الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:00 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الخميس, 22-يوليو-2010
المؤتمر نت -     احمد الحبيشي -
لليمن ..لا لعلي عبدالله صالح ( 51 )...طريق الأشواك من الثورة الى الدولة
تحدثنا في الحلقة الماضية عن واقعة اكتشاف بقايا الرق والعبودية في محافظة حجة وبعض المناطق النائية التي تغيب فيها سلطة الدولة، حيث يواصل بعض مشايخ القبائل امتلاك وتوارث وبيع وشراء العبيد والجواري، على الرغم من أن دستور الجمهورية اليمنية وقانون الجرائم والعقوبات يحرمان بيع وشراء الإنسان في سوق النخاسة تنفيذا ً لالتزام اليمن بالمعاهدة الدولية لتحريم الرق.
والمعروف أن انضمام اليمن إلى المعاهدة الدولية التحريم الرق كان في مقدمة القرارات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة في اليمن بعد يومين من قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م، وهو ما شجع الملك سعود بن عبدالعزيز على إعلان انضمام المملكة العربية السعودية إلى هذه الاتفاقية والتوقيع عليها بعد ثلاثة أسابيع من إعلان إنضمام اليمن إلى هذه الاتفاقية.. وبهذا كانت اليمن والسعودية آخر دولتين انضمتا إلى المعاهدة الدولية لتحريم الرق، بعد أن أعلن رجال الدين في هذين البلدين معارضة شرسة لهذه المعاهدة، ومارسوا ضغوطـا قوية على حكومتي اليمن والسعودية لرفض الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لتحريم الرق بحجة أنها تشريع وضعي يسعى الى تقييد ما هو مباح في أحكام الشريعة الإسلامية بحسب مزاعمهم.
والمثير للدهشة أن الخطاب السياسي والإعلامي المعارض، حاول استغلال واقعة الكشف عن قيام أحد القضاة في محافظة حجة بتوثيق عملية بيع وشراء أحد المستعبدين ،وتوظيفها لتشويه صورة النظام السياسي في بلادنا ، واتهام الحكومة اليمنية بالعجز عن فرض سلطة الدولة والقانون، ناهيك عن محاولة أطراف داخلية وخارجية توظيف هذه الواقعة اعلاميا بهدف تصفية حسابات سياسية واقليمية ، مع أن الحقائق تشير إلى أن المشايخ الذين لا يزالون يمتلكون العبيد والجواري هم من المحسوبين على السلطة والمعارضة في آن واحد.
وقد سبق لنا القول إن الكشف عن استمرار عمل أسواق النخاسة في اليمن يسيء إلى قيم الثورة والجمهورية، ويؤذي الضمير الإنساني لشعبنا، وهو ما يستوجب مزيدا من المقاربة الموضوعية لأسباب بقاء علاقات الرق في المناطق التي تغيب فيها سلطة الدولة، بما هي سلطة الدستور والقانون ، بعيدا عن الاستهدافات السياسية والحسابات الحزبية .
ولئن توهم معارضو الرئيس علي عبدالله صالح بأنهم وجدوا في اكتشاف تورط أحد القضاة بتوثيق عملية بيع وشراء إنسان في إحدى مديريات محافظة حجة، فرصة ذهبية لتشديد الهجوم على المشروع السياسي للرئيس علي عبدالله صالح بعد (32) عامـًا من وصوله إلى الحكم، فإنهم خدموه من حيث لم يحتسبوا، لأن غياب الدولة في بعض المناطق التي تعتمد عليها السلطة القبلية لمرحلة ما قبل الدولة، يشكل دليل إدانة للمشروع السياسي الذي تتبناه رموز مشائخية معارضة وبارزة في المؤسسة القبلية ، من خلال اصرارها على الوقوف دائمـًا بموازاة سلطة الدولة، ومقاومة مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة، الذي سعت إلى تحقيقه الثورة اليمنية منذ قيامها قبل (48) عامـًا . ومما يثير الدهشة أن بعض مشايخ القبائل وكبار الاقطاعيين في اليمن يحرصون على الوصول الى مقاعد مجلس النواب بما هوالبرلمان المنتخب ، وتوظيف عضويتهم فيه لإعادة انتاج السلطة القبلية لما قبل الدولة ، والاحتماء بالشرعية الدستورية من أجل تغطية ممارساتهم الخارجة عن الدستور والقانون ، والمناهضة لمبادئ الثورة وقيم النظام الجمهوري الديمقراطي ، بما فيها الاشتغال في سوق النخاسة الذي يتيح لهم امتلاك وشراء وبيع وتوارث العبيد والجواري على نحو ما كشفته صحيفة ( المصدر ) مؤخرا ً !!
ومن نافل القول إنّ القوى الرجعية بمختلف أشكالها وتلاوينها شنت هجومـًا مضادا لثورة السادس والعشرين من سبتمبر منذ اليوم الأول لانطلاقتها قبل (48) عامـا، حيث استخدمت هذه القوى مختلف الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية لإجهاض المشروع الوطني الحضاري لثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، بما في ذلك استخدام الخطاب الديني التحريضي، وصولا إلى حصار السبعين يومـا الذي تعرضت له العاصمة صنعاء، وكان الهدف من تلك الهجمة التي استمرت زهاء ثمان سنوات هو إنهاك قوى الثورة والقضاء على مبادئها وأهدافها.. بيد أن صمود الثورة اليمنية في مواجهة الهجمة الشرسة التي تعرضت لها منذ اليوم الأول لانطلاقتها الكبرى في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م ، لا يعني أن الطريق لمواصلة تحقيق مشروعها الوطني الحضاري كان مفروشـا بالورود، لأن سنوات الحرب المعادية للثورة 1962 – 1970 م حفرت طريقـا مزروعـا بالأشواك والألغام والمصاعب الثقيلة، وهو ما جعل من السنوات اللاحقة لتلك الحرب السوداء ، فترة ركود ثقيل استمرت من عام 1970 حتى عام 1974م، تعطلت خلالها مسيرة الانتقال من الثورة إلى الدولة، الأمر الذي دفع القوى الحية إلى القيام بحركة التصحيح بقيادة الشهيد إبراهيم الحمدي، الذي لم يستمر في الحكم طويلا، حيث جاءت جريمة اغتياله في اكتوبر 1977م لتكشف صعوبة الطريق من الثورة إلى الدولة، وضخامة التركة التي خلفتها سنوات الحرب ضد الثورة، بالإضافة إلى سنوات الركود. وقد فتح مصرع الشهيد الحمدي مرحلة سياسية معقدة تميزت بالاضطرابات الأمنية و عدم الاستقرار والقمع والملاحقة ، وصولا إلى النهاية المأساوية للرئيس أحمد الغشمي الذي تولى السلطة بعد اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي.
في هذا السياق أسهمت سياسة الرئيس / علي عبد الله صالح – منذ وصوله إلى الحكم – يوم 17 يوليو 1978م في إعادة تشغيل مفاعيل العمل الوطتي بهدي أهداف الثورة اليمنية التي أعاد الإعتبار لتاريخها وجدد زخمها بعد ركود طويلا وثقيل استمر منذ عام 1970م ، سبقته فترة طاحنة بالحرب الاهلية والمؤامرات الداخلية والخارجية التي استهدفت اسقاط النظام الجمهوري والقضاء على مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة .
ومما له دلالة ان ترتبط النجاحات التي حققها الرئيس علي عبدالله صالح في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، واصدار القوانين والتشريعات الحديثة للدولة الوطنية ومؤسساتها ، بنجاحات موازية لها في مجال إطفاء بؤرالحروب الأهلية وطي صفحات الصراعات الداخلية ، والحرص على الانفتاح والتسامح والقبول بالآخر ، والبحث عن القواسم المشتركة ، والسعي لتغليب قيم الحوار على ما عداها من القيم السياسية السائدة ، الأمر الذي أفسح الطريق لتأسيس ثقافة سياسية مستقلة عن هيمنة الأيديولوجيا .
وبقدر ما أسهمت توجهات حقبة الرئيس علي عبد الله صالح في تأسيس ثقافة سياسية جديدة، بقدر ما أصبحت هذه الثقافة عنصراً فاعلاً في بنية الثقافة الوطنية التي نهضت لتخليص سؤال الوحدة من سطوة الأيديولوجيا على نحو ما أوضحناه في حلقة سابقة ، حيث تميزت هذه الحقبة بإصرار الرئيس علي عبد الله صالح المتواصل على ممارسة تعب البحث عن أجوبة جديدة على الأسئلة التي تطرحها الحياة المعاصرة بكل متغيراتها وتناقضاتها بعيداً عن الأجوبة الجاهزة والحلول المعلبة ، مع الأخذ بعين الإعتبار ان هذه المهمة تبرز على الدوام في الظروف التي تشهد متغيرات عاصفة ومتسارعة وجراحاً غائرة وعوامل كبح لا يمكن تجاوز آثارها بدون التخلص من قوالب التفكير الجاهزة ، وطرائق العمل القديمة والمألوفة . .
وقد سبق لنا القول ان الظروف تتغير باستمرار ، أما الحقيقة فانها تظل نسبية وليست نهائية .. والوصول إلى الحقيقة ليس سهلاً ولا بسيطاً ، ولذلك فإن النخب التي تعتقد أن الحقيقة النهائية في أيديها ، ولا ينبغي التعب من أجل البحث عنها يومياً بل يكفي تناولها من الملفات الجاهزة أو تقارير الأجهزة اوالكتب الفقهية والسياسية القديمة أو الوثائق الحزبية أو الشعارات الشعبوية ، ان النخب التي تعتقد بذلك ، لا شك في أنها تخاطر بفقدان مقدرتها على التجدد والإستمرارية والعطاء ، وتغامر بضياع مستقبلها السياسي وبعدم قدرتها على أن تكون طليعة سياسية في المجتمع .. ولأنه ليس كذلك فإن الرئيس على عبد الله صالح تصرف طوال هذه الحقبة التي أشرنا إليها على نحو بدا فيه مسكوناً بهموم البحث المستمر عن الحقيقة ، ومحاولة إعادة اكتشاف واقع بحاجة مستمرة إلى المزيد من الكشف.
أن القراءة الموضوعية لخبرة الرئيس علي عبدالله صالح مع الأخر المغاير في مجرى إدارة شئون الحكم منذ توليه السلطة في السابع عشر من يوليو 1978م، تساعدنا على التوصل إلى إستنتاجات ذات مغزى عميق.
جاء الرئيس الشاب علي عبدالله صالح إلى الحكم في بلد مشطر إلى جزئين متنافرين.. ولأنه واحد من جيل الشباب الثوري الذي نشأ وعيه في واقع راكد حركته رياح الثورة اليمنية، فقد كان أبرز ما تميزت به تجربة الرئيس علي عبدالله صالح في الحكم هو إنطلاقها من مدرسة واقعية جديدة في التفكير تنتسب إلى الثورة في مشروعها الرامي إلى التغيير، بقدر ما تنتسب في الوقت نفسه إلى واقع متخلف فشلت في تغييره مشاريع سابقة لتيارات سياسية وفكرية شمولية، يفترض كل واحد منها تمثيل الحقيقة دون سواه، الأمر الذي قاد إلى هيمنة أنماط متصادمة للتفكير النظري والممارسة العملية لا يوحـّـدها سوى قاسم مشترك هو إيديولوجيا الإلغاء التي أفرزت صراعات وإنقسامات حادة داخل المجتمع، لم تنج منها النخب الثورية ــ نفسها ــ ما أدّى الى إصابتها بالتمزق والضعف والتناحر والتحلل.
عند وصوله إلى سدة الحكم تعامل الرئيس علي عبدالله صالح مع بيئة سياسية معاقة بالكوابح ومثقلة بالأمراض التي خلقتها مشاريع بالية فشلت في صياغة مشروع وطني ديمقراطي قابل للتنفيذ والاستمرار، وعجزت في الوقت نفسه عن تقديم بديل حقيقي لثقافة الاستبداد التي كرستها الدولة الثيوقراطية قبل قيام الثورة والجمهورية. ومن نافل القول أن تأسيس المؤتمر الشعبي العام أرتبط بالدور المتميز للرئيس علي عبدالله صالح في قيادة السلطة السياسية للدولة منذ وصوله إلى السلطة في ظروف متميزة أيضاً.. فالرئيس علي عبدالله صالح ــ كما هو معروف ـــ وصل إلى السلطة باختيار مباشر من النخب السياسية التي تمثلت في مجلس الشعب التأسيسي عام 1979م، يوم كان الشطر الشمالي من اليمن يواجه خطر فراغ السلطة نتيجة عزوف القادة السياسيين عن التفكير في تحمل مسئوليات الحكم الذي أودى بحياة رئيسين قبله خلال فترة زمنية قصيرة.. بمعنى أن السلطة هي التي سعت إليه ولم يسع إليها، ناهيك عن إنسداد الحياة السياسية طوال السنوات السابقة لتوليه مهام الحكم بفعل هيمنة القبضة الحديدية لأجهزة الدولة الأمنية، وغياب المجتمع المدني، وتحريم التعددية الحزبية ولجوء الأحزاب إلى العمل السري.
كان قبول الرئيس علي عبدالله صالح هذا التكليف ينطوي على استعداد لمواجهة مخاطر متوقعة على المدى القريب ما فتأ أن وجد نفسه أمامها بعد شهرين من تحمله مسئوليات الحكم، حيث وقع إنقلاب عسكري فاشل في اكتوبر عام 1978م، ثم وجد نفسه بعد خمسة أشهر من ذلك الانقلاب أمام مخاطر جديدة تمثلت في حرب فبراير 1979م بين الشطرين، والتي نجح في إيقافها بواسطة الحوار السياسي الوطني مع قيادة الحزب الاشتراكي في الشطر الجنوبي من الوطن.
وفيما كان الرئيس علي عبدالله صالح يراهن على فسحة من الوقت تمكنه من تضميد الجراح التي نجمت عن إنقلاب اكتوبر 1978م وحرب فبراير 1979م، ومعالجة المشاكل الموروثة عن سنوات الحرب الأهلية والصراع الداخلي منذ عام 1962م، وجد نفسه مرة أخرى في مواجهة اللعبة العمياء للصراع على السلطة باندلاع المعارك المسلحة في المناطق الوسطى، حيث شن الفرع الشمالي للحزب الاشتراكي اليمني حرباً منظمة بهدف تغيير الأوضاع وإسقاط السلطة بالقوة، أستمرت خلال الفترة بين عامي 80 -1982م ، على خلفية معقدة من موروث الصراعات الدامية والانقسامات الداخلية والحروب الشطرية والأهلية التي تركت آثارا سلبية على عملية الانتقال من الثورة الى الدولة .
في ضوء ما تقدم يمكن القول إن الرئيس علي عبدالله صالح تسلم قيادة الشطر الشمالي من الوطن قبل الوحدة ، فيما كان الشطر الآخر منضويـا في إطار دولة شطرية موازية.. كما ورث الرئيس في الشطر الشمالي الذي تسنم قيادته تركة ثقيلة من التخلف والحروب القبلية والأهلية والعجز المالي الحاد والمعارضة المسلحة، والأخطر من كل ذلك أنـه ورث دولة لم تكن قادرة على بسط سلطتها خارج العاصمة صنعاء، الأمر الذي يشير إلى حجم المصاعب التي واجهت ولا زالت تواجه مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة في عموم اليمن.
يبقى القول أننا كنا قد خططنا لأن نتناول في هذه الحلقة رصيد الرئيس علي عبدالله صالح في بناء أسس قانونية مدنية معاصرة للدولة الوطنية الحديثة في اليمن، حيث يعد هذا الرصيد من أبرز ملامح التناقض الحاد بين المشروع السياسي للرئيس علي عبدالله صالح والمشروع السياسي للتيار السلفي الحركي في حزب التجمع اليمني للإصلاح بما هو القوة الرئيسية في تكتل أحزاب المعارضة المنضوية في إطار ما يسمى ( اللقاء المشترك ).. بيد أن الكشف عن وجود سوق للنخاسة في اليمن برعاية واعتراف بعض المشتغلين في السلطة القضائية ، اضطرنا إلى تخصيص الحلقتين السابقة والحالية من هذا المقال ، لتناول هذه الظاهرة لجهة تعارضها مع مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة بما هي دولة المواطنة المتساوية التي يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون.
والحال ان ثمة تعريفات عديدة ومفترضة للمواطنة وفي مقدمتها تعريف علم الاجتماع للمواطنة الذي يصفها بأنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)، حيث تقدم الدولة الحماية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأفراد، عن طريق القانون والدستور الذي يساوي بين الأفراد، فيما يقدم الأفراد الولاء الوطني للدولة ، ويحتمون بدستورها وقوانينها للحصول على حقوقهم . ومن مميزات هذا التعريف انه بالإضافة إلى كونه نمطياً من الناحية النظرية فهو في الوقت نفسه إجرائي منهجي يتيح دراسة المواطنة وقياسها وتحديد مستوياتها والتنبؤ بأبعادها وآفاقها وتقويم أدائها في أي مجتمع. ‏
وبحسب هذا التعريف تكون الحكومة التي تقوم بتتسبير نشاط أجهزة ومؤسسات الدولة هي المسؤولة عن ترسيخ الشعور بالمواطنة، حيث من شأن عدم توفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأفراد ، بما في ذلك عدم المساواة بين المواطنين والمواطنات أمام القانون، إضعاف شعور الأفراد بالمواطنة والولاء لدستور الدولة وقوانينها، وما يترتب على ذلك من حاجة للبحث عن مرجعيات أخرى تحميهم، أو تقدم لهم شعورا ولو كان وهميا بهذه الحماية، كالعودة إلى الارتباط بالجذور الدينية المذهبية أو الطائفية والعائلية والقبلية والعرقية والإقليمية. بمعنى ان العنصر المشترك والأساسي في مفهوم المواطنة هو ما يشير إلى مساواة جميع الأفراد في المجتمع والدولة أمام القانون والدستور وفرص العمل والعيش الحر الكريم بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية والجنسية والطبقية...الخ. ويتضمن هذا التعريف جميع الميزات الأساسية للعقد الاجتماعي وأي إخلال بشروط هذا العقد يترتب عليه اختلال في الاندماج الوطني وتراجع في تطبيق قيم المواطنة وانخفاض فعالية البناء المؤسسي للدولة. ‏
وعليه تغدو المواطنة المتساوية من المبادئ الأساسية للدولة الوطنية الحديثة في معظم وربما في جميع الدساتير والقوانين التي تعتمدها وتسير عليها بلدان المجتمع الدولي المتحضر، ناهيك عن أن المواطنة المتساوية هي جوهر البناء الديمقراطي للدولة التي يقودها نظام سياسي ديمقراطي كما هو الحال في الجمهورية اليمنية الموحدة التي تم الاعلان عن قيامها في الثاني والعشرين من مايو 1990 على أثر توحيد شطري اليمن في دولة واحدة ذات نظام ديمقراطي تعددي ، كما أنها أكثر أشكال المجتمع السياسي والمدني تقدما، وهي الأساس الراسخ للديمقراطية التي لا يمكن بدونها حماية الوحدة و ترسيخها، حيث من شأن الدعوة الى التراجع عن الديمقراطية وتكفيرها وتحريمها ، توجيه ضربة قوية للدولة المدنية الموحدة في يمن الثاني والعشرين من مايو ، على نحو ما تسعى الى تحقيقه المشاريع والأفكار السلفية الوافدة والممولة من خارج الحدود .وهو ما سنتناوله في الحلقة القادمة باذن الله . ‏




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر