علي حسن الشاطر -
علاقة متميزة 2 -2
وجد اليمنيون من خادم الحرمين الملك عبدالله مواقف أخوية صادقة ومبدئية قوية وثابتة، لا شك أنها ستعكس نفسها ايجابياً على واقع وحياة اليمنيين وتسهم في مساعدتهم على تجاوز الكثير من صعوباتهم وتحدياتهم، وخاصة المغتربين من أبناء اليمن في المملكة، كما تجسدت تلك المواقف في حتمية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والوصول بها إلى مراحل متقدمة في كل المجالات معززة بالثقة المتبادلة بين قيادتي البلدين.
ونحن نتحدث عن مسار وتطور العلاقات اليمنية - السعودية خلال العقد المنصرم لا ننسى الإشارة إلى أن التيارات والجماعات الإرهابية قد استغلت هذا الانفتاح الكبير إلى أبعد حد في خدمة أهدافها ومشاريعها الإرهابية التدميرية المتطرفة وهو ما أتاح لها إمكانية استعادة نشاطها الإرهابي وتشكيل كيانها التنظيمي والقيادي الموحد على مستوى اليمن والمملكة، وربما سهل عليها إلى حد ما الحركة والتنقل ضمن هذا الإطار الاجتماعي والجغرافي؛ وهو الأمر الذي حتم على قيادة البلدين العمل على إيجاد الضوابط التشريعية والقانونية والإجرائية المنظمة والمحددة للاتجاهات السليمة لمسار تطور هذه العلاقة ، وتلافي الوضعيات السائبة التي يمكن أن يستغلها أعداء البلدين والمخربون وأصحاب التجارة غير المشروعة والراغبون في نسف هذه العلاقة وتدمير جسور التواصل الرسمية والشعبية.
خلال السنوات المنصرمة فرضت إشكالات وتعقيدات الواقع اليمني نفسها في صدارة اهتمامات قيادة المملكة العربية السعودية وضمن أجندة السياسة الدولية والإقليمية، وهو الأمر الذي يعكس حقيقة القلق السياسي الرسمي والشعبي في دول الجوار من أي تداعيات سلبية أو مخاطر مترتبة عن بعض الإشكالات والتحديات وتعقيداتها المحتملة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وهو ما حتم حضورها ضمن الأجندة السياسية والعملية لدول المنطقة وبالذات المملكة العربية السعودية التي كرست جهوداً وإمكانات لا يستهان بها في إخماد بؤر الأزمات والاضطرابات الملتهبة واحتواء مساراتها المتفاقمة وتداعياتها ومخاطرها المستفحلة على دول المنطقة بشكل مبكر..
وتضطلع المملكة العربية السعودية بدور ريادي متميز في حشد المواقف والإمكانات الإقليمية والدولية الممكنة لمساعدة ودعم اليمن في إيجاد المعالجات والحلول العاجلة لأي إشكالات برؤية إستراتيجية تلبي الاحتياجات والمتطلبات الأمنية والتنموية لكل شعوب المنطقة، لاسيما في هذه المرحلة التي أضحت فيها العلاقات اليمنية - السعودية تفرض نفسها بقوة في المعادلة السياسية والاقتصادية والأمنية والمصالح المتبادلة بين شعوب ودول المنطقة، وتمثل إحدى البوابات الرئيسة لتقدمها وازدهارها واستقرارها.
والاهتمام بهذه العلاقة وتطويرها أضحى قضية حيوية تحتمها تطورات الأوضاع السياسية والأمنية وتحدياتها الحقيقية التي باتت تطرح بشكل يومي أمام قيادات وشعوب المنطقة مهمة البحث عن معالجات وآليات عملية واقعية لمختلف إشكالات اليمن ضمن إطار الترابط الوثيق بين إشكالات الواقع الإقليمي العام وتحدياته من جهة، ومكوناته الجغرافية والاجتماعية السياسية المختلفة من جهة أخرى.
وخلال عقد من عمر معاهدة الحدود الدولية اليمنية - السعودية تطورت الكثير من العوامل والبُنى والشروط السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية المعززة لحالة الاستقرار والازدهار والتطور للمنطقة، وفي الوقت ذاته برزت متغيرات وتحديات أمنية واقتصادية وسياسية وعسكرية خطيرة، سارت باتجاهات اتسمت بالمزيد من التعقيدات والتهديدات الجدية لمستقبل المنطقة، الأمر الذي وضع حكوماتها وشعوبها وأمنها الإقليمي ومستقبلها التنموي على المحك، ووضعها أمام امتحانات شديدة الأهمية تكشف عن حيويتها في التعاطي مع مجمل المتغيرات من حولها وقدرتها على الاضطلاع بدورها المشترك في مجابهة هذه التحديات على المستوى القطري والإقليمي.
ونحن نطوي عشر سنوات من عمر معاهدة ترسيم الحدود من الطبيعي أن تتوجه جهودنا العملية نحو مواصلة المسيرة بروح وثابة متطلعة إلى مستقبل أكثر إشراقاً، ومستمدة مضامينها وأهدافها وآلياتها من عمق التلاحم الأخوي بين الشعبين الشقيقين وحاجتهما الملحة إلى الاستمرار في بناء جسور التواصل على مختلف الأصعدة..
* صحيفة الرياض