الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:37 ص
ابحث ابحث عن:
علوم وتقنية
الأحد, 28-مارس-2004
بقلم: نِك كولاكاوسكي ولينة ملكاوي -
التسويق الإلكتروني بين حرية المسوق وحق المواطن

أصبح عرض السلع عن طريق الهاتف والبريد الإلكتروني من أحدث وسائل ترويج السلع، غير أن هذه الوسائل قد تعدّت الحدود وصارت من أكبر مصادر الإزعاج.
تعرّض كمبيوتر ديفيد جاكسون لغزو مكثف من قِبَل رسائل إلكترونية لم يكن يتوقعها على الإطلاق، فبعد أن كان هذا الفني المتخصص في التصميم والذي يعمل في شركة للنشر في واشنطن العاصمة يتلقى رسالتين أو ثلاثة في الأسبوع على عنوانه الإلكتروني الخاص بالعمل، فوجِئ ذات يوم بوجود 1,652 رسالة في صندوق بريدي الإلكتروني، معظمها إعلانات تعرض بيع سلع وخدمات مختلفة. وكان دافع جاكسون إلى القلق هو أنه لم يشتر شيئاً عن طريق الإنترنت، ولم يكن يعطي عنوانه طوعاً عليها. لكن سيل الرسائل كان ينهال عليه، يقول: "وصل الأمر إلى درجة أن بريده الالكتروني اكتظّ بالحثالة من الرسائل إلى درجة تَعَذُّرِ فتحه"، ويقول أيضاً: "الكم الكبير من حثالة الرسائل كان يخنق الكمبيوتر".
في نهاية المطاف، اضطر جاكسون إلى أن يغلق ذلك العنوان الذي يستخدمه في المكتب وينشئ عنواناً جديداً. ورغم اضطراره إلى أن يتحمّل عبء إخبار المتراسلين معه بتغّييره لعنوانه، إلا أنه وجد أن ذلك "أسهل بكثير من الإبقاء على العنوان القديم، الذي لم أكن أستطيع أن أفعل به شيئاً قبل أن أحذف 600 رسالة مما لا أرغبه".

ترويج غير مرغوب
جاكسون من أمثال الملايين الذين ينزعجون اليوم من الرسائل الإلكترونية التجارية غير المرغوب فيها والتي يطلق عليها "سبام" spam. شكل آخر من أشكال ترويج السلع هو التسويق عن طريق الهاتف، وهو مستخدم منذ عدة سنوات. فالباعة ينهالون على الأميركيين يومياً بالمكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية على أمل أن يشتري أحدهم شيئاً. وتأتي هذه المكالمات والرسائل من شركات كبيرة جديرة بالثقة، كما تأتي أيضاً من جهات مشكوك في مصداقيتها تبيع سلعاً رديئة الجودة أو الصلاحية. ويقوم بعض محترفي النصب والاحتيال باستخدام تلك الوسائل لممارسة الاحتيال واختلاس الملايين من الدولارات من الساذجين. المصادر التي تنطلق منها هذه الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية لم تعد هي المهمة لدى الناس، فقد بلغ السيل الزبى وضاقوا ذرعاً بكل تلك الرسائل والمكالمات بغض النظر عن مصدرها. والنكتة المشهورة في أميركا، التي تقول إن الذين يروّجون السلع عن طريق الهاتف يكادون لا يتصلون إلا أثناء تناولهم للعَشاء، لم تعد نكتة مضحكة. فالناس يريدون حماية خصوصيتهم، وهم الآن مستعدون لاستخدام ما أمكن من الوسائل القانونية والتكنولوجية لاسترجاع تلك الخصوصية، وذلك الحق الذي يضمن لهم عدم التعرّض لاتصالات غير مرحّب بها.

30 مليار رسالة إلكترونية يومياً
هذا الحجم الهائل من الرسائل غير المرغوب فيها تعاظم مع تزايد انتشار الإنترنت. فإن كنت قد سجّلت لقائمة مراسلة إلكترونية، أو دخلت غرفة دردشة، أو سجلت مُنْتَجاً اشتريته، أو سجّلت لأية خدمة أعطيت لها بريدك الإلكتروني، فإنك على الأرجح تتلقى رسائل لم تطلبها. فهناك ما يقارب 30 مليار رسالة إلكترونية تُرسَل كل يوم، غير أن أكثر من نصفها يُعَدُّ رسائل غير مرغوب فيها كما تشير الإحصاءات. وأكثرها رسائل تتعلق بالجنس وعلاج الأسنان وشراء الأدوية والعقارات. ومن المفارقة، أن الترحيب ببعض هذه الرسائل المزعجة يؤدي إلى تفاقمها، إذ قد تؤدي زيارة بعض المواقع المعلن عنها إلى خرق لمسائل السرية، خاصة مع وجود الثغرات في الأنظمة، وأحيانا يتم ذلك عن جهل وليس عن قصد.
هذا الوابل من الرسائل غير المرغوب فيها جعلها أكثر من مجرد إزعاج، إذ أصبحت تشكّل عبئاً مادياً؛ حيث تبلغ تكلفة التعامل مع هذه الرسائل ما بين 10 إلى 87 مليار دولار سنوياً تتكلفها الشركات الأميركية نتيجة للإنتاجية المفقودة والتكاليف التكنولوجية المتعاظمة المترتبة على التعامل مع الرسائل المزعجة. ويُعدّ الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة إلى الشركات التي تقدم خدمة الإنترنت، فالرسائل المزعجة تستهلك الجزء الأكبر من سعة النطاق أو حجم تدفق البيانات عبر الشبكات، وهي بذلك تكلفهم أموالاً، وهو ما قاد إلى خسائرة مالية فادحة منيت بها الشركات الصغيرة التي توفّر خدمات الإنترنت مما أدى لإغلاقها. أما الشركات الكبيرة، فهي تكرّس جزءاً كبيراً من ميزانيتها لمحاربة الرسائل المزعجة، مما قد يضعها في وضع مالي خطير إن لم يتم التعامل مع المشكلة قريباً.

كذلك فإن الخادمات Servers يتراجع أداؤها وتصبح بطيئة نتيجة الغث من الرسائل، وهذا بدوره يؤدي إلى عرقلة قدرة مستخدمي البريد الإلكتروني على استخدامه للأمور المفيدة فعلا ويجعلهم عرضة للانتظار الطويل.

وتشير التقارير والدراسات إلى أن أغلب الـ117 مليون من الأميركيين الذين يستخدمون البريد الإلكتروني ضاقوا ذرعاً بالرسائل المزعجة. ففي دراسة قامت بها مؤخراً مؤسسة "بيو إنترنت" Pew Internet للأبحاث ومؤسسة مشروع الحياة الأميركية American Life Project، فإن 25% ممن تم استجوابهم قالوا إنهم يُقلِّصون من استخدامهم للبريد الإلكتروني بسبب الرسائل المزعجة، بينما قال 75% إن فيض الرسائل غير المرغوبة تسبب لهم الإزعاج. وحسب ما يقوله ديب فيلوز الذي قام بإعداد الدراسة فإن الرسائل المزعجة "وصلت إلى مستوى حرجاً وبدأت تؤثر على حياة الناس سلبياً، والمشكلة تزداد ضخامة كل شهر".

يرى جون موزينا، أحد مؤسسي "الائتلاف ضدّ البريد الإلكتروني التجاري غير المرغوب فيه" Coalition Against Unsolicited Commercial E-mail (CAUCE)، وهو مجموعة ضغط تكافح الرسائل المزعجة وتضم ما يقارب 20 ألف عضو، يرى أن الرسائل المزعجة هي أسوأ أنواع وسائل الإعلان على الإطلاق، فيقول: "لا يمكن مقارنة هذه الرسائل بالإعلانات، فالإعلانات عموماً بما فيها إعلانات الإنترنت التي تظهر في شكل نوافذ فجائية Pop Ups، تدفع تكاليفها الجهات المعلِنة، وبالتالي تموّل جزئياً الخدمة التي يحصل الناس عليها وهو أمر مقبول". ويشرح ذلك بقوله: "يتقبل المرء هذه الإعلانات لأن هذه هي الوسيلة التي تغطي تكلفة الخدمة التي تتلقاها بالمجان سواء كان ذلك في شكل موسيقى أو أخبار، أوغير ذلك. أما حين تقوم الخدمات التي توّفر خدمة الإنترنت بِتَحَمُّل تلك التكاليف الباهظة للتعامل مع مشكلة الرسائل المزعجة، فإن هذه التكاليف سوف يجري تمريرها إلى المستهلكين الشرعيين لخدمات الإنترنت". الطريف في الأمر أن احتراف مهنة الإزعاج أمر ليس بالأمر الصعب، فيمكنك أن تنشئ مشروعاً لإرسال الرسائل غير المرغوب فيها بجهد محدود وتكلفة زهيدة. فهناك قواعد بيانات تحتوي على الملايين من عناوين البريد الإلكتروني يمكن شراؤها بمبلغ 10 دولارات لكل مليون عنوان. والاتصال بالإنترنت بساعات غير محدودة يكلف ما بين 9.99 و19.99 دولار، حسب نوع الخدمة. كما يمكنك ترقية كمبيوترك بأقل من 100 دولار ليشمل المعدّات والبرامج اللازمة لإرسال الملايين من الرسائل، فإذا بك محترف في مهنة الإزعاج. ويا لها من مهنة مجدية للأسف، فكما يقول موزينا: "بما أن إرسال مليون رسالة لا يكلّف أكثر مما يكلّفه إرسال ألف رسالة، فإنّ مرسلي الرسائل المزعجة يحقّقون أرباحهم بقدر كمية الرسائل التي يرسلونها، كل ما يلزمهم بعد ذلك هو إيجاد شخص واحد له من السذاجة ما يدفعه إلى شراء شيء". والكثيرون من مرسلي الرسائل المزعجة يحققون أرباحاً، كما تشير المؤشرات، حتى وإن كانت من بضعة أشخاص يدفعون 50 دولاراً مقابل حصولهم على بعض أدوية الأعشاب المزعومة مثلاً.

كيف يمكنك إيقاف السيل؟

ربما يكون أفضل وسيلة لذلك هو ببساطة أن تحذفها، فليس من مصلحتك أن تطلب منهم إزالة عنوانك من قائمتهم، فهذه العملية بحد ذاتها تخبرهم أن لديهم عنواناً فاعلاً. وكثير من الرسائل المزعجة تزيّف عنوان المرسل، مما يعني أنك حين تجيب على الرسالة، فإنها لا تصل إلى أحد (انظر العمود الجانبي لمزيد من النصائح).

أما فكرة إجازة قانون للقضاء على الرسائل المزعجة فتبدو عبثية. فطالما وجد الناس أن البريد الإلكتروني وسيلة تسويقية فعّالة، فسوف يتحايلون على جميع الأساليب القانونية والتكنولوجية للوصول إلى صندوق بريدك. لعل أقصى ما يمكن أنْ نأمله هو أن يتحول الوابل الشديد إلى قطرات خفيفة.

لعل المخرج من الأزمة هو استخدام الوسائل القانونية والتكنولوجية على حد سواء. يقول جون موزينا: "الكثير من الأشخاص الأذكياء والمال مكرّس لحل المشكلة من الجانب التقني". ويضيف: "ما بدأنا بمواجهته الآن هو الجانب التقني".

معركة قانونية

بداية المعركة القانونية بدأت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، حين صوّت مجلس الشيوخ الأميركي (97 مقابل لا شيء) لإقرار تشريعات لمحاربة الرسائل المزعجة. وتعتبر هذه القوانين الوسائل التي يستخدمها مرسلو الرسائل المزعجة بحكم الجريمة، بما في ذلك إعداد الكمبيوترات التي ترسل الملايين من الرسائل بشكل آلي. كما أنها تحثّ على إنشاء قائمة "لا ترسل الرسائل غير المرغوب فيها" شبيهة بقائمة "لا تتصل" المستخدمة ضد الذين يتصلون هاتفياً من غير ترحيب.

هل ستمنع مثل هذه القائمة أولئك الذي يرسلون الرسائل من الاستمرار في نشر رسائلهم؟ هذا موضوع مثير للجدل. فبعض الجهات مثل "الائتلاف ضدّ البريد الإلكتروني التجاري غير المرغوب فيه" ترى أن القوانين الحالية تترك الكثير من الثغرات التي يمكن للمسوّقين من خلالها (الشرعيين منهم وغير الشرعيين) أن يرسلوا أعدادا هائلة من الرسائل.

أما من وجهة نظر المسوّقين عن طريق الهاتف، فإن المسوّقين الشرعيين (الذين يرسلون رسائل تم الموافقة على تلقيها) ليسوا هم المسببين للمشكلة. فالمؤسسات مثل جمعية التسويق المباشر Direct Marketing Association يرون أن إنشاء قائمة "لا ترسل" سوف تؤثر تأثيرا سلبياً على تجارتهم بينما تسمح لمن يرسل رسائل مخلّة بالأخلاق لمتابعة ما يفعل. لويس ماستريا، مدير العلاقات العامة والدولية في جمعية التسويق المباشر، يقارن بين الرسائل غير المرغوب فيها والتسويق الشرعي عن طريق البريد الإلكتروني، فيقول: "إذا جاءتك رسالة نصب واحتيال من أرملة في نيجيريا تعرض عليك 20 مليون دولار إذا أرسلت لها خمسة آلاف دولار، هل هذا قانوني؟ بالطبع لا، إنه أذىً. أما إذا جاءك كوبون يخصم 20 دولاراً على بنطلون تشتريه من محل تجاري، هل هذا قانوني؟ نعم. هذا إذاً هوالفرق بين الرسائل المزعجة والتسويق الشرعي المباشر".

70 مليون مكالمة تسويقية سنوياً وإذا كان التسويق عن طريق الإنترنت تجارة مربحة، فإن التسويق عن طريق الهاتف تجارة أكثر ربحاً. ففي 2002، أجرى المسوّقون عن طريق الهاتف 70 مليون مكالمة هاتفية وحققوا أرباحاً فاقت 100 مليار دولار مقابل المنتجات والخدمات للمستهلكين، إضافة إلى 114 مليار دولار أرباحاً من المكالمات التي أجروها مع المؤسسات. وتوظّف تجارة التسويق عن طريق الهاتف ما يقارب من مليوني شخص يعمل معظمهم في الأماكن الريفية.

قائمة "لا تتصل"

وكما هو الحال بخصوص الرسائل المزعجة والرسائل التسويقية الشرعية، فإن التسويق عن طريق الهاتف أثار جدلاً واسعاً منذ وقت طويل، حيث إن الظاهرة موجودة قبل عهد الإنترنت. وعلى عكس التسويق الإلكتروني، هناك قوانين مقرّرة سلفاً تحدّ من السماح لمندوبي المبيعات بأنْ يتحرّشوا بالزبائن عن طريق الهاتف. والركيزة الأساسية لهذه القوانين هي قائمة "لا تتصل" الجديدة التي تسمح لك بتسجّيل رقم هاتفك على قائمة وطنية، ويتعرّض من يتصل بك من المسوّقين بعد تسجيلك في تلك القائمة إلى ملاحقة قانونية ينتج عنها غرامة مالية ضخمة. ولدت فكرة قائمة "لا تتصل" في حزيران/يونيو 2001، حين سمع تيميثي موريس رئيس "هيئة التجارة الفدرالية" Federal Trade Commission أن خصوصية الزبائن أصبحت من القضايا الرئيسية التي تحوّلت إلى بؤرة اهتمام الجمهور وأعضاء الكونغرس الأميركي في الوقت ذاته. ووفقاً لما قالته كاثي ماكفارلين، وهي متحدثة باسم قسم العلاقات العامة في هيئة التجارة الفدرالية، فإن رئيس الهيئة: "شعر أن ما يقلق المستهلكين على وجه أخص هو إساءة استخدام معلوماتهم الشخصية، وأراد أن يوفّر للمستهلكين القدرة على التحكم بمن له الحق في الاتصال ببيوتهم، وبالجهات التي تؤول إليها معلوماتهم الشخصية".

ولاقت الفكرة ترحيباً سريعاً، وبحلول شباط/فبراير 2003 أقر الكونغرس 18.1 مليون دولار لتطبيق خدمة التسجيل في قائمة "لا تتصل". بمجرد أن يَرِدَ رقمك في القائمة، نظرياً، لا يُسمح لمندوبي المبيعات أن يكلموك عن طريق الهاتف، والاستثناء الوحيد هو المؤسسات الخيرية وباحثو الاستطلاعات، والحملات السياسية، والشركات التي تربطك بها علاقة تجارية، والشركات التي أعطيتَ لها إذناً مكتوباً لكي يبقى اسمك على قائمتها.

وقد تم فتح باب التسجيل في القائمة في 27 حزيران/يونيو، على أساس أن يتم تنفيذ الالتزام به اعتباراً من 1 تشرين الأول/أكتوبر. كما قامت هيئة التجارة الفدرالية بوضع إعلانات في الصحف والإذاعات تعلن فيها عن إمكانية التسجيل في القائمة، وتلك دعاية نادرة لقانون حكومي، فكانت الاستجابة مباشرة، حيث وضع أكثر من 53 مليون شخص أرقام هواتفهم في القائمة مع بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

غير أن "جمعية الخدمات عن طريق الهاتف" American Tele-services Association، وهي مجموعة تجارية تمثل 650 شركة تسويق عن طريق الهاتف، رفعت قضية ضد القائمة تدعي فيها أنها تميّز بغير حق ضد المسوّقين عن طريق الهاتف. واستجابة لذلك، قررت محكمة في ولاية أوكلاهوما أن توقف العمل بقائمة "لا تتصل"، وهو قرار أثار استغراب الكثيرين.

غير أن الكونغرس الذي خشي إغضاب الملايين من الناخبين، صوّت لصالح القائمة رغم ذلك. ثم حكم قاض فدرالي في مدينة دنفر بولاية كولورادو أن قائمة "لا تتصل" تتعارض مع حق المسوّقين عن طريق الهاتف في حرية الكلام، مما وضع القائمة في حالة انتظار مرة أخرى. وأخيراً، أنهت محكمة الاستئناف الفدراليّة للدائرة العاشرة لعبة شد الحبل بالسماح للقائمة أن تبقى عاملة على الرغم من اعتراضات مجموعات التسويق.

تقول كاثي ماكفارلين: "مجموعات التسويق تعتقد أن قائمة (لا تتصل) سوف تميّز ضد تجارتهم من ناحية الوظائف. وما نراه في الحقيقة -وهو ما كنا نتوقعه طيلة هذه الفترة- أن الناس حين يريدون شيئاً فإنهم يتصلون بأنفسهم بالجهات المسوقة".

التغييرات التي حدثت مؤخراً في تجارة التسويق عن بعد يدعم كلامها. شركة سايكيز إنتربرايزز Sykes Enterprises التي تتخذ من مدينة تامبا بولاية فلوريدا مقراً لها، وهي إحدى أكبر شركات الاتصال عن طريق الهاتف في أميركا، تُجري الآن إعادة ترتيب خدماتها لتقليل التركيز على إجراء المكالمات الهاتفية وزيادته على تلقيها. واستراتيجيتها هي التعاون مع موفري الخدمات عن طريق البريد العادي، واستخدام الوسائل المبتكرة كتوفير الجوائز للزبائن الذين يتصلون، مثل الإجازات المجانية والخصومات على أقراص DVD.

أما بعض الشركات الأخرى التي تختص بالتسويق عن طريق الهاتف، فإنها تبحث عن ثغرات في القوانين الحالية يمكن استغلالها لمزاولة أعمالها. إنْ كيو InQ مثلاً، وهي شركة صغيرة في كاليفورنيا تعقد اتفاقيات شراكة الآن مع شركات البيع على الإنترنت بالقطاعي مثل ببليشرز كليرنغ هاوس Publishers Clearing House. وبعد أن يشتري الزبائن شيئاً من أحد هذه المواقع على الإنترنت، يتّصل بهم المسوّقون عن طريق الهاتف لمعرفة ما إذا كانوا يريدون سلعاً من شركات أخرى. ثم تتقاسم إنكيو مع شركائها عائدات البيع التي تمت عن طريق الهاتف، ولا تكون هذه المكالمات مخالفة لقوانين هيئة التجارة الفدرالية.

ومع ذلك كله، فإنّ هناك شركات تسويق عن طريق الهاتف لا تزال تتابع العمل وكأن قائمة "لا تتصل" غير موجودة. فشكاوى الناس ضد المسوّقين عن طريق الهاتف زادت عن 40 ألف مع بداية شهر ‏تشرين الثاني‏‏/نوفمبر. يبدو أن هؤلاء الباعة لا تردعهم الغرامات ولا العقوبات
مرسلو الرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها والمسوّقون عن طريق الهاتف يعرفون أن هناك سوقاً لشراء السلع عن طريق الإنترنت والهاتف، لذا فإنهم لن يكفوا عما يفعلون بل سيناضلون من أجل استمراره. وكما يقول ماستريا: "هناك عدد كبير من الناس المستعدّين لشراء السلع والخدمات عن بعد. وبالنسبة لكثير من الأميركيين فإن هذه الأساليب هي أساليب شرعية للتجارة، وستبقى شرعية، والمهم هو أن نقضي على غير الشرعي منها".

وبالنسبة للملايين الذي سجلوا أرقام هواتفهم في قائمة "لا تتصل"، والملايين الذي ينادون بإنهاء مشكلة الرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها، يبقى السؤال المطروح هو: هل هناك فرق بين هؤلاء الشرعيين وغير الشرعيين من المسوّقين؟ الاحتجاجات والشكاوى والقوانين الجديدة تؤكّد كلها شيئاً واحداً مفروغاً منه، وهو أن الناس يريدون تناول العشاء وقراءة البريد الإلكتروني دون إزعاجات.
.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر