علي حسن الشاطر -
الوحدة اليمنية .. إطلالة تاريخية
ظلت الوحدة اليمنية عبر مراحل التاريخ حاضرة وحية في ذاكرة الأجيال المتعاقبة باختلاف نظمها الاجتماعية والسياسية ، ومستوى تطورها الاقتصادي والثقافي، واحتفظت بمكانتها في الإرث التاريخي والذاكرة الجمْعية اليمنية كقاعدة وآلية فكرية وعملية صنعت الازدهار التاريخي للمجتمع وأسست له حضارة ومجداً وسلطاناً؛ الأمر الذي عزز من حرص الأجيال المتعاقبة وبالذات طليعتها السياسية والثقافية على استنطاقها في كل أعمالهم وإبداعاتهم الفكرية والأدبية والتاريخية، وتحويلها إلى هدف استراتيجي في برامجهم السياسية ونضالهم الوطني باعتبارها منطلق النجاح في مواجهة تحديات المرحلة وقاعدة راسخة لأي مشروع وطني نهضوي..
وفرضت الوحدة حضورها وفعلها كحتمية وطنية في سياق الانتقاء الطبيعي لقوانين التطور التاريخي والحضاري للمجتمع اليمني، وظلت على الدوام أحد العوامل والشروط الحاسمة للتنمية والأمن والاستقرار الداخلي، وحاضنة للسلم الاجتماعي، ومثلت السبب الرئيس الحقيقي ، والهدف النهائي لكل الصراعات والحروب الداخلية عبر مختلف العصور.
وعلى قاعدة الوحدة اليمنية كهدف، وضمن نطاقها الجغرافي والاجتماعي استمرت التصادمات والصراعات التناحرية لقوى التمزق والتخلف والتيارات النفعية بمصالحها الضيقة ضد محفزات وشروط التوحد والتطور والنهوض التنموي، التي تعبر عنها الجماهير في احتياجاتها التنموية المتنامية، ومتطلباتها الملحة للأمن والاستقرار الداخلي ، وتجاوز صراعاتها وحروبها البينية ومع محيطها الاجتماعي والسياسي، والخروج من واقع التمزق الوطني وشرنقة الكيانات السلطوية والدويلات الصغيرة التي استنفدت قدراتها على الاستمرار، وتحولت إلى معوقات في طريق التقدم التنموي يقتصر دورها على إنتاج التخلف والقهر الاجتماعي وعوامل عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي.
الصراع من أجل الوحدة مثّل على الدوام مواجهة مفتوحة بين الجماهير وقواها الاجتماعية والسياسية الحية، ضد مراكز النفوذ والهيمنة الاقتصادية والسياسية والقيادات المحلية ونزعاتها التسلطية، التي بقيت حريصة في الحفاظ على مستعمراتها القبلية والأسرية الخاصة والمتوارثة، ومثلت الوحدة في مراحل تاريخية مختلفة أحد أهم الشعارات والمبررات السياسية والاجتماعية لحشد الجيوش، والمحفزة للكيانات الوطنية الداخلية المتميزة بقوتها الاقتصادية والعسكرية، لبسط نفوذها ومناطق مصالحها وسيطرتها المباشرة على ما حولها من الكيانات الصغيرة، وفي كثير من الحالات التاريخية كانت القوة والحروب تمثلان وسيلة للسيطرة تحت شعار الوحدة، إلا أن التطورات اللاحقة لمثل هذا النوع من الحروب، كانت تحكمها قوانين التطور الموضوعية، وحاجة المجتمع إلى التعايش والعيش بسلام، وكذلك الحاجة السياسية الوطنية الرسمية والشعبية إلى احتواء النزاعات الداخلية والتمردات الانفصالية، وتحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي التنموي؛ الأمر الذي حتم بالضرورة ظهور تشريعات سياسية وقوانين وأنظمة داخلية متطورة باستمرار لتنظيم العلاقات وتوازن المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للكيان الجديد، وتعزز أواصر التوحد الاجتماعي بشكل يضمن لهذه الوحدة ديمومة الاستمرارية والاستقرار والازدهار الحضاري عبر التاريخ.
ظلت الوحدة الإطار العام الحاضن للكيان اليمني الحضاري الذي بقي على الدوام كتلة تاريخية اجتماعية واقتصادية وسياسية تمتلك من قواسم التوحد الموضوعية والتاريخية بمكوناتها المختلفة أكثر مما تمتلكه من شروط التفكك الجغرافي والتمزق والذاتية التي تمكنت من فرض وجودها وسيادتها المرحلية المؤقتة بين الحين والآخر على أنقاض الدولة المركزية المتحللة بفضل جملة من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية التي تتباين من مرحلة إلى أخرى وأهمها في الغالب العام الضعف والانهيار السياسي والاقتصادي الداخلي أو الغزو والتدخل الخارجي وجميعها عوامل مولدة ومحفزة لاستشراء النزعات الانفصالية..
وخلال هذه المراحل الاستثنائية لم تعرف اليمن الاستقرار الداخلي وتحولت إلى ساحة حروب وصراعات داخلية من أجل المصالح والنفوذ، ولكنها كانت سرعان ما تتحول إلى حروب من أجل التوحد بأشكال وأساليب مختلفة ووسائل سلمية وغير سلمية، هذه الصراعات والحروب لم تكن من حيث جذورها وأسبابها الحقيقية وطابعها العام، معبرة عن نزعة أو إرادة سياسية سلطوية محضة، بل مثلت إرادة شعبية وحاجة وطنية تنموية لها جذورها وعواملها وأسبابها الموضوعية النابعة من حقيقة أن اليمن استمرت عبر تاريخها الحضاري كياناً "اجتماعياً، قبلياً، سياسياً، ثقافياً، اقتصادياً، جغرافياً وطبيعياً موحداً" ومتكاملاً في مكوناته ومصالحه ووظائفه وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية والتجارية.
والدويلات التي كانت تبرز هنا وهناك عقب انهيار وتفكك الدولة المركزية الموحدة لم يكتب لها التطور والازدهار والاستقرار لفترة زمنية طويلة وتدخل مع بعضها البعض في صراع تناحري مصيري يكون البقاء فيه للأقوى ، ويستمر وجودها في حالة حرب متواصلة، وعرضة لغزوات القبائل الفقيرة من حولها، إلى جانب عدم قدرتها على احتواء صراعاتها الداخلية الناشئة على قاعدة تباين المصالح الاقتصادية والسياسية، والهيمنة بين أقطابها الرئيسة المكونة لها "الاجتماعية ،القبلية والاقتصادية" من خارج إطارها الجغرافي الوطني.. في حالات عدة استطاعت بعض الدويلات الاستمرارية بحكم وجودها في مناطق تتميز بثرائها الاقتصادي وامتلاكها مرحلياً لمقومات الاكتفاء الذاتي، إلى جانب عزلتها الجغرافية وحصانتها الدفاعية وقوتها العسكرية، ونجاح البعض منها بحكم قربها من الساحل في خلق علاقات اقتصادية تجارية مع كيانات جديدة.
مراحل التمزق وعصور الدويلات الصغيرة ظلت استثنائية وتولدت عنها عوامل عدم الاستقرار والتخلف المريع في مختلف مناحي الحياة، وجعلت البلاد ضعيفة ومفتوحة أمام التدخل والغزو الخارجي الذي استشرى فعله وأثره في مراحل التاريخ الوسيط والحديث، هذه المراحل ولّدت من داخلها شروط وإمكانات وقوى التغيير والوحدة، سرعان ما كانت تفرض وجودها وإرادتها وتتحول خلال فترة وجيزة إلى مركز جذب واستقطاب سياسي واجتماعي يمدها بعناصر القوة والاستمرارية والنجاح في تصحيح الاختلالات التي تعتري مسارات التطور التاريخي للمجتمع اليمني لتعيده إلى واقع التوحد.
القادة الوحدويون الذين يخرجون من أية شريحة اجتماعية أو منطقة يمنية وحتى أولئك الذين جاءوا من خارج اليمن بعد الإسلام "الزياديين، الأيوبيين، الرسوليين وحتى بعض الأئمة" كانوا يجدون الشعب بمختلف مكوناته وشرائحه الاجتماعية وانتماءاته القبلية والجغرافية يلتف حولهم في مواجهة القوى والتيارات والكيانات الانفصالية، ومثل هذا الموقف الشعبي وإن كان يعبر عن موروث ثقافي وحضاري تاريخي، ويجسد الحاجة الوطنية التنموية، فإنه يعبر في الوقت ذاته عن حاجة الشعب إلى الأمن والاستقرار المعيشي والحياتي، ورفضهم القبول بواقع العبودية التي كان يفرضها عليهم الزعماء المحليون داخل إقطاعياتهم الخاصة .
القراءة المتأنية في النقوش والآثار اليمنية القديمة والمخطوطات والمدونات والمصادر والمراجع التاريخية المختلفة، تؤكد أن الدويلات المحلية الصغيرة رغم ما حققه البعض منها من ازدهار ونفوذ داخلي وخارجي ظل دورها في التاريخ الحضاري اليمني والإنساني محدوداً ولم يترك ذلك الأثر والمجد الحضاري والإنساني الذي خلفته الدولة الوحدوية القوية، كما تؤكد نجاحات القادة والزعماء الوحدويين ضد أعدائهم وتمجدهم وتخلدهم، رغم ما تركه البعض من دمار وارتكبه من فظائع وجرائم بحق أعدائه، ومثل هذا التمجيد هو أبعد من أن يكون هدفه القائد بذاته ولكنه كان تمجيداً وتخليداً للقضية الوحدوية التي قاتل في سبيلها.
آخر وحدة عرفتها اليمن كانت في القرن السابع عشر على يد الإمام إسماعيل بن محمد القاسم التي لم تستمر طويلاً لعدم اقترانها بمشروع وطني تنموي حضاري يضمن نجاحها وازدهار الوطن وتمزق الدولة القاسمية ودخولها معترك الصراعات بين الأسرة الحاكمة في سبيل السلطة والثروة . الأمر الذي أضعف من قوة وتماسك اليمن ومهد لدخولها تحت السيطرة الاستعمارية وبالذات الأوروبية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن اليمن تعرضت للغزو الاستعماري البرتغالي في عهد الدولة الطاهرية إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل رغم استخدام المستعمرين الأسلحة النارية التي لم تكن معروفة حينها لدى اليمنيين لكن الدولة كانت قوية ومتماسكة وموحدة مما أهلها للصمود في وجه الغزاة.
سيطرة الأتراك على الشطر الشمالي والبريطاني على الشطر الجنوبي من اليمن أجهض كل المساعي والنضالات الوحدوية فقد اعتمد المستعمرون إستراتيجية التفتيت الداخلي للوطن كضمانة أكيدة لاستمرار وجودهم وسيطرتهم الاستعمارية.. إلا أن الوحدة ظلت قضية حية في الوعي والوجدان الاجتماعي والمكون الثقافي والروحي للشعب.. ومثلت حاضنة لحفظ الهوية الوطنية والتحريرية والثقافية، وسداً في وجه محاولة التغريب وطمس الهوية اليمنية والانتماء الوطني والتاريخي للشعب، كما مثلت شعاراً ومنطلقاً وأداة للنضال الوطني التحرري ضد الوجود الأجنبي.
على مدى أكثر من قرن قاتل أبناء الوطن الواحد جنباً إلى جنب ضد الوجود العثماني وتصدوا للغزو والاحتلال البريطاني، وكانت المناطق الشمالية حاضنة لكل المناضلين الجنوبيين ضد الاستعمار البريطاني ووفرت لهم المأوى ومقومات الحياة والعيش والدعم المادي والمعنوي الذي كان يقتطعه المواطنون من لقمة عيش أسرهم، وكذلك كانت المناطق الجنوبية حاضنة لأبناء الشمال.. في عدن تأسست أول حركة سياسية مناهضة للإمامة، وفي صنعاء تأسست أول جبهة للنضال الثوري المسلح ضد الاستعمار البريطاني، وهذا تأكيد أن الوحدة اليمنية كحقيقة تاريخية ظلت حاضرة بقوتها وفعلها كقاعدة انطلاق للنضال الثوري اليمني من أجل الحرية والتقدم الحضاري وشكلت على الدوام الأساس الموضوعي (الاجتماعي، الثقافي، السياسي، الاقتصادي والعسكري) لنضال الشعب اليمني ضد الاستعمار والإمامة والكيانات التمزيقية بمسمياتها وشعاراتها وسلطاتها المختلفة.
في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الحركات والتيارات الثورية والأحزاب السياسية التحررية التي بنت برامجها النضالية على أساس جهوي شطري وتجاهلت الوحدة اليمنية كقاعدة برامجية لنضالها ومشاريعها وأهدافها السياسية لم يكتب لها النجاح على الرغم من بلوغ العديد منها درجة كبيرة من النجاح والشهرة والنفوذ السياسي الخارجي والاجتماعي الجهوي؛ إلا أنه سرعان ما اعتراها الضمور السياسي والاجتماعي والثقافي، وأفل نجمها من ساحة النضال الوطني بسرعة رغم شدة سطوعه، وغادرت مسرح الأحداث بعد أن فرض الواقع وحقائقه الوحدوية والموضوعية والتاريخية عليها الاضمحلال والانطواء في ركن قصيّ ومجهول من التاريخ مفسحة المجال لقوى ثورية وحدوية جديدة خرجت بعض قياداتها وعناصرها من بين هذه الأحزاب والتيارات السياسية ذات النزعات الشطرية والجهوية.. هذه القوى الجديدة التي جعلت من الوحدة حاضنتها التاريخية والاجتماعية والسياسية وأداتها وهدفها الإستراتيجي استطاعت خلال فترة وجيزة فرض وجودها وهيمنتها وخياراتها وبرامجها على الساحة الوطنية.
منذ انتصارها كرست الثورة اليمنية ( 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963) جل جهودها وإمكاناتها وطاقاتها المادية والبشرية، للدفاع عن وجودها وخيارات الشعب في الحرية والاستقلال والازدهار الحضاري، وخاضت حروباً واسعة في التصدي للتآمرات الداخلية والخارجية، ونجحت الثورة في إخراج الشعب من واقعه الاستعماري وتحريره من أغلال التخلف والجهل والفقر، والنهوض بمستوى حياته المادية والروحية كمطلب ملح وقضية محورية لإعادة صياغة الوحدة اليمنية التي حتمت المزيد من الجهود والإمكانات في معالجة وإعادة إصلاح وترميم التمزقات والتشوهات والدمار الذي خلفه النظام الاستعماري الإمامي في كيان ووحدة الوطن ( الجغرافية، الاجتماعية، الثقافية، العقائدية الدينية) وإعادة تشكيل وبناء الكيانات والمكونات الجغرافية والسياسية القبلية التي خلفتها المراحل السابقة وإذابتها في النسيج الوطني العام للدولة داخل كل شطر على حده، والعمل في الوقت ذاته على تربية الأجيال على أسس ومعايير وحدوية خلقت جيلاً جديداً يتجاوز في ثقافته وقناعته الفكرية وسلوكه العملي أسوار التمزقات السياسية الجهوية والطائفية والمذهبية والقبلية وعبور الحواجز الفكرية والسياسية والاقتصادية الشطرية.
خلال ثلاثة عقود من تاريخها ساهمت الثورة في تجذير قيم الوحدة وفكرها وقواها الاجتماعية وتطهير ذاتها من الثقافات والميولات والقناعات ذات النزعات الانفصالية إلى جانب إعادة صياغة الواقع الوطني داخل كل شطر مادياً وثقافياً وتاريخياً واخلاقيا ًعلى أسس وطنية وحدوية.
التباين الأيديولوجي في نظم الحكم السياسي السائدة في الشطرين في مرحلة ما بعد الثورة وتمترس كل قيادة في الدفاع عن نهجها الأيديولوجي وخياراتها السياسية ومحاولة فرضها كقاعدة فكرية واقتصادية وسياسية تقوم عليها وحدة اليمن المنشودة، هذه التباينات لم تكن كافية لاحتواء المد الشعبي ضمن الحسابات السياسية الشطرية الضيقة.. وما تم فرضه من حواجز واشتراطات ومعوقات أمام المسيرة الوحدوية كانت في غالبها العام ذات منابع سياسية ذاتية ولاتمثل أسسا ومبررات موضوعية لها، ولهذا ظلت عاجزة عن الاستمرار في فعلها كحواجز وسدود أمام الوحدة التي فرضت وجودها على الساحة والوعي السياسي الرسمي والشعبي من خلال حربين شهدهما الشطران ومن خلال صراع سياسي وثقافي وعسكري طويل وغير مباشر كانت الوحدة على الدوام سببه الحقيقي وهدفه الرئيس؛ وشكل ذلك أحد الأسباب والدوافع المهمة لتطويع الإرادة السياسية الحاكمة وحتم على قيادة الشطرين الانصياع لقوانين التاريخ وتطوراته الموضوعية.. وجاءت الحوارات والاتصالات الوحدوية وتدرجها عبر مراحل مختلفة استجابة منطقية لإرادة الجماهير وقناعاتها الوحدوية.. وكان فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أكثر الزعماء اليمنيين استيعاباً لهذه الحقائق والمدركات الوطنية حين بادر إلى إخراج القضية الوحدوية من دائرة الحروب والمناورات والمساومات السياسية لأنظمة الحكم المتعاقبة في الشطرين إلى دائرة الحوار الجماهيري المباشر والمفتوح حررها من قيودها وأنزلها من الأبراج العالية للسلطة ومصالحها الضيقة إلى الشارع الشعبي الذي تعاطي معها من منظور مصالحه واحتياجاته الماسة إليها، ومثّل هذا الإجراء البداية العملية لربط الوحدة مباشرة بالشعب وهو نهج سياسي تبلور فيما بعد إلى ما يسمى بالمفهوم الديمقراطي للوحدة.. وحين أضحت الجماهير ممسكة بزمام القضية الوحدوية أصبح حلمها التاريخي حقيقة واقعية معاشة وبات من المستحيل على أي كان استخدامها للمناورات السياسية أو التراجع عنها تحت أي مبرر من المبررات؛ لأن ذلك يمثل خيانة للوطن والشعب وتضحياته الطويلة.
ولم يجد حينها أصحاب المصالح وحتى أشد الناس عداءً للوحدة في الداخل والخارج بداً من الانسياق مع هذا التيار الوحدوي الوطني الجارف والانصياع لإرادة الجماهير، ولم يتردد الكثير من أعداء الوحدة في الشطرين في إظهار مشاعرهم وأفراحهم وذرف (دموع التماسيح) يوم الإعلان عن وحدة الوطن، وكانت هذه إحدى وسائل التمويه الهادفة إلى إخفاء عدائهم للوحدة وتأكيد حضورهم الفاعل والمؤثر سلباً في إطار الكيان الوحدوي الجديد، وقد ظل هؤلاء في حالة كمون وسبات شتوي إلى أن لاحت لهم الفرصة والإمكانات المواتية للانقضاض على هذا الانجاز، وهذا ما حصل بالفعل حين أعلن بعض الشركاء في صناعة هذا الانجاز الانقلاب العسكري والارتداد على الوحدة في العام 1994م وهو ما يتأكد اليوم من خلال مشاريعهم التفكيكية ونهجهم الانفصالي والتدميري الذي لا ولن ينجح ما دامت الوحدة محروسة بعناية الله وبإرادة الشعب اليمني.