عبد العزيز الهياجم -
ما يثير الغرابة
الضربات الموجعة التي وجهتها الأجهزة الأمنية اليمنية لعناصر القاعدة ولقي فيها العشرات من قيادات وعناصر التنظيم مصرعهم نتيجة العمليات الاستباقية والوقائية في أرحب وشبوة وأبين وأمانة العاصمة تعكس تحولاً نوعياً في المواجهات مع العناصر الإرهابية التي سعت إلى استغلال الظروف التي تواجهها البلد والمواجهات الدائرة مع عناصر التمرد في صعدة وحرف سفيان.
وبحسب المراقبين فإن النجاحات التي تحققها الحكومة اليمنية في الحرب على الإرهاب وانحسار العمليات التي تنفذها عناصر القاعدة قياساً بما كان عليه الأمر في السنوات السابقة يعود إلى الاستراتيجية الجديدة والتي تشكل العمليات الاستباقية والوقائية عمادها وهو ما مكن من إحباط عمليات كانت تستهدف منشآت حكومية ونفطية ومصالح أجنبية وسفارات غربية إضافة إلى استهداف عدد من القيادات العسكرية والأمنية.
لكن اللافت في تداعيات هذا المسار هو التوافق الذي بدت عليه قيادات القاعدة وأولئك الذين يقفون وراء أعمال خارجة على النظام والقانون ورموز المخططات التآمرية في صورة تعكس حجم المأساة والانحدار والسقوط المريع لمن جندوا أنفسهم للشيطان ولكل ما من شأنه الإضرار باليمن ووحدته وأمنه واستقراره ومصالحه العليا.
فبالعودة إلى شهر مايو الماضي نشرت المواقع الإخبارية تصريحات للقيادي في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ناصر الوحيشي والذي لقي مصرعه في الضربات الأخيرة عبر فيها عن دعم القاعدة لما يعرف بـ"الحراك" أو الذين يقومون بأعمال خارجة على النظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية.. وجاءت المعاملة بالمثل عبر أولئك الذين تباكوا على عناصر القاعدة وأدانوا الضربات التي استهدفت أوكارهم.
وما يثير الغرابة هو أن تلك الأصوات التي تأتي من الخارج مدافعة عن عناصر القاعدة ومتضامنة معها، هي نفسها التي كانت بالأمس وتحديداً عندما كانت في مواقع مسئولية في السنوات الأولى للوحدة لا تنفك عن رفع تقارير لدوائر أجنبية وغربية تتضمن مزاعم بأن اليمن بيئة حاضنة للإرهاب ووكر للعناصر الإرهابية ولما كان يعرف حينها بالأفغان العرب، وصحيح أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن شيئاً من ذلك كان حاصلاً ولكن ليس بالصورة التي كان يرسمها أولئك والتي كان لها أضرار سلبية على البلد ومواقف الآخرين منه.
ولأن أصحاب المشروع الانفصالي الخاسر يعزون جزءاً من أسباب اندحارهم إلى ما كانوا يعتبرونه التيار الأصولي المتطرف الذي حارب الماركسية والشيوعية.. فإنهم اليوم ومن خلال مواقفهم التي عبروا عنها قد عقدوا العزم على وضع أيديهم الملطخة بالدماء والأشلاء مع أيدي العناصر الإرهابية الملطخة أيضاً بالدماء والأشلاء ليشكلوا معاً توليفة من مخطط عنف وإجرام وتآمر على هذا البلد ووحدته الوطنية وأمنه واستقراره وتنميته.
وهذه التوليفة المتآمرة تستغل للأسف الشديد مشاعر الناس واحتجاجاتهم على ممارسات وتصرفات خاطئة لا أحد يمكن أن ينكرها، ليغذوا مشاعر الكراهية والحقد والبغضاء بين أبناء البلد الواحد.
ولأن من واجب الجميع الاصطفاف في مواجهة كل تلك المخططات الخبيثة فإن تفنيد تلك الدعاوى التي يقدمون أنفسهم من خلالها كملائكة رحمة وطريق خلاص في مواجهة الظلم والفساد والتجاوزات تقتضي أن يكون هناك إجراءات حاسمة ضد وباء الفساد وضد أي عابث بمصالح الوطن والمواطن وضد أي متنفذ تشكل ممارساته الفردية والغوغائية نافذة تتسلل عبرها دعاوى من يسعون إلى تمزيق الصف والتشدق بشعارات توحي بأن هناك ازدواجية في التعاطي مع أبناء هذا الوطن الواحد ومناطقه المختلفة.
[email protected]