فيصل الصوفي -
المنتعشون بالحراك
»المسألة الجنوبية« التي ظهرت قبل عدة سنوات ثم صارت »القضية الجنوبية« ثم صيَّروها »الحراك السلمي الجنوبي« في الفترة الأخيرة يستخدمها بعض المنتفعين كوسيلة ضغط على الحكومة أو النظام للحصول على منافع جمة وكبيرة، وهم يتمنون أن يستمر ويتقوى »الحراك« ولا يريدون نجاحاً للتدابير التي يتخذها رئىس الجمهورية من أجل حل مشاكل الأراضي وتلبية المطالب الحقيقية أو العادلة للمطالبين بها سلمياً، فذلك يضعف قدرتهم على »حلب البقرة«، ويودون الاستمرار في »حلب البقرة« دون أن يقدموا شيئاً نافعاً مقابل اللبن وتجويد »اللغة«.
وليس مصادفة أنه كلما خمد الحراك قليلاً زادت مظاهر العنف لتعويض ذلك »الخمود«، وكلما ازدادت قدرة الحكومة عبر أجهزتها الأمنية على الوصول إلى القتلة وقطاع الطرق والمعتدين على المؤسسات العامة والممتلكات الخاصة، كثر الحديث عن »القمع«، رغم أن تلك الإجراءات لم تستهدف سوى مجرمين أو متهمين بارتكاب جرائم جسيمة وغير جسيمة.. وبعض هؤلاء يتم اطلاق سراحهم بتوجيهات من مسئولين في المحليات ليعاودوا مهامهم لأسباب مفهومة لمن يفهم!
أحزاب المشترك التي تنتعش في حركتها وحياتها على »الحراك« بصورة غير مباشرة، وقليلاً بصورة مباشرة لكون أصحاب الحراك يرفضونها لأنها »شمالية!« لايمكن أن تؤثر في »الحراك« أو جرّه إلى »حوار« كما تدَّعي أسوةً بالحوار الذي تزعم أنها أجرته مع »الحوثيين« لإقناعهم بالعمل السلمي واحترام الدستور والقانون والحفاظ على الوحدة الوطنية، وأنها نجحت في ذلك.. في حين أن الواقع يشير إلى غير ذلك..
وبالنظر إلى ذلك فإن الحكومة في البلد هي وحدها القادرة والواجب عليها أن تحل هذه المشكلات بنفسها، واليوم وليس غداً، حتى لا يتسع الخرق على الراتق، وحتى تعفي الخزانة العامة من المنتفعين، وحالبي البقر والتيوس والجواميس.
وقد سبق أن ذكرنا في هذا المكان أن المشكلة التي تثيرها مجموعة من الأفراد لا تُحل بتعيين أحدهم في منصب عمومي وصرف سيارة له.. فهذا ليس هو القرار الصائب في حل المشكلة.. فهو يزيد من أعداد المبتزين و»الحالبين« ويزيد من أعداد المتذمرين، ويبقي على المشكلة كما هي لأن أصحابها الحقيقيين لم يؤخذوا في الاعتبار.
مع مراعاة أن الوضع الاجتماعي في الجنوب لايزال متأثراً بإرث سابق وهو إرث محترم مثل المدنية واحترام القوانين وتفضيل المؤسسات.. ولذلك فإيجاد شيخ في منطقة هناك بزعم أنه سيتحكم بالآخرين أمر غير مجدٍ.. المواطنون يريدون دولة مؤسسات تحل مشكلة هذا وتنصف هذا وتأخذ بيد ذاك.. فلا فائدة من تكثير المشائخ ولا المديرين ولا الوكلاء ولا ولا.. بدليل أن كثرتهم لم تحل مشكلة صغيرة.. وبدليل أن مشاكل صغيرة كبرت.. ولاتزال تكبر وتكبر على أيدي الذين يحلبون البقرة والتيس.{