محمد قاسم/ايلاف - لصوص المقالات والقصائد والحوارات اللصوص أنواع؛ منهم مَن يتقن حرفته ويخطط لها بمهنية عالية تبعد عنه الشبهات بعيدا جدا حدّ أن تدور على ضحيته.
ومنهم مَن لايعرف من اللصوصية سوى النهب والهرب وهو لص غشيم يترك الادلة تتزاحم خلفه يه.
ومنهم من يدور بين المحترف والغشيم لينجو حينا ويسقط احيانا.
لكن مايجمع هؤلاء هو اشتراكهم في الفشل الذي يحاولون اثبات عكسه بفعل السرقة.
يبدو ان كل لص يسعى لسرقة مايفشل في الابداع فيه. وأبرزههم لصوص النصوص الذين يتزايدون كل يوم بتزايد وسائل النشر الالكتروني والورقي التي جلبت لنا كتابا وشعراء يتقافزون كالقرود من موقع لاخر ومن جريدة لاخرى يتسابقون بكثرة النصوص التي تنشر لهم في اليوم الواحد، مستغلين جهل المشرفين على تلك المواقع والصحف بحرفة الكتابة واصولها والمتابعة. فصرنا نرى مقالات وقصصا وقصائد تعج بالاخطاء النحوية ناهيك عن افتقادها لومضة ابداعية؛ تجد من يحتفي بها من نقاد الجهالة في تلك الصحف والمواقع ايضا.
وحين تمعن القراءة في تلك النصوص لاتستطيع اكمالها دون نوبة من غثيان. أما الصالح منها فهو أما بفكرة مسروقة او بمقاطع مجتزأة من نص لكاتب زاهد بحمى النشر لايتردد اللص بنسبها لنفسه في أكثر من مناسبة.
لكن الوقاحة تبلغ مداها حين تتم سرقة نصا بالكامل في وضح النهار لايكلف اللص نفسه سوى كتابة اسمه او اسم مستعار يختبيء تحته ككاتب للنص، غير مبال هو ومن ينشر له بصرخة من شاعر او كاتب على نصة المسروق امام عينيه دون ان يتوقف احد لفضح هذه الظاهرة التي نشترك في تناميها بسكوتنا عليها.
***
اللصوص أنواع ولصوص النصوص أنواع ايضا.
منهم من هو شاعر مسحور بالاضواء ومأخوذ بالجوائز العالمية لايتوانى عن سرقة تجربةٍ يصغره صاحبها بنصف عمره او اكثر مستفيدا من سند الدعاية له وهالة اعلامية يتمتع بها تكذب كل ضحية زاهدة بالاضواء.
ومنهم شعراء وكتاب صغار السن والتجارب يسطون على تجارب اكبر منهم ليلفتوا لهم الانظار والاضواء، دون أن يعلموا انهم بفعلهم هذا تلتفت الانظار لسرقاتهم.
ومنهم شعراء وكتاب ظهروا فجأة في بلدان اوربية يكتبون نصوصهم بلغاتها لم يمضوا فيها سوى سنوات لاتزيد عن اصابع اليد الواحدة سيتضح حين التدقيق في نصوصهم الاجنبية ان بعضها مبني على سرقات من قصائد وقصص لمبدعين عرب ذنبهم زهدهم بالاضواء فبات نتاجهم نهبا لنصوص تُنسب لمبدعين كذبة؛ مستعينين بمترجمين زاهدين ايضا فيغدو الثمر نصا مسروقا وترجمة لمجهول يتطاول احد اللصوص كمبدع لهما في بلاد اجنبية.
ومنهم من يملك مالا كثيرا يشتري به ادبا يقتقده من كتاب لايتوانون عن بيعه!
لكن الاخطر من هؤلاء هم لصوص الاسماء الذين يكتبون نصا شتاميا لغايات حقيرة ينسبونه لشاعر او كاتب معروف ويرسلونه لصحف ومواقع شتى تتحمل مسؤولية نشره دون تدقيق خاصة انه يحوي اتهامات وشتائم للاخرين بلغة سوقية.
ومع هؤلاء جموع من اللصوص الذين انعم عليهم الانترنيت بفرص كبيرة لممارسة مالايبدعون بسواه.
***
ترى كم من السرقات تحصل كل يوم ومااسهلها فما على اللص سوى قص رأس النص وجناحيه ليلصق اسمه مع مقدمة واهية وعنوان جديد ويرسله لعشرات من الصحف لاتتابع او تدقق بالمواد المرسلة اليها متوسلة النشر.
ومن نماذج هذه اللصوصية ماحدث يوم يوم السبت 13 اذار / مارس2004 حيث سطى اللص المدعو مصطفى عمارة على لقاء اجراه الشاعر والصحفي عبد الرحمن الماجدي مع الكاتبة الفلسطينية المقيمة بدمشق نعمة خالد لجريدة ايلاف ومنشور منذ يوم الاحد 8 فبراير/ شباط 2004، ومازال منشورا في القسم الثقافي في ايلاف. لم يغير اللص سوى عنوان اللقاء بجملة من اللقاء ايضا، تاركا نص اللقاء كما هو ليرسله الى جريدة الزمان وينشره الزملاء هناك باسمه دون ان يكلف احد منهم عناء البحث عن الكاتب او قص أي جملة من نص اللقاء وادخالها لاي محرك بحث على الانترنيت ليجد كل تفاصيل اللقاء وكان ساهم بمنع سرقة في وضح النهار.
حسنا فعل احد المواقع بتأسيس باب خاص بالسرقات الادبية كما كانت تفعل مجلة الناقد المأسوف على توقفها. وهي مبادرة اقترح ان تجد لها مكانا في كل جريدة او مجلة او موقع الكتروني لعلها تساهم في التقليل من هذه السرقات وفضح ابطالها المعلومين والمجهولين.
|