فائز سالم بن عمرو -
حضرموت ومؤتمر الحوار الوطني.. علاقة الحياة والتنمية
لم يطغ على المشهد السياسي والإعلامي والفكري في محافظة حضرموت في الفترة الأخيرة واستطاع أن يكون المشهد الأساس مثل قضية الحوار الوطني التي دعا لها رئىس الجمهورية، لقد تداعت كافة أطياف المجتمع وشرائحه تقيم هذا الحوار وتحلل أسبابه وترصد نتائجه حتى لم يخلُ مجلس أو مؤسسة إلاّ ويناقش أبناؤه هذه القضية.
لقد فسر أحد المتحدثين تلهف أبناء حضرموت على الحوار والترحيب به بقوله: إن حضرموت لا تحيا وتزدهر إلاّ في الأجواء الحوارية والتوافقية وتختفي ويخفت دورها في أجواء الصراع والخلاف وعدم الاستقرار، وهذا تحليل يصدقه الواقع ويؤكده التاريخ، فأبناء حضرموت ونخبها ومؤسساتها اعتادت على التناطح بالعقول والكلمات والحوار لأنها عاشت فترة في ظل النظام الشمولي في الشتات والغربة القسرية.. في ذلك النظام الشمولي لم يكن يسمح إلاّ بتناطح العجول.. فلا صوت يعلو فوق صوت الحزب الشمولي الواحد الأحد.. لقد أخذ الحوار على الحوار في حضرموت طابعاً رئىسياً وأفقياً والبعض اتصف منه بالسطحية والكثير منه غاص إلى الأعماق واستطاع أن يصل إلى الحلول التوافقية ويرفض من يضع الشروط ويقدم العوائق إذا لم يتحقق كل مايريده..
من أهم النقاط والقضايا والحلول والمعالجات التي تمت في هذه الحوارات الآتي:
- إن الدعوة للحوار الوطني التي أطلقها فخامة الرئىس هي استجابة للغة العقل وامتداد لنهج سار عليه فخامته في فترة حكمه وهو تقديم الحوار وصوت العقل على صوت المدفع والدبابة.. والأمر الثاني المراد من الحوار هو وضع الجميع أمام الاستحقاقات الوطنية ورفض التفرد في القضايا الكبرى وأي تفسيرات ضيقة أو نظرات سلبية تعتبر اغتيالاً ووأداً لدعوة الحوار قبل أن تبدأ، فنجاح الحوار نجاح لليمن وبفشله يفشل الجميع.
- يجب أن تكون قضية التنمية ومحاربة الفساد هي جوهر الحوار وأن تكون حاضرة في كل القضايا التي يتناولها المتحاورون، لأن العملية الديمقراطية بدون تنمية تفقد قيمتها وتصبح بلا روح وجوهر، كما أن الخلط بين القضايا التنموية والسياسية والتعامل مع هاتين القضيتين المختلفتين معاملة واحدة يؤدي إلى اضعاف الحوار وإفشاله.
- الابتعاد عن عقلية المساومة ومبدأ الربح والخسارة، فنظرية إما أن اكسب كل شيء أو يخسر الجميع، انتحار سياسي ونحر للوطن وقضاياه يجب تحقيق مبدأ العقلانية في الحوار، بمعنى تشخيص الآراء والعمل على دراسة الحلول للوصول إلى نتائج مرضية.
- يجب التسليم بأننا جزء من العالم وليس جزءاً من الماضي.. فالماضي لن يعود كما يتوهم البعض وإذا عاد سيعود إلى القرون الوسطى، فالمراهنة على المشاريع الخارجية والمشاريع في المنطقة وتبني البعض لهذه المشاريع وإعطاؤها المشروعية وترويجها للناس والقبول بها من غير حياء ولا خجل وتبجح.. قبول بالعمالة والارتهان للمستعمر.
- الأحزاب هي المسؤولة الأولى عن انجاح الحوار ومناقشة القضايا الوطنية لأنه في النظام البرلماني هم يمثلون الشعب ويكونون المعبرين عنه في البرلمان.. لكن المشكلة ان منظومة الأحزاب معطوبة لأنها قامت على مرجعيات غير ديمقراطية.. وللأسف، بعضها قام على أهداف غير وطنية فهي لاتهتم بالقضايا الوطنية والنظر إلى الوطن بمفهوم عام وتنظر للحوار موسماً للكسب وتحقيق مكاسب وتقاسم سلطة.
- ترويج الثقافة غير الديمقراطية في الأحزاب والجماعات يجعلنا ننظر إلى الحوار على أنه توزيع السلطة بين المتحاورين، فالأحزاب إذا فشلت في الانتخابات ترفض نتائجها لأنها لم تؤد بها إلى السلطة ولذلك تطالب بالحوار من أجل إرجاعها إلى السلطة.
- يجب أن يتم الحوار في القواعد وينطلق من القاعدة إلى الهرم وأن يعالج القضايا الوطنية و المحلية، ويعتبر الأخ الرئىس الضمانة الحقيقية للحوار.. والبحث عن مرجعيات خارجية وضمانات من خارج الوطن دعوة للتدويل والاستعمار الجديد.
- التأكيد على أن مصلحة محافظة حضرموت وتطويرها ولعبها الدور الذي يناسب تاريخها ومكانتها العلمية والجغرافية والتاريخية والثقافية يكمن في التمسك بخيار الوحدة المباركة وأن أي مشروع آخر هو تهميش لحضرموت وإقصاء لها ولأهلها ومجتمعها وإعادة لفرض الوصاية عليها وعلى أهلها.
- ضرورة إقامة لقاءات واجتماعات منتظمة إما شهرية أو فصلية تضم كافة الأطراف في المحافظة من أحزاب وجمعيات ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات اجتماعية وقبلية ودينية تناقش أوضاع المحافظة واحتياجاتها وتبحث ماهي الأولويات التي يجب العمل عليها في المحافظة.
- الاستفادة من جو الحوار والنقاش الذي دعا إليه فخامة رئىس الجمهورية وتحويل هذا الحوار إلى واقع دائم وملموس في المحافظة.. وتم الاقتراح ان تتشكل مؤسسة أو هيئة ترعى الحوار في المحافظة وتناقش قضاياها ومتطلباتها وتحدد الأولويات التي تتطلبها والعمل على تنفيذها وتحشيد الرأي العام حولها والاتفاق عليها.{