق والحريات، أو جاء بلبوس حرية التعبير، أو بأي مسمى كان يضع نفسه موضع العداء مع الشعب اليمني وليس مع حكومته فحسب، بل ويعكس صورة حقيقية لمحاولة التدخل في شئون اليمن وهو أمر مرفوض دستورياً وشعبياً ورسمياً ولا يمكن السماح به .