د/ سعاد سالم السبع -
أين المرأة في الحوار الوطني الشامل؟!!
أتابع هذه الأيام برامج الاستعداد للحوار الوطني الشامل المذاعة عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وأطلع على ما يدور على المواقع الإلكترونية حول اليمن وحوار اليمن، ولم أجد المرأة في هذه الفعاليات ظاهرة، لا في إدارة الحوارات ولا ضمن ضيوف تلك البرامج ولا في الكتابات عن الموضوع، ولذلك يساورني شعور استباقي بأن الحوار الوطني الشامل سيشمل كل الأطراف المتنازعة بعيدا عن المرأة، وكأن المرأة لا يربطها بالوطن أي هم، ولا تربطها بالمتنازعين أية علاقة..
صحيح أن الرجل - مع احترامي للعظماء من الرجال- هو أس البلاء والحروب والنزاعات، وهو المعني الأول بأن يفتش عن حل لما سببه من مآس لهذا الوطن، ولكن المرأة ليست بعيدة عن هذا الرجل بخيره وشره؛ كما إن المرأة هي التي تتحمل نتائج تلك المآسي، وتعاني من الثكل أو الترمل أو اليتم؛ لأنها إما الأم أو الأخت أو الزوجة أو البنت للمتصالحين وللمتقاتلين، وستكون سعيدة بخير الرجل كما هي شقية بشره.
ولأن المرأة شريكة الرجل في الحياة اليومية داخل البيت وخارجه، فهي قادرة على التواصل معه، وتعرف خباياه مهما كان غامضا أو شريرا، وهي قادرة على التأثير في قراراته مهما ظن أنه هو صاحب القرار، وكيفما كانت نظرة الرجل للمرأة، فستظل المرأة جزءا من حياته، ومؤثرة في قراراته بطريقة مباشرة إن أراد، وبطريقة غير مباشرة إن كان متعجرفا.
ومادامت المرأة جزء من الرجل فإنها على معرفة بشخصية هذا الرجل ، وتعرف كيف ستكون حاله في كل مواقعه السياسية والحزبية والاجتماعية والعسكرية.. وغيرها ، وتستطيع المرأة أن تضع بصماتها على قرارات الرجل بأية طريقة، حتى وإن لم يعترف بعض الرجال بدور المرأة.
وفي ظل ما سبق؛ فإن من الحكمة أن تشرك المرأة في الحوار الوطني حتى يكون شاملا، وحتى يحقق الحوار أهدافه الوطنية، فضلا عن أن من حقها أن تشارك لأنها - قبل كل شيء- جزء من هذا الوطن، وعامل مهم في توعية الرجل بما يجب أن يتخذه من قرار في شأن هذا الوطن.
تستطيع المرأة اليمنية أن تشارك بفاعلية في الحوار؛ فمن النساء من تمتلك رؤية عميقة لمشكلات الوطن، قد تساوي –إن لم تتفوق – على رؤية بعض المخضرمين في السياسة، لكن النظرة التقليدية للمرأة على أساس النوع الاجتماعي لا تزال (معششة) في عقول الأغلبية، وإلا فلماذا لا نجد المرأة في القضايا الكبيرة؟ هل هو من باب الرحمة بها من خوض غمار نتائج مشكلات ليست طرفا فيها؟ أم إن السياسيين لا يزالون ينظرون إليها نظرة دونية بأنها (مرة) كما هو معهود؟!!
المرأة يجب أن تكون في واجهة الإعداد للحوار الوطني الشامل مُحاورة في برامج التوعية وضيفة وكاتبة وفي كل وسائل الإعلام، وأن تكون عضوة فعالة في لجان الحوار الوطني الشامل.
المرأة يجب أن تشارك في الحوار من أجل حل مشكلات الوطن حتى وإن كانت ربة بيت، فكثير من القرارات التي يتخذها الرجل للمرأة دور فيها، إن لم يكن الدور مباشرا فهي تمارس دورها المؤثر بطريقة غير مباشرة..
كثير من القرارات العظيمة في العالم كانت من وحي النساء، وكثير من الدول حكمها رجال بقرارات نسائهم، فلماذا تُغيَّب المرأة اليمنية عن الحوار الوطني في هذا الوقت الحرج الذي البلد محتاج فيه لكل العقول النافذة ؟
المرأة المتعلمة العاملة تستطيع أن تشارك مباشرة في الحوار الوطني إذا ما أشركت في لجان الحوار،لأنها على اطلاع بنتائج المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، وعندها إدراك عميق بمستقبل الأجيال القادمة إذا ظلت الخلافات، حتى وإن لم يؤمن بعض الرجال بقوة عقل المرأة وحكمتها،إلا أن هذه هي الحقيقة، لأن المرأة ببساطة أم بالفطرة، تحب السلام ، وتكره العنف، وتبحث عن العدل، وتسعى إلى تربية وطن آمن مستقر.
المرأة اليمنية –حتى وإن كانت ربة بيت- ستشارك في هذا المشروع رغم أنف من لا يقبل مشاركتها؛ وستكون مشاركتها واضحة في نتائج الحوار إن غابت عن مجرياته، فبإمكانها أن توفر الأجواء المناسبة للرجل المحاور في البيت وتثير اهتمامه بالموضوع ، وتلفت انتباهه إلى قضايا واقعية، فيأتي للحوار بذهن صاف، وعقل متوقد يستطيع بواسطته الحوار وتقبل الآخر، وقد تتعمد مضايقة الرجل في البيت، فتجعله يشارك في الحوار وهو كاره لنفسه، وللبيت والوطن، وبالتالي يذهب بنفس كئيبة وعقل عدواني يدفعه للتمسك بمفهوم المثل(علي وعلى أعدائي) ..
المرأة اليمنية إذا لم يبرز دورها في مشروع الحوار الوطني الشامل، وتُفرض مشاركتها بجدية، ويعي الجميع أهمية دورها في حماية الوطن، فلن ينجح المتحاورون، لأن المرأة لها دور في كل ما يحدث ودورها غير المباشر هو الأخطر، فأتمنى أن يوجه هذا الدور ليكون إيجابيا، يدعم مشروع الحوار الوطني الشامل، ويؤدي إلى نتائج ترضي الوطن والمواطن، فيعيد للمواطن أمله في المستقبل، ويعيد لليمن سعادته المفقودة.
[email protected] كلية التربية - جامعة صنعاء