محمدحسين العيدروس -
الوحدة حقيقة تاريخية
إن ما حدث في بلادنا يوم 22 مايو 1990م لم يكن مجرد إعادة إعلان وحدة إندماجية بين شطرين، بقدر ما مثل منعطفاً تاريخياً في حياة الإنسان اليمني، لأنه أعاد إليه اعتباره الإنساني في شراكته الوطنية اليمنية، بعد أن كان قسم كبير من فئات الشعب في عداد ممتلكات الدولة.. وثانياً لأن هذا الانعتاق جاء مصحوباً بحقوق دستورية جديدة كفلها التحول الديمقراطي الذي أعقب إعلان الوحدة، وفك القيود التي كانت تكبل حريات المواطنين.. وثالثاً بعد إعادة الوحدة فجرت الطاقات الإبداعية والإنتاجية لدى عموم أبناء الشعب، ولهذا شهدت اليمن حراكاً تنموياً في مختلف المجالات.. مما خلق وعياً عاماً وراسخاً، وتحقق انفتاح واسع كبير كسر عزلة حقب طويلة من التاريخ .
لهذا فإن فك ارتباطنا بالوحدة الوطنية ليس مبنياً على عقود، ولا مرهون باتفاقية الوحدة التي وقعها نظامي الشطرين في 30 نوفمبر 1989م آنذاك، حيث أن تلك الاتفاقيات عبارة عن صيغة سياسية مرحلية للعودة إلى الحالة اليمنية الطبيعية، ولكون التشطير لم يكن سوى حدثاً طارئاً وليد الصراع الاستعماري ( البريطاني / العثماني ) الذي كان يتسابق لتقاسم معظم الأقاليم العربية، غير أن الحقيقة لكينونة الوحدة هي الأصل التي تعاقبت عليه الأجيال والذي ناضلت بدمائها من أجل استرداده وترسيخها .
إن الوحدة اليمنية هي الحقيقة التاريخية التي حملناها جميعاً في قلوبنا، وسلوكنا، وثقافتنا، لذا نجد أن حماسنا في الاحتفال بيوم الثاني والعشرين من مايو 90م ينبع من كونه أحدث تحولاً في مقومات حياة اليمنيين على مختلف الأصعدة التنموية والديمقراطية والإنسانية .
لقد حرص فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بأن لاينحصر الاحتفال في العاصمة (صنعاء) بل أن تتشرف كل عام محافظة باحتضان احتفالات الوحدة، ليكن ذلك عاملاً مساعداً لتطوير البنى التحتية لتلك المحافظة، وهذا هو الخير الذي يتدفق على وطننا وهو ماوعد به رئيس الجمهورية الشعب، وما كرره مراراً في لقاءاته بالجماهير، وخطاباته الوطنية بأن المستقبل واعد بالخير وهو ترجمة للبرنامج الانتخابي، هذه هي الوحدة اليمنية التي عاهد الأخ الرئيس الشعب في أول خطاب له بعد تقليده الحكم في عام 1978م بأن يناضل ويسعى من أجل تحقيقها، وتحققت فعلاً وأصبحنا اليوم في العام العشرين من عمرها نحتفل ونفرح بهذه الذكرى العظيمة في محافظة تعز وكل أرجاء اليمن السعيد .
وعليه فإن الوحدة لم تكن مجرد إزالة براميل التشطير ورفع النقاط الحدودية أو توحيد نظام الحكم.. بل أن الوحدة مثلت الانطلاقة الحقيقية لإزالة مخلفات الماضي، ومشكلاته وانتقال اليمن إلى طور آخر من الحياة الكريمة، لذا فإن وحدة اليمن هي حبل النجاة، نجاة جميع اليمنيين من كل الأخطار لأنها استمدت حقيقة وجودها من وعي الشعب.. هذا الشعب الذي لا يمكن مسخ تراثه وقيمه وأخلاقه ومعتقداته في حفنة من الزمن، لأن الأصل هو من يستطيع البقاء دائماً، وكل ما كان طارئاًَ ينهار ويزول أمام وعي شعبنا اليمني صانع المنجزات الوحدوية .
وكل عام وشعبنا اليمني العظيم بألف خير .