-
الشورى.. حوار العقلاء
بعد أيام قليلة تبدأ أعمال جلسات الحوار بين الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الشورى وأمناء عموم المجالس المحلية في المحافظات والشخصيات الدينية والاجتماعية المؤثرة في الساحة الوطنية تنفيذاً للرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية منتصف الأسبوع الماضي لرئيس مجلس الشورى الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، والتي تضمنت دعوة صريحة للحوار تحت قبة مجلس الشورى لمناقشة مجمل القضايا الوطنية المتعلقة بالراهن الوطني والمستقبلي تحت سقف الوحدة والدستور والالتزام بالثوابت الوطنية، وبما يؤدي إلى تعزيز تماسك الجبهة الداخلية وتهيئة مناخات العطاء الذي يصب في بوتقة التقدم للوطن والنماء للشعب..
دعوة رئيس الجمهورية لعقد الحوار تحت قبة مجلس الشورى تكتسب أهميتها من كونها أولاً تعكس حرص فخامته الدائم والمستمر على إعلاء شأن الحوار واعتماده أسلوباً أوحداً لحل مجمل الإشكالات الوطنية بعيداً عن لغة الغل والقطيعة..، والمضي نحو تكريس قيم التعاون والألفة كتجسيد حقيقي لأحد أهم الثوابت التي تثري مسيرة الوطن، وتنضج تجاربه القائمة، وتؤكد سلامة نهجه الديمقراطي الصاعد..، وثانياً من كون مجلس الشورى يضم بين جنباته خيرة القيادات السياسية التي أثرت الحياة السياسية والمدنية ومازالت..، وهي القيادات التي توازن الأمور بعين العقل وتنظر لمجمل القضايا الوطنية ببصيرة وخبرة وطول مراس..
اختيار فخامة رئيس الجمهورية لمجلس الشورى لعقد الحوار وإشراك أعضائه في مداولاته وجلساته لا يعني غير شيء واحد وهو إشراك العقلاء الذين يجمعون بين الخبرة والقيادة ولا تزال تملأهم روح الشباب المتقدة بالعطاء..، وهم الذين لا يهادنون في الحق ولا يمالون على حساب الحقيقة.. أو على حساب الوطن ومصالح أبنائه.. يحق علينا أن نصفهم بحكماء الوطن كونهم يحملون في عقولهم هم الوطن وتطلعات أبناء الشعب..، وتعتمل في أفئدتهم شجون الواقع وتحديات المرحلة التي تشهدها البلاد..
لم يعد أمام القوى السياسية اليوم وطاولة الحوار هي مجلس الشورى إلا أن تتخلص من لغة التأزيم التي اعتمدتها وألفتها في المرحلة السابقة وتتحرر من حبائل الأمس وتجاربه البائسة..، وتدرك أن شرف الانتماء للوطن والحديث بلسان جماهير الشعب يحتم عليها تصحيح مواقفها القائمة والابتعاد عن التعصب الذي لا يثمر إلا الشر.. لتكن اللغة الوحيدة التي تعتمدها الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية هي لغة القبول بالآخر بعيداً عن إطلاق الأحكام المسبقة أو السير وراء احتراف الإثارة والتهييج وتصنُّع البطولات الزائفة..
ويقيناً فإن الشعب لن يرحم من يسعى إلى ممارسة الشطط والغلو أو يعمل على جعل الوطن ساحة ملتهبة لأفكار غريبة تضر بالوطن ومصلحته العليا.. الوطن ملك كل أبناء الشعب وليس ملكاً لأحزاب اللقاء المشترك أو للمؤتمر الشعبي العام والمسؤولية الوطنية تقتضي من مختلف الأحزاب ومن كل شرائح وفئات المجتمع الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة الهم الوطني والمستقبلي ووضع الحلول والمعالجات لمجمل الإشكالات القائمة.. والتوصل إلى إقامة علاقات شراكة وطنية متوازنة همها في الأول والأخير هو الوطن ثم الوطن ثم الوطن..
إفتتاحية صحيفة تعز