يحيى علي نوري -
للمتحاورين فقط!!
للحوار فنون ومهارة وإبداعات وأسس وقواعد ومثل وقيم في إطار إدارته المعروفة بإدارة الحوار، وهي جميعها تمثل متطلبات ملحة لإدارة أي حوار – ويستحيل على هذه الإدارة السير دون أن تتسلح بها- كما تمثل جميعها ضمانة حقيقية لإنجاح العملية الحوارية مهما كانت هذه العملية على درجة كبيرة من التعقيد والتشابك.
ولكون حديث الناس عن الحوار هذه الأيام في بلاد السعيدة يعد ناقصاً حيث ينصب أغلبه على الحديث عن الحوار بمعزل عن الإشارة الكاشفة لإدارته وغير قادر على تقديم الصورة الكاملة لمتابعيه عن طبيعة وماهية الحوار وعوامل نجاحه .
ويبدو الحديث عن إدارة الحوار مهماً خاصة مع ما يقوم به المتحاورون في اليمن حالياً من استعدادات تهدف إلى الإيفاء بمتطلبات إدارة الحوار مثل تقديم مشاريع الآليات والضوابط والجداول الزمنية.... الخ من المتطلبات .
ولاريب أن كثيرين من المتابعين للجهد الحواري الراهن يعبرون بوضوح عن خشيتهم من أن تأخذ هذه المتطلبات نصيب الأسد من وقت إدارة الحوار في المزيد من الاختلاف والتباين حولها والكيفية التي ينبغي عليها أن تكون عليه... ألخ من الهواجس التي قد تثير السياسيين وتجعلهم يخرجون كل يوم من حواراتهم بالمزيد من فقدان الثقة فيما بينهم .
ان السياسيين المتحاورين إذا ما جعلوا من هذه المتطلبات تأخذ أسلوب التعقيد فإنهم بذلك قد وضعوا أنفسهم في موقف محرج أمام الرأي العام ومختلف المتابعين لكونهم قد أقحموا أنفسهم في مجال وميدان بعيداً عن مجالهم وهو مجال علم الإدارة التي تنبثق منها إدارة الحوار بكل مثلها وقيمها وأسسها وقواعدها وفنونها ومهاراتها .
السياسيون يجيدون الحديث بإسهاب حول مختلف القضايا التي ستطرح أمامهم لكنهم لايجيدون بالتالي فنون إدارة الحوار القادرة على جعل عمليتهم الحوارية تسهم في إطار من الشفافية والإنسيابية وفي ظل حالة تحكم تمنع جنوح الحوار خارج أطره وقواعده والأهداف التي رسمت له .
وتفادياً لوقوعهم في هذا الموقف المحرج فإن على السياسيين أن يتركوا أمر الضوابط والجداول الزمنية وكل ما تتطلبه إدارة الحوار لخبراء الإدارة القادرون أكثر من غيرهم على وضع الإطار العام لعملية الحوار وفن التزام حرفي ومهني بكل ضوابط العملية الحوارية وفي ظل تقيد والتزام كاملين بمختلف متطلبات إدارة الحوار .
وإذا ما تم ذلك فإن المتحاورين سيجدون أنفسهم لايضيعون الوقت في حوار ليس من صميم عملهم وخبراتهم وسيجدون أنفسهم يكرسون كل وقتهم في مناقشة القضايا المطروحة بكل أساليب ومهارات عرض الأفكار وتسجيل المواقف .
وذلك لاريب سيجسد كله عظمة الاستغلال الأمثل لليمنيين للممارسة الديمقراطية وإنجاز الحوار وتأكيد قدرتهم المستمرة على التعاطي مع مختلف التحديات بروح ديمقراطية وبممارسة أكثر تجسيداً لإيمانهم بعظمة الخيار الديمقراطي الذي ترتكز عليه دولتهم الحديثة .
إن ذلك من شأنه أن يقدم المتحاورين إلى شعبهم كفرسان حقيقيين تعاملوا بأعلى درجات المسئولية الوطنية والتاريخية مع قضايا شعبهم وبتجرد كامل من كافة الأهواء والتعصبات والرؤية الضيقة ومن كافة الممارسات الارتجالية والعشوائية واستطاعوا أن يلجوا ببلادهم بإدارة حوار علمية آفاق أكثر رحابة للمستقبل الأفضل عبر حوار تاريخي مسئول تعتز بنتائجه الأجيال القادمة.