احمد غيلان -
المشترك الأسود
الأزمة التي تعيشها قيادات أحزاب المشترك لم تعد خافية على أحد ممن يتابعون مفردات الحياة السياسية اليمنية. وليس جديداً الحديث عن تباينات الايديولوجيات والأفكار والرؤى وحتى المدارس التي أتى منها قياديو احزاب المشترك الذين تشربوا التنظير الايديولوجي بكل تفرعاته وبمختلف مدارسه سواءً أولئك الذين أتوا من المدارس الدينية التي تلقن روادها ثقافة الاقصاء والاحادية، أو أولئك القادمين من المدارس الايديولوجية التي لاتجيد أكثر من غرس نوازع الجدل وثقافة احتكار الحق والحقيقة.
مشكلتنا ومشكلة الوطن مع هؤلاء أنهم درسوا التنظير والجدل وتربوا على ثقافة الاقصاء والاحادية، ولايجيدون صنعاً نبيلاً كما يجيدون تمجيد ذواتهم وتأليه سادتهم وسدنتهم وكبار منظريهم.. ولايمتلكون أبسط مؤهلات البناء والانجاز والتطور ولايمتلكون من القدرات والمواهب سوى التعصب الأعمى والتطرف المقيت والترويج الأهوج للرؤى الشمولية الاقصائية الأحادية الفجة.
ومشكلة هؤلاء مع أنفسهم ومع أحزابهم أنهم غير قادرين على الابتكار والتجديد، بل وغير مؤهلين للتعاطي مع مستجدات الحياة ومفرداتها الجديدة ومتغيرات الزمن على جميع المستويات، لأنهم تعودوا على الدوران في ذات الحلقات المغلقة التي طواها حول أعناقهم وأفكارهم جلاوزة الأزمنة الشمولية، وكهنة التطرف، ورموز النرجسية، الذين اسسوا المنهاج التعبوي وأساليب غسل الأدمغة..
ولأن هذه هي حال قيادات أحزاب المشترك فليس غريباً ان نجدهم كل يوم برأي وموقف، ازاء من حولهم ومن يختلف معهم، وحتى إزاء من يقف خلفهم ومعهم من بسطاء الناس الذين لم يعد أحد منهم يدرك سر الدوامة التي أوصلت هذه الأحزاب وقياداتها الى طرق مسدودة على مختلف الأصعدة. والواقع ان قيادات تحمل كل هذا التشدد وكل تلك الرواسب يصعب عليها ان ترسم أفقاً نقياً لنفسها او لأعضائها او للوطن، كما يصعب - بل يستحيل - ان يعول عليها رسم ملامح مستقبل مشرق أو أمل مرتقب او تضع بذرة لغد يحلم به الانقياء والبسطاء على تراب هذا الوطن. ولذلك كله لا غرابة ان تجد مثل هذه القيادات نفسها في عزلة عن الواقع، وفي معزل عن الجماهير التي لم يعد ينقصها من موجبات الكآبة كل هذه السوداوية التي يسفها قادة أحزاب المشترك في وجه الحاضر والمستقبل.