المؤتمرنت - جامعة فرنسية تمنح درجة الدكتوراه للباحث اليمني عبدالغني الحاجبي حصل الباحث اليمني/ عبدالغني غالب حسان الحاجبي على درجة الدكتوراه في الأدب الفرنسي الحديث من جامعة (روان) الفرنسية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف بإجماع أعضاء اللجنة عن رسالته الموسومة : "صورة العربية السعيدة في كتابات الرحالة الفرنسيين منذ عصر النهضة الأوروبية (القرن السادس عشر) وحتى عصر الاستعمار (منتصف القرن التاسع عشر)".
وأثنت لجنة المناقشة على الباحث كونه أول باحث يستهدف هذه النصوص المرتبطة بالجزيرة العربية، وأشادت بجهوده في جمع المادة العلمية، والتي شكلت صعوبة كبيرة في جمعها لندرتها وقراءتها وتحليلها بسبب كونها مكتوبة باللغة الفرنسية القديمة، وهو ما اعتبرته اللجنة خطوة هامة لفتح آفاق البحث العلمي في هذا المجال منوهة بالدور الذي ستلعبه هذه الدراسة في الكشف عن معلومات ونتائج تعزز من جهود البحث العلمي وعلى وجه الخصوص المتعلق بالجزيرة العربية، وفتح آفاق بحثية واسعة، مشيدةً بالمستوى العلمي الذي ظهر في رسالته.
كما عبرت اللجنة عن أهمية هذه الأطروحة الطموحة والسباقة في دراستها لتلك المؤلفات القديمة، وأشادت بالمنهجية التي اعتمد عليها الباحث في رسالته بأفق تحليلي واسع أستثمر من خلاله تلك النصوص ليبلور الصورة التي رسمها الرحالة والمستشرقين الفرنسيين عن الجزيرة العربية من مختلف النواحي ( الأرض، والإنسان، والحضارة، والديانة، والأخلاق، والعادات والتقاليد) وتطور تلك الصورة عبر العصور. كما تطرقت اللجنة إلى قدرة الباحث على استقراء وتحليل التأثير المتبادل بين هذه المصادر وكتابات الأدباء والمفكرين والفلاسفة الفرنسيين كـ (فولتير، وشاتوبرياند، وديديرو، وبارتيليمي ديربيللو، وأنتوان جالان، وبولينفيلييه، وفرانسوا دو بيلفوريه،...الخ) وإسهام هذا التأثير في التطور الإيجابي منذ بداية القرن الثامن عشر (عصر الأنوار الفرنسي) للصورة النمطية التي كانت سائدة لدى الغرب عن بلاد العرب.
فالنظرة العدائية التي كانت سائدة لدى الغرب منذ العصور الوسطى عن الجزيرة العربية كونها مهد الإسلام كان يغذيها كتابات رجال الكنيسة وبعض المؤرخين الغربيين دون معرفتهم الحقيقية بشعب الجزيرة العربية. ومنذ عصر الرحلات الاستكشافية في القرن السادس عشر، أصبح الرحالة الغربيين يكتبون عن ما يرونه ويصادفونه خلال رحلاتهم، وهذا ساهم في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والصور النمطية المتوارثة لدى الغرب عن سكان الجزيرة العربية. وكان الرحالة يندهشون لدى وصولهم إلى شواطئ البحر الأحمر والبحر العربي حيث يلاقون الحفاوة وكرم الضيافة من قِبل السكان والسلطات المحلية، فكان لذلك الترحاب والكرم تأثير كبير في نفوسهم، فيدونون المواقف الأخلاقية الحميدة التي لم يتوقعوا أن يلاقونها لدى سكان الجزيرة العربية. كما أن بعض الرحالة لم تقتصر رحلاتهم فقط على البقاء في المدن الساحلية حيث الأسواق التي كانوا يجدون فيها ما يحتاجونه من البن والتوابل، بل كان البعض لديهم حب الإطلاع والمغامرة والبعض الآخر كان لديهم مشاريع علمية ومهام محددة قادتهم إلى بعض المناطق اليمنية، مثل البعثة الفرنسية الثانية التي وصلت إلى عدن ثم المخاء، وبناء على طلب الإمام محمد الناصر بن المهدي أحمد توجهت البعثة إلى قصر الإمام في قلعة المواهب بالقرب من مدينة يريم لعلاجه. كما أن الرحالة بول أيميل بوتا تنقل في بعض المدن الساحلية المطلة على البحر الأحمر حتى وصل إلى جبل رأس وجبل صبر، والرحالة موريس تاميزييه تنقل مع جيش محمد على من مصر حتى جده ثم الطائف حتى وصل إلى المخاء، وغيرهم آخرين وصلوا إلى عدن وصنعاء ومأرب والمهرة، وغيرها من المدن والقرى. ومن خلال هذه الرحلات إلى مناطق مختلفة من أرض العربية السعيدة أستطاع الرحالة أن يتعرفوا عن قرب على سكانها وعاداتهم وتقاليدهم أخلاقهم والدين الإسلامي وفنونهم وحضارتهم، ومن هنا كانت هذه الكتابات أحد المصادر الأساسية من ناحية للقارئ الفرنسي البسيط المحب للإطلاع على حياة سكان الجزيرة العربية ومن ناحية أخرى لأدباء ومفكري وفلاسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر الذين كانوا يشككون بحقيقة المعلومات والصورة السلبية التي كانت تحتويها كتب رجال الكنيسة وبعض المؤرخين الغربيين عن بلاد العرب. وهذا أدى إلى تغير صورة بلاد العربية السعيدة بما تحملها من سلبيات وأحكام مسبقة عن شتى جوانب الحياة أرضاً وإنساناً إلى صورة أخرى ايجابية مقاربة للحقيقة مع بقاء بعض الصور السلبية خاصة فيما يخص مكانة المرأة التي يعتبرونها "منقوصة" و"تسلط" الرجل عليها في بلاد العرب بشكل عام.
وتتكون مادة النصوص الرئيسية التي تشكل النواة الأولى للأطروحة من سبع مؤلفات يعود أولها إلى القرن السادس عشر وآخرها إلى بداية الأربعينات من القرن التاسع عشر، وكلها تعتبر من الكتب النادرة، حيث أربعة مؤلفات منها لم تطبع سوى طبعة واحدة والثلاثة المؤلفات الأخرى طبعت مرتين فقط.
كما تحتوى رسالة البحث على مصادر ثانوية قديمة مكونة من 85 مصدر لكتاب ومستشرقين وفلاسفة ومفكرين فرنسيين وأوروبيين تتعلق بموضوع البحث وفي الفترة نفسها، إضافة إلى ببليوغرافيا نقدية غنية ومتنوعة، وهذا ما أضاف إلى البحث قيمة علمية هامة ومفيدة، كونه يطرح أمام الباحثين مادة علمية بحثية خامة وواعدة.
وتكونت لجنة المناقشة من أربعة أساتذة هم:
1. البروفيسور فيليب أنتوان، محاضر في جامعة جيول فيري (اميان)، ممتحناً خارجياً
2. البروفيسور فرانسوا بيسير، محاضر في جامعة روان، مدير مركز النشر لجامعتي روان والهافر، مشرفاً على رسالة الدكتوراه
3. البروفيسور فرانسوا مورو، محاضر في جامعة السوربون- باريس 4، ومدير مركز الأبحاث حول أدب الرحلات في جامعة السربورن، ومدير مركز النشر في جامعات السوربون-باريس، ممتحنا خارجياً، ورئيساً للجنة المناقشة.
4. البروفيسور كلودين بولوان، محاضر في جامعة روان، عضواً في اللجنة
حضر المناقشة وفد من السفارة اليمنية في باريس ممثلة بالقنصل ومسئول شؤون الطلاب الأستاذ/ حماد دحان، والأصدقاء، وجمع من طلاب (الدكتوراه) الفرنسيين والعرب واليمنيين.
|