د. عبده البحش -
من وحي ذكرى يوم الوفاء
تحتفل جماهير الشعب اليمني العظيم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه بذكرى يوم الوفاء المجيد,اليوم الذي انتخب فيه مجلس الشعب التأسيسي ضابطا في القوات المسلحة الباسلة رئيسا للجمهورية ألا وهو فخامة المشير علي عبدا لله صالح الذي كان في ذلك الوقت برتبة رائد وكان ذلك في 17-7-1978م وكانت الأوضاع خطيرة ومتردية لدرجة أن منصب رئيس الجمهورية أصبح يعني الموت ولذا تخلى الجميع عن ذلك المنصب وأحجم الكل خوفا وهلعا ورعبا,وفي ظل هذا الظرف الحالك تقدم فخامة الرئيس علي عبدا لله صالح حاملا كفنه بيده لا يهاب الموت متحديا المخاطر والصعاب مضحيا بنفسه من اجل الوطن بكل عزم ورجولة ووطنية وشجاعة .
إن الاحتفال في مثل هذه المناسبة يعني الكثير من المعاني والقيم الوطنية النبيلة التي يجب أن يدركها كل أبناء شعبنا اليمني وخاصة هذا الجيل والذي نطلق علية جيل الوحدة وهو الجيل الذي لم يعرف ولم يعايش تلك الأيام الصعبة والمريرة من تاريخ ومسيرة شعبنا اليمني التي كانت تلقي بظلالها القاتم على ربوع الوطن وفي كل أرجائه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا,ولذا فان هذا المقال يعني ويخص جيل الوحدة أكثر من غيرهم واعني أولئك الذين عايشوا تلك الأحداث وذاقوا مرارتها .
إن تقدم فخامة الرئيس علي عبدا لله صالح لشغل منصب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت يعد تضحية وطنية كبيرة بكل المقاييس خصوصا وان الجميع قد أحجم والبعض غادر الوطن إلى الخارج هروبا من المصير المجهول حيث كان الخوف يساور الجميع خصوصا وان شبح الموت كان يلازم خيالاتهم وهواجسهم وكأن لسان حالهم يقول الاقتراب من كرسي الرئاسة يعني الموت المحتوم,ولذا فان فخامة الرئيس قد أبدى شجاعة وطنية نادرة بأن حمل كفنه بيده وتوكل على الله مضحيا بحياته في سبيل الوطن الغالي الذي فعلا يستحق منا كل التضحيات والإخلاص.
كما إننا نستلهم من هذه الذكرى الخالدة المسؤولية الوطنية الكبرى الذي أبداها فخامة الرئيس حفظه الله وأيده بنصره تجاه شعبه ووطنه حينما تقدم لشغل منصب رئيس الجمهورية في تلك الظروف القاتمة والمخيفة متحملا مسؤولية جسيمة قلما يتحملها الكثير من الرجال في الحالات الحرجة من تاريخ ومسيرات الشعوب ومنعطفاتها الخطيرة,ونحن قد رأينا كيف بادر فخامته وتحمل المسؤولية بجدارة وتسلم قيادة البلاد في ظل انعدام الأمن والاستقرار فسارع إلى إرساء الأمن والاستقرار وحاور جميع التيارات والقوى السياسية والاجتماعية مغلبا المصلحة الوطنية العليا على كل الاعتبارات الأخرى.
ونستلهم أيضا من هذه الذكرى المجيدة الروح الديمقراطية التي يتحلى بها فخامة الرئيس حيث كان أول رئيس يتولى منصب رئيس الجمهورية بطريقة ديمقراطية وذلك من خلال انتخاب مجلس الشعب التأسيسي فخامة الرئيس علي عبدا لله صالح رئيسا للجمهورية العربية اليمنية آنذاك , ولذا نجد أن فخامته قد بدأ عهده بترسيخ قواعد الديمقراطية من خلال تطبيق أول تجربة ديمقراطية في انتخاب المجالس المحلية في عموم محافظات الجمهورية ومن ثم انتخاب مجلس الشورى كمؤسسة برلمانية تمثل الشعب والسلطة التشريعية ولتحل محل مجلس الشعب التأسيسي الذي كان أعضائه معينون بقرارات من الحكومة وهذا يمثل تطورا ديمقراطيا حقيقيا إضافة إلى التطورات الديمقراطية التي أتت بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وحتى هذه اللحظة وهو ما عكس بحق الروح الديمقراطية التي يتميز بها فخامة الرئيس حفظه الله.
وأخيرا نستلهم من هذه الذكرى الكثير من الانجازات العملاقة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والعسكرية والتنموية فعلى الصعيد السياسي تحقق الأمن والاستقرار وتم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة كما تم إرساء التجربة الديمقراطية التي أصبحت نبراسا فريدا في المنطق بأسرها وعلى الصعيد العسكري تم بناء الموئسة العسكرية والأمنية وتطوير قدراتها بما يكفل حماية المنجزات الوطنية وعلى الصعيد التعليمي تم بناء المدارس في كل مكان حتى على مستوى القرى الصغيرة كما تم بناء الجامعات وتقديم خدمة التعليم لكل أبناء الشعب وعلى حد سواء وهناك العديد من المنجزات التي لا يمكن حصرها في مقال أو مجموعة مقالات وعموما فذكرى يوم الوفاء تعني الكثير من القيم الوطنية التي يجب أن لا ننساها كونها جزء حي من تاريخ شعبنا ووطنا.
باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني
أستاذ الإعلام بجامعة العلوم الحديثة
[email protected]