فيصل الشبيبي -
هذا ما تحتاجهُ اليمن
على الرغم من أنَّ المخاضَ كانَ عسيراً و طويلاً ، إلاّ أن الاتفاقَ الموقّعَ بين طرفي المعادلة السياسية أمس الأول الذي رعاه فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية قد أحيا الآمالَ من جديدٍ في التوصّلِ إلى صيغةٍ مُشتركةٍ لرسمِ ملامح المرحلة المقبلة بعيداً عن أجواء التوتر والاحتقان السياسي التى لا تخدم سوى المتربصين بوطننا اليمن الذي يحتاج كثيراً للوفاق والاتفاق ، للمحبةِ والإخاء ، للتسامحِ والتناصح ، للامنِ والاستقرار ، للبناءِ والاعمار .
ما أودُّ التأكيدَ عليه هو أن التنازلَ للوطنِ ومن أجلهِ ليس انهزاماً وتراجعاً كما يُصوّرهُ البعضُ بل هو الرجولةُ ذاتُها والحكمةُ عينُها ’ فالجميعُ مسؤولون أمام الله والوطن والاجيال القادمة بتهيئة الاجواء وتنقيتها من كل الشوائب وتوفير المناخات الملائمة بكل السبل المتاحة ، بدلاً من تعكير الصفو الاجتماعي والهرولة نحو التأزيم والتنافر،، فليس منتصراً من يصنعُ التوترَ ويخلقُ التذمّرَ ويزرعُ الشقاقَ والفرقةَ بين الأخوة .
لذلك أوجّه الدعوة إلى أهلنا جميعاً ممن يُمسكون بزمام اللعبة السياسية أن يكونوا عند حُسنِ ظنِّ الجميع بهم ، وان يبذلوا ما بوسعهم لإنجاحِ الحوارِ المُرتقب عن طريق تعزيز الثقة والتناصح الاخوي الصادق ، وأن يقفوا جميعاً بوجهِ كلِّ من يسعى إلى إضعاف الوطن ووحدته ويمسُّ ثوابتَهُ و مقدراتِهِ كائناً من كان ..
أتمنى عليهم ان يتحوَّلوا إلى أطباءَ لتضميدِ الجراح التي نزفت ، وإلى مُهندسين لترميم أي شرخٍ حدثَ هنا أو هناك ، فهذا ماتحتاجه اليمن..
وما نأمله ونرجوه أيضا هو الا تتكرّر التجاربُ المُرّةُ مع الحوار كما حدث في الأشهر الاخيرة فالمرحلةُ لم تَعُدْ تحتملُ المزيدَ من المساجلات والتجاذبات والتوترات ..
ومما يجدرُ الإشارةُ إليه ، التذكيرُ بأنَّ المُهمةَ كبيرةٌ والمساحة الزمنية لا تحتملُ التأخير والترنّح خاصة ونحن قادمون بعد حوالي تسعة أشهر على استحقاق انتخابي نيابي لا يمكن تاجيله ، ما يستدعي بذل جهود مكثفة من الجميع لإنجاح هذا الاستحقاق وتجذير العملية الديمقراطية في بلدنا من خلال ترسيخ قيمها بما يتواكب مع متطلبات الواقع ومتغيرات المرحلة ..
بصراحة .. لقد أسعَدَنا هذا الاتفاقُ كثيراً بعد أن غابت الابتسامةُ لفترةٍ ليست بالقصيرةِ عن ثغورِ الكثيرين الذين ظلوا يراقبون ما يُعتملُ على الساحة بكثيرٍ من القلق والخشية من ارتفاع وتيرة الاحتقان السياسي ، لذلك فإن المسؤوليةَ التي تقعُ على عاتق السياسيين أكبرُ بكثير من ذي قبل للحفاظ على هذه الابتسامة واستدامتها وتحديداً إذا ما أدركوا أنهم شركاء حقيقيون في بناء الوطن ..
وكما قلنا في البداية وعديدِ تناولاتٍ سابقة : فإن تقديمَ التنازلات من أجل الوطن ليست مذمةً بقدرِ ما تكون إضافة ًإيجابيةً إلى أرصدةِ السياسيين ونجاحاتِهم ، والتاريخ ـ بكل مراحله ـ مليئٌ بالشواهد والنماذج الحية.. وفّقَ اللهُ الجميعَ لخدمة اليمن العزيز إنّهُ على ما يشاء قدير..
[email protected]