كلمة الثورة -
لماذا التباكي على الإرهاب؟!
من المؤسف والمؤلم أن تختلط لدى البعض المفاهيم إلى درجة يصبح فيها غير قادر على التمييز بين الحق والباطل، وبين الجائز وغير الجائز، وبين ما فيه صلاح للبلاد والعباد ونوازع الشر، التي تهدف إلى إحلال الخراب والدمار والقتل واستباحة وسفك دماء أبناء هذه الأرض الذين حملوا رسالة النور والإيمان والعدل والسلام والهداية والتوحيد إلى أصقاع المعمورة.
ويصبح الأمر أكثر مدعاة للاستغراب، عندما تنحرف البوصلة ببعض العلماء وتختلط الأمور لديهم بصورة تدفع بهم إلى التباكي على عناصر الإرهاب من تنظيم القاعدة بشكل لم نجد له تفسيراً ولا مستنداً، لا في كتاب الله الكريم ولا في سنة رسوله اللذين قال فيهما صلى الله عليه وسلم "لقد تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، كتاب الله وسنتي".
وإلى جانب كل ذلك فإن علماء الأمة يجمعون على أن الإرهاب سرطان خبيث وفعل لعين، لا ينبغي التهاون أو التهادن معه لكونه من الرذائل الماحقة التي أساءت للإسلام وأبنائه، وشوهت نقاء العقيدة، مما يجعل من يرتكبون أعمال الإرهاب خارجين على إجماع الأمة التي لا تجيز قتل النفس التي حرم الله دون حق، واستباحة الحرمات وسفك الدماء، ونشر الموت والخراب في الأرض وهدم العمران واشعال نار الفتن والبغضاء بين أبناء المسلمين من قبل فئة ضالة استمرأت الغواية والإجرام دون وعي منها بخطورة ما تقترفه من جرائم بحق أوطانها ومجتمعاتها.
والأكثر غرابة وإيلاماً أن يتباكى بعض العلماء على العناصر الإرهابية، التي قامت الأجهزة الأمنية بضربها في أوكارها وافشال مخططها البشع، الذي كانت قد جهزت له لاستهداف عدد من المنشآت العامة والمدارس والمصالح اليمنية والأجنبية.
فهل كان يريد هؤلاء العلماء من الأجهزة الأمنية المعنية بحماية أمن واستقرار المجتمع الانتظار حتى تحل تلك الكارثة ويغرق الوطن في مآسيها، وينتشر الحزن والخوف في كل قلوب أبنائه؟.
وهل كانوا يريدون أن تتحول العاصمة صنعاء إلى مدينة هلعة يلفها الدمار والخراب، ويتخبط سكانها بين الأشلاء والدماء.. فيندب هذا أحد أبنائه وذاك يبحث عن بقايا منزله، وآخرون يرفعون الركام بحثاً عن أطفالهم الذين لم يعودوا إلى منازلهم..؟.
ماذا كان يريد هؤلاء العلماء من تباكيهم أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحفيين كما شاهدناهم وقرأنا بياناتهم، هل كانوا يريدون أن يتحول هذا الوطن إلى قربان للإرهاب وأن يتكالب عليه الشرق والغرب ويتغذى كل حاقد بآلامه وجروحه ومآسيه..؟.
وهل كانوا يريدون أن تتجمع السحب الداكنة في سماء هذا الوطن كما حدث في كثير من المواطن الإسلامية، كالصومال وأفغانستان وغيرهما؟.
وهل كانوا يريدون أن يصبح الإرهاب البعبع الذي يضرب عمق هذا المجتمع ويحول كينونة أبنائه إلى كينونة منكسرة وراضخة..؟.
وماذا كانوا يتوقعون من كل حر أصيل حريص على وطنه وحماه، هل الصمت والتغاضي وغض الطرف عن الإرهاب الذي يستهدف معتقده ووطنه وأمن مجتمعه؟، أم يقف مكتوف اليدين والآثمون الإرهابيون المخالفون لإجماع الأمة، يعدّون العدّة، لارتكاب المذابح وإهلاك الحرث والنسل..؟.
وهل كانوا يريدون من اليمنيين التخلي عن ولائهم لوطنهم رغم أن ذلك المبدأ هو واجب شرعي وفريضة دينية وتكليف مقدس..؟.
ولماذا يتباكى هؤلاء العلماء على الإرهابيين الذين خرج بعضهم من تحت عباءتهم وتأثر بفتاويهم التحريضية على العنف والتشدد والتطرف، هل أرادوا بذلك أن يكونوا غطاءً لأولئك القتلة والسفاحين، الذين عاثوا في الأرض فساداً وترهيباً فيما صمت هؤلاء العلماء صمت النيام ولم يبدوا موقفاً أو يحركوا ساكنا تجاه الأفعال الإجرامية لعناصر فتنة التمرد والتخريب ومشعلي الفتن وتجار الحروب من انفصاليين متآمرين ومرتزقة عملاء متعطشين للدماء والقتل والنهب؟
ولماذا صمت هؤلاء العلماء وتخلوا عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمام تلك المواقف والرؤى غير الوطنية وغير الوحدوية وغير الديمقراطية الداعية إلى الفرقة وهم من يدركون أن الوحدة ضرورة وطنية ودينية أكدت عليها شعائر (الصلاة والحج والصيام)، وأن الوحدة أيضاً هي مكسب وطني وإنجاز تاريخي يزهو ويفتخر به كل يمني، فالحقيقة أنه ليس من الحصافة ولا الإنصاف ولا اللائق أيضاً أن تمر علينا كل هذه التساؤلات دون أن نجد لها الإجابات الصحيحة، خاصة في ظل تلك الطروح التي أظهرت بعض العلماء وهم يتباكون على شرذمة إرهابية خانت الله ورسوله وأمة الإسلام، ويعلمون علم اليقين أن من يقتل النفس التي حرم الله، ويعتدي على حرمات المسلمين لا يمكن أن يكون مسلماً أو مؤمناً أو يحمل ذرة من الإيمان، حتى وإن تنطع تزلفاً وتضليلاً وبهتاناً بالإسلام وأن من يقوم بتفجير نفسه في الطرقات الآمنة والمنشآت العامة لإزهاق أرواح الأبرياء، لا يمكن أن يكون على ملة الإسلام ونهجه القويم الذي ينبذ التطرف والعنف والتعصب والغلو.
وكيف لأولئك العلماء الذين يتباكون على عناصر الإرهاب أن يبرروا الجرائم والدماء البريئة التي سفكت من قبل تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية، والتي أودت بحياة المئات من اليمنيين والأجانب؟.
وأي حجة يتخذونها لتبرير سكوتهم أمام الأضرار الاقتصادية التي تسببت فيها الأعمال الإرهابية للقاعدة منذ عام 1992م وحتى الآن.. والتي كان من نتائجها توقف السياحة وحركة الاستثمار وفقدان عشرات الآلاف من المواطنين اليمنيين لمصادر رزقهم.
ولماذا تناسوا التشويه البالغ الذي تعرضت له سمعة اليمن وأبنائه في العالم جراء الأعمال الإرهابية؟.
فهل يستطيع هؤلاء العلماء الاجابة على هذه التساؤلات والافصاح عن الأسباب التي حالت دون قيامهم بمسؤولياتهم حيال مخاطر الإرهاب وما هو الدافع لتباكيهم على عناصر الإرهاب الذين كان من المفترض أن يكونوا أول من يدعو الناس إلى مواجهتهم والتصدي لجرائمهم المنكرة واغوائهم للسذج والبسطاء ودفعهم إلى محرقة الإرهاب.
وهو تقصير سيحاسبون عليه أمام الله لكونهم الذين تركوا واجباً شرعياً وغلبوا أهواءهم بدلا عن نصح الأمة وتحذير أبنائها من خطر الإرهاب الذي إذا ما حل في بلد إلا وركضت الشياطين للعبث به وتدميره.
وهو ما لا يرضاه أي وطني أو مسلم غيور على دينه وبلاده وهي الحقيقة التي تتجلى اليوم في أنصع صورها في وقوف كل اليمنيين في وجه الإرهاب وشروره مؤكدين بالقول والعمل على أن لليمن شعباً يحميه!!.