منير اللساني -
مبادرة تضع الجميع أمام مسؤولية وطنية وتاريخية
كما عودنا دائماً فخامة رئيس الجمهورية بإطلاقه وتبنيه للمبادرات الوطنية المهمة التي تصب في مصلحة الوطن والشعب وتجاوز المشكلات والخلافات بين الأطراف وفي اتجاه تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والبناء والتنمية، جاءت أيضاً مبادرة فخامته الأخيرة التي أطلقها في خطابه التاريخي بمناسبة العيد الوطني العشرين لإعادة تحقيق الوحدة الخالدة، لتؤسس لأرضية صلبة يقف عليها جميع الأطراف السياسية للانطلاق إلى تحقيق الوفاق والاتفاق ومن ثم تجاوز كل السلبيات والقضايا الخلافية راهناً التي تؤثر على الوطن والشعب الرامية بتداعياتها السلبية على الكثير من مفاصل الحياة وفي مقدمتها الأمن والاقتصاد والتنمية والمسيرة الديمقراطية وغيرها من المجالات الحيوية الأخرى.
وتمثل مبادرة فخامة رئيس الجمهورية الأخيرة فرصة ذهبية أمام جميع الأطراف السياسية في الساحة للاستجابة لدعوة فخامته لها إلى إجراء حوار وطني ومسئول تحت قبة المؤسسات الدستورية، والتي قرنها فخامته أيضاً بترحيبه بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية من أجل مصلحة الوطن ولما من شأنه طي صفحات الماضي وإزالة كل آثارها السلبية وما أحدثته أزمة العام 1993م وحرب صيف 1994م على وجه الخصوص.
وحملت المبادرة أيضاً دلالاتها الوطنية العميقة بتزامنها مع توجيهات فخامة الرئيس بالعفو والإفراج عن جميع المحتجزين على ذمة فتنة التمرد بصعدة، وكذا الخارجون على القانون في بعض مديريات لحج وأبين والضالع، والصحفيون المحكوم عليهم، أو الذين لديهم قضايا منظورة أمام المحاكم في الحق العام. حيث يؤكد هذا التلازم بين الدعوة للحوار والشراكة الوطنية والعفو العام عمن اخطأوا بحق وطنهم ، الحرص الكبير لفخامة رئيس الجمهورية على طي صفحات الماضي، وفتح صفحة جديدة تفعل الجهود الوطنية المخلصة باتجاه إكمال مسيرة اليمن الحديث عبر احتشاد واصطفاف كل الجهود الوطنية الخيرة والمخلصة للتنمية والبناء والإعمار وصيانة كل المقدرات والمنجزات الكبيرة والعظيمة وفي مقدمتها الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والوحدة الخالدة، وكذا الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وثوابته الوطنية ومقدراته العليا.
ويبقى من الضروري التأكيد هنا على أن هذه المبادرة الرئاسية الوطنية المخلصة والتي جاءت في وقت عصيب تمر به البلاد، تمثل كما أسلفنا مصلحة وطنية عليا وفرصة ذهبية على جميع الأطراف السياسية وفي مقدمتهم الشركاء في صنع الوحدة والدفاع عنها، أن يغتنموا هذه الفرصة وعلى شكل عاجل من الاستجابة والسرعة بعيداً عن إضاعة الوقت وتسويف المواقف، وأيضاً لتقديم نفسها وإلى الجماهير والوطن عبر مواقف وطنية جادة ومسئولة، بالاستجابة والتجاوب الايجابي الفاعل مع دعوة فخامة رئيس الجمهورية للحوار والشراكة والوصول إلى توافق وطني ايجابي خلاق حول القضايا التي تهم الوطن والشعب على حد سواء.
ونقول إن اليمن اليوم وبما تواجهه من تحديدات داخلية وخارجية كبيرة هي أحوج ما تكون إلى اصطفاف وطني شامل وجامع خاصة من الأطراف السياسية في الحكم والمعارضة وعلى وجه الخصوص الشركاء الوطنيون في الوحدة والدفاع عنها، و إلى تحكيم العقل والرشد وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من مصالح حزبية أو شخصية ضيقة، مستجيبين ومستفيدين من مبادرة فخامة رئيس الجمهورية التي هيأت الأجواء المناسبة أمام الجميع للانخراط في حوار وطني جاد ومسئول بعيداً عن الإملاءات والاشتراطات المسبقة التي تضع العراقيل أمام عملية الحوار وتضيع معها الفرص والوقت وترمي بظلالها السلبية على أوضاعنا وتفاقم من المشكلات والاختلافات التي لا يمكن تجاوزها إلا بالتزام الجميع بالحوار الوطني القائم على المبادئ والقيم التي تحكم جميع الأطراف السياسية وتحت قاعدة الارتقاء إلى المسئولية الوطنية في أرقى صورها، وعلى اعتبار أن الوطن ومصالحة ومقدراته ومنجزاته مسعى وهدف وغاية كل أبناء الوطن المخلصين الأوفياء دون استثناء وفي مقدمتهم بالضرورة الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة التي عنتها مبادرة فخامة رئيس الجمهورية على وجه الدقة والخصوص.
* نقلاً عن صحيفة 14 اكتوبر