أحمد غيلان -
عدن آمنة
قبل أن تكتمل 48 ساعة منذ أن غادرت مدينة عدن الحبيبة الوديعة المدينة الآمنة، فوجئت -كما فوجئ غيري من المتابعين – بخبر العمل الإجرامي الذي كانت ساحته حديقة أطفال بمدينة التواهي عدن، حيث وضع المجرمون عبوتين ناسفتين انفجرت إحداهما ولم تصب أحداً بينما انفجرت الثانية عندما حاول رجال الأمن إبطال مفعولها، بعد أن أخلوا المكان من المواطنين، ورغم ذلك أصابت أربعة من رجال الأمن والمواطنين استشهد أحدهم.
كنت قد أمضيت في مدينة عدن (الآمنة) 12 يوماً تنقلت خلالها في أرجاء وضواحي وأحياء عدن، وأجريت لقاءات مقصودة وعابرة مع كثير من شخصيات وأبناء عدن ومسئوليها، وكان أحد لقاءاتي مع مدير أمن محافظة عدن الذي حرصت على الالتقاء به ومحاورته بعد أن لفت انتباهي الوضع الأمني المستقر والمتميز في محافظة عدن، وتلك حقيقة يلمسها كل من يزور عدن .
وإن كانت المفاجأة بالجريمة الشنيعة التي حدثت في حديقة الأطفال قد أفزعتني وأثارت مخاوفي في بداية الأمر وقبل أن تتضح تفاصيلها، لكن تلك المخاوف تبددت بمجرد أن اتضحت تفاصيل الجريمة ومكانها وزمانها، ورغم أسفي على من أصيبوا وعلى شهيد الواجب ورجل الأمن المثالي العقيد عبد الله الثريا إلا أني أعود وأقول بثقة عالية أن عدن آمنة .
نعم .. عدن آمنة بأداء رجال وأجهزة الأمن الذين يؤدون واجباتهم بتفان وإخلاص وهدوء وروح وطنية وإنسانية، ويتعاملون مع كثير من الأعمال التي يمكن أن تعكر أمن واستقرار المجتمع بوعي وحنكة، بل ويتعاملون مع الجريمة وأدواتها وأسبابها وتفاصيلها أثناء وقبل وقوعها في غالب الأحيان، ولعل تفاصيل جريمة حديقة التواهي شاهد حي، إذ أن ضحايا هذه الجريمة يتصدرهم رجال الأمن الذين جاءوا لأداء واجبهم في مسرح الجريمة، بعد انفجار العبوة الأولى، وكانوا - بإرادتهم - ضحايا العبوة الثانية بدلاً من عامة المواطنين الذين سارع رجال الأمن لإبعادهم عن الخطر قبل أي شيء آخر .
ونعم .. عدن آمنة بوعي أبنائها وساكنيها الذين يشكل وعيهم صخرة يصعب اختراقها أو التسلل منها لأي مجرم أو منحرف يرمي العبث باستقرارها وحياة أبنائها ومصالح أهلها وقاطنيها وزوارها .
وإذا كانت الجريمة التي حدثت مؤخراً قد عززت قناعات الناس بإفلاس أولئك المجرمين من كل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية، فإنها كذلك قد أكدت لكل ذي بصر وبصيرة أن أولئك المجرمين أضعف وأعجز من أن يخترقوا عدن، المحصنة بأجهزة أمنية مقتدرة ووعي شعبي راقي، بدليل أن أولئك المنحرفين لم يستطيعوا أن ينفذوا جريمتهم البشعة إلا في مكان عام يرتاده الأطفال وتتنزَّه فيه العائلات ويقضي فيه كبار السن والبسطاء بعض أوقاتهم، وهو الأمر الذي يقتضي التقليل من التواجد الأمني حتى لا يكون ذلك عامل إقلاق ومضايقة للأسر والعوائل والأطفال، ورغم ذلك استطاع رجال الأمن أن يؤدوا ما عليهم ويحضروا بقوة وكفاءة ومسئولية واستبسال، ولاشك أن هذا الحادث الإجرامي سيضيف معطىً جديداً يتعامل معه رجال الأمن مستقبلاً، ومثلهم أبناء محافظة عدن الذين يحرصون على أمن وسلامة مجتمعهم المدني المتحضر والآمن، ومهما زاغت أبصار وبصائر دعاة الشر وهواة الجريمة فإنهم لن يجدوا في عدن موطئ قدم يتسعهم، وستظل عدن آمنة مستقرة، ومثلها كل أرجاء الوطن بإذن الله .