فيصل الشبيبي -
ما هكذا تُبنى الأوطان!!
كنتُ أتمنى – ولا أزال – على الذين لا ينظرون إلاّ إلى النُصف الفارغ من الكأس ، أن تكون نظراتُهم وانتقاداتُهم نابعةً من الحرص على إصلاح الأوضاع وترميم الشروخ وتجفيف منابع الفساد للنهوض بالبلد نحو التقدم والازدهار والتعافي من هذه العلل ، وليس للتشفي والتشهير والتشويه وزيادة الطين بلة ،عن طريق إظهار المساوئ فقط واستثمارها لأغراض في نفوسهم هم يعلمونها تماماً ، لذلك يعمدون إلى تكثيف جرعاتهم من الحرب النفسية والبروباجاندا والتركيز على الإخفاقات وتكريس صورة نمطية معكوسة عن اليمن ، في حين يذهب البعض إلى ما هو أبعد فيشيعون الفوضى وثقافة الكراهية والمناطقية دون النظر إلى الأبعاد التي ستترتب على ذلك في المستقبل..
كما كنت أتمنى أيضاً أن ينظروا إلى النصف الممتلئ من هذا الكأس ، فبقدر ما هناك إخفاقاتٌ فهناك إشراقاتٌ ومنجزاتٌ ، وأن التقليل من شأن بلدهم وموقعها الاستراتيجي ودورها المحوري لا يخدم إلاّ من يريدون لليمن البقاء في عنق الزجاجة لتمرير مخططاتهم وأجندتهم.
ولهؤلاء جميعاً نقول : لن نكون أنانيين وندفن رؤوسنا في الرمال ونتستر على الأخطاء والسلبيات ، فمطلبُنا الأولُ والأخيرُ هو اجتثاثُ سرطان الفساد المستشري في مؤسسات الدولة والذي لن يتم إلا بتضافر الجهود وتفعيل النظام والقانون ، واختيارُ الرجل المناسب في المكان المناسب ، والقضاءُ على الرشوة والمحسوبية واعتمادُ مبدأ الثواب والعقاب.
وفي المقابل ليس من المعقول ولا المنطقي بل والأخلاقي أن تكون هذه السلبيات مُبرراً للانتقاص من هيبة الدولة أو إضعافها ، فجميع المؤسسات واقفة على أقدامها ، وإن شابها بعضُ القصور والخلل فلا يعني ذلك تصويرها وتأطيرها في تلك الأطر غير العقلانية ، وبهذا القدر من الإجحاف الذي يفتح من شهية المتربصين- لحشر أنوفهم واشتمام الثغرات التي يمكنهم الولوج منها ، وإن كان هؤلاء المتربصون يُدركون تماماً مدى حجم اليمن وقوته وأهميته أكثر من المرجفين أنفسهم.
ومما يؤسفُ له أيضاً تجييرُ المعالجات التي انتهجها النظام في قضايا كبيرة كتمرد الحوثي ومحاصرة الأفكار المتطرفة على أنها ناتجة عن ضعف وليس من باب الحكمة والتسامح على أساس أنه يتعامل مع مواطنين يمنيين ، مع يقينهم بأن الدولة قادرةٌ ومنذ الوهلة الأولى على طي تلك الملفات نهائياً لو أنها استخدمت القوة المفرطة ، وها هم يرون بأم أعينهم عندما اضطرت الحكومة لمواجهة هذه القضايا بالحسم العسكري كيف تحققُ نجاحاتٍ كبيرةً على جميع الصعد رغم التدخلات المكشوفة والمشكلات الاقتصادية.
أخيراً .. إذا كنا نُحبُّ اليمن فعلاً – وهذا ما نعتقده – فيجب علينا جميعاً أن نسمّي الأشياء بمسمياتها ونضع النقاط على الحروف ونجعل من الحزبية وسيلة وليس غاية ، فالوطنُ أكبرُ وأغلى وأسمى وأجل من أن تطاله أيادي العابثين ، والحفاظُ عليه وبناؤه واجبُ الجميع ، وما هكذا تُبنى الأوطان يا أهل الحكمة والإيمان.
[email protected]