ناصر العطار -
ليلى واتفــاق فبــراير
قد تتوافق قصص الماضي والحاضر الأسطورية في إشغال الناس على حساب القضايا المتصلة بحياتهم وشؤون معيشتهم.. والأمر الغريب أن قصص الماضي وإن كانت غرامية وغزلية لقيس وليلى وعنترة وعبلة إلا أن لها ما يبررها من الناحية الادبية لتطوير فن القصة والمسرح .. الخ.
أما قصص الحاضر فلا يرى أو يلمس منها سوى الإضرار بالوطن ومصالحه لأنها من تأليف وإنتاج أولئك الذين يسعون بكرة وعشياً وبشكل مستمر لتحقيق مصالحهم مهما كانت متناقضة مع أمن الوطن واستقراره ومكتسباته- في ثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 اكتوبر 1963م بالتحرر من الاستبداد والاستعمار- ووحدته ونهجه الديمقراطي الذي مكّن الشعب من ممارسة حقوقه وتسيير شؤون حياته ومعيشته عن طريق الانتخابات وصناديق الاقتراع باعتبارها الخيار الامثل والوحيد للديمقراطية الحقيقية والمطبقة في الكثير من الشعوب المتقدمة والنامية.. والمتابع لتصرفات النافذين في اللقاء المشترك، فهم- سراً وعلانية- يبيحون جميع المنكرات بالارتداد عن النظام الجمهوري والعودة للإمامة البغيضة والعمالة والموالاة للاستعمار والنفوذ الخارجي والدعوة للانفصال وإعاقة إجراء أي استحقاق دستوري طالما تعارض مع مصالحهم، أما مبرراتهم فكثيرة تبدأ بقلب الحقائق وتصوير الباطل حقاً والحق باطلاً، وما قد يعجزون عن تبريره فيرجعون ذلك الى ذريعة أنه ينطوي تحت الأنشطة السياسية.. الخ.
ولأن الحديث والأزمات التي يراد بها الضغط على الدولة والمؤتمر الشعبي العام تُفتعل تحت ذرائع اتفاق فبراير وبشكل غير مسبوق ومألوف في الاعمال الديمقراطية لبطلان تلك الذرائع التي اعتاد المشترك على ممارستها لإجهاض كافة الحوارات السابقة وباتت حجر عثرة وعائقاً منيعاً في السير قدماً باتفاق فبراير والانتخابات النيابية في موعدها ولم يعد من خيار سوى أن يهب الشعب لتقرير مصالحه وبما يكفل ممارسة حقوقه في تسيير شؤونه دون الوقوع في المصائد المعدة سلفاً، ولن يتأتى ذلك الا بالتعمق في المواقف والتصرفات السابقة للأحزاب والاسترشاد بالإجابة- من قِبَل المعنيين- عن التساؤلات للقضايا الغامضة إضافة الى الآتي: - ألم يأتِ الاتفاق بعد حوارات مضنية آخرها تم برعاية فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الشعبي العام كما روعي تجنب سلبيات الماضي بأن قامت كتل أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام بتقديم مشروع الاتفاق للبرلمان والذي أقره في جلسته الاستثنائية في 25 / 2 / 2009م.
-ألم تكن بنود الاتفاق محددة وواضحة المعاني والمقاصد وقد سبق الخوض فيها والاتفاق بشأنها مسبقاً، وهذا ما يدحض تذرع المشترك ومغالطاته، بل إن المؤتمر الشعبي العام قد سبق وأن نفذ البنود التي هي في مقدوره وصلاحيته وأبرز ذلك ما يخص البند أولاً من الاتفاق والمتعلق بالتعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والانتخابي بأن ضمن رؤيته واستراتيجيته في البرنامج الانتخابي لمرشحه لرئاسة الدولة 2006م ، وكذا المبادرات التي قدمها فخامة رئيس الجمهورية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لأكثر من مرة وجلس مع قيادات الأحزاب لمناقشتها ثم عرضها على مجلس الشورى وبالمثل تمت العملية في أروقة المؤتمر الشعبي العام وبجدية ومصداقية وموضوعية في كافة التزاماته وأنشطته تجاه الحوارات التي تمت مع اللقاء المشترك، متجاوزاً كافة الصعوبات والعوائق المفتعلة من المشترك لإجهاض جميع الحوارات، وأبرز ذلك سعيه للمضي قدماً باتفاق فبراير، حيث وجه الدكتور عبدالكريم الارياني- النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام- رسالة للقاء المشترك تضمنت رؤية المؤتمر حول قضايا الحوار مع المشترك والبرنامج الزمني للتنفيذ، تم نشرها بصحيفة »الميثاق« عدد (1464) وتاريخ 20 / 7 / 2009م صـ3، بعد أن تهرب المشترك وماطل في تقديم رؤيته وسعى لبدائل أخرى تحت دعوته لحوار سُمّي بالوطني ضم بعض قياداته.. وشيئاً فشيئاً حتى وصل به الأمر الى جعله يقف في وجه كافة الانشطة التي بُذلت للخروج من مآزقه فأجهض انعقاد الحوار الوطني تحت قبة مجلس الشورى والذي دعا إليه فخامة رئيس الجمهورية ولكافة ممثلي الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المناضلة التي لها باع وخبرة في الدفاع عن الثورتين والوحدة .. الخ، وعلى الرغم من ذلك فقد عمل المؤتمر الشعبي العام على التعاطي الجاد مع تنفيذ اتفاق المبادئ الموقع بتاريخ 18 / 6 / 2006م بتعديل المادة (19) من قانون الانتخابات بإضافة عضوين للجنة العليا للانتخابات تم اختيارهما من ممثلي اللقاء المشترك، وعند تنفيذ البند (12) من نصوصه والذي حدد بأن يعاد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية 2006م بحيث تشكل من قضاة لا تقل درجتهم عن استئناف، ومثل ذلك كان تعامله مع ما تم الاتفاق عليه في وثيقة قضايا وضوابط الحوار التي تمت من قبل اللجنة التي شكلت وما تلى ذلك حتى تقديم مشروع التعديلات على قانون الانتخابات العامة رقم (13) لسنة 2001م والذي أُجهض وعلى مرأى ومسمع وفي قبة البرلمان بتاريخ 18 / 8 / 2008م نتيجة لتهرب المشترك وعدم الالتزام بتقديم مرشحيهم للجنة العليا للانتخابات والعديد من المواقف اللاحقة.
أخيراً إذا كان المشرِّع اليمني قد أحسن صنعاً عند وضعه لأحكام الدستور وقانون الانتخابات العامة ذات الصلة باللجنة العليا للانتخابات بأن جعلها مستقلة وأناط بها مهاماً ذات مجال واسع في الاشراف والرقابة والمحاسبة على سير أعمال اللجان المشكَّلة منها ولكافة الانشطة الانتخابية وفي نفس الوقت لم يحد من ممارسة القضاء صلاحيته في الرقابة على أعمالها وكذا أناط بالناخب والمرشح وكل من له مصلحة تقديم الطعون والدعاوى في أي أعمال أو تصرفات تمت بخلاف القانون، وهذا يجعل اللجنة العليا للانتخابات جزءاً من القضاء أو أيٍّ من الجهات الأخرى في الحكومة.
فلماذا إذاً أصر اللقاء المشترك على أن تُشكَّل أولاً من القضاة كما ورد في البند (12) من اتفاق المبادئ وما تم الاتفاق والتوقيع عليه في الحوارات التي تمت خلال عام 2007م والتي عدل عنها في مطالبه اللاحقة بأن تشكل من الأحزاب وتهرب- كما اشرنا- عن تقديم مرشحيه إلى مجلس النواب.. ثم عدل عن ذلك، ومن موقف لآخر كانت المطالبة بحسب ما ورد في البند (3) من اتفاق فبراير بأن تشكل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً للقانون، وهذا يعود الى ما قبل اتفاق المبادئ البند (12) الموقّع في 18 / 6 / 2006م ثم يلي ذلك التنصل التام عن الدستور والقانون وذلك بحسب رسالة المشترك الاخيرة التي وجهت للمؤتمر وأرفقها بمشروع محضر اتفاق بينه وبين المؤتمر لتنفيذ اتفاق فبراير.. وهي نفس المواقف التي تعامل بها المشترك مع التعديلات على قانون الانتخابات.
ألا يعد كل هذا التخبط في التصرفات دليلاً واضحاً على أن القصد والنية هو تعطيل الانتخابات جملة وتفصيلاً، ويتضح ذلك بجلاء أكثر فيما يتعلق باللجنة العليا للانتخابات وسجلات الناخبين كونهما الدعامة الرئيسة لإجراء أي انتخاب أو استفتاء .. ولا صلة لهما بأية قضايا أخرى كونهما أدوات لممارسة الديمقراطية عبر الانتخاب.. ولكل مبصر أن يرى النور والحقائق بشأن مختلف القضايا..{
❊ رئيس دائرة الشؤون القانونية