الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:33 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الإثنين, 16-أغسطس-2010
المؤتمر نت -  احمد غيلان -
الحزب‮ ‬الاشتراكي‮.. ‬إشكالية‮ ‬تتجاوز‮ ‬الرفاق‮
ليس جديداً القول إن الحزب الاشتراكي اليمني الممزّق بأيدي قياداته التاريخية وتياراته الايديوقبلية يعاني - اكثر ما يعانيه- من صراعات داخلية اختلط فيها الإرث القديم بالمطامع الجديدة، وتداخلت من خلالها المؤثرات الايديولوجية بالثارات القبلية، بالصراعات الفردية‮ ‬بين‮ ‬صنمية‮ ‬أصنام‮ ‬الماضي‮ ‬وتطلعات‮ ‬جيل‮ ‬جديد‮ ‬من‮ ‬الانتهازيين‮ ‬والباحثين‮ ‬عن‮ ‬حضور‮ ‬يتيح‮ ‬لهم‮ ‬المتاجرة‮ ‬بما‮ ‬وقع‮ ‬بين‮ ‬أيديهم‮.‬

‮ ‬ولاشك‮ ‬أن‮ ‬هذه‮ ‬البيئة‮ ‬المشحونة‮ ‬بصراع‮ ‬موروث‮ ‬ومبتكر‮ ‬قد‮ ‬جعلت‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬الحزب‮ ‬وتكويناته‮ ‬أرصفةً‮ ‬مشاعة‮ ‬في‮ ‬سوق‮ ‬حرة‮ - ‬بل‮ ‬عشوائية‮- ‬يرتادها‮ ‬الباعة‮ ‬والمشترون‮ ‬والمتفرجون‮ ‬والمارون‮ ‬بالصدفة‮.‬
وفي ذات البيئة وعلى نفس الأرصفة تقف كثير من قيادات وتيارات الحزب ومنظماته غير المنظمة في حال محرّج مهرّج فهم خطأ أن شطارة التجارة تبدأ بالابتذال والتعري، أما ما يضحك ويبكي في حال المهرجين الاشتراكيين اليوم هو ذلك التنافر الذي حرم كل فصيل فضيلة الاستفادة من‮ ‬تجاربه‮ ‬أو‮ ‬قراءة‮ ‬ماعلى‮ ‬وجهه‮ ‬من‮ ‬قبح‮ ‬ولو‮ ‬بنظرة‮ ‬سريعة‮ ‬الى‮ ‬وجه‮ ‬الفصيل‮ ‬الاقرب‮ ‬على‮ ‬رصيف‮ »‬المداليز‮«.‬
من لجان التنسيق الى فرق الانفصال والتصالح إلى تجمعات الوفاق.. الى منظمات البيع بالجملة والتجزئة.. إلى دهاليز تفقيس المناطلين وإعادة إنتاج المحنطين، إلى كواليس تجميع أرباب السوابق.. الى جمعيات قطاع الطرق .. الى عصابات إحياء ثقافة الدموية وتراث المقاصل، إلى مليشيات مسخ القيم النبيلة في أوساط المجتمع.. إلى عاهات لا أول لها في مجتمعنا اليمني بمحافظاته المختلفة، ولا آخر لها في ظل حزب كثرت أياديه وأرجله وأطرافه وتعددت مطابخ تسيير شتاته وفتافته، وافتقر الى رأس يمثل كل رؤوسه ويخرجه من بعثرة لم تترك فيه شيئاً قابلاً‮ ‬للتجزئة‮ ‬إلاّ‮ ‬جزأته‮ ‬مراراً‮ ‬وتكراراً‮.‬

كنت أود أن أشبه الحزب الاشتراكي بدكان كبير له فتحات كثيرة وبداخله أناس قد تمترس كل منهم في فتحة ليبيع لوحده ما بين يديه.. لكن حال الاشتراكي لم يعد كذلك، فقد تعددت الدكاكين وكثر الباعة والسماسرة، وفي كل يوم تتجزأ أجزاؤه وينقسم ما انقسم فيه عشرات المرات.
ونشهد في كل يوم تجاراً وسماسرة جدداً يعقدون من دكاكين الاشتراكي وتحت يافطاته وباسمه - صفقات بيع وشراء بضائع فاسدة كاسدة ليس أولها سمعة الاشتراكي ووحدة صفه ورصيده الوحدوي النضالي وتاريخه الثوري ولا آخرها آمال من بقي من الانقياء في صفوف الرفاق الذين لصق في أذهانهم‮ ‬مفهوم‮ ‬النضال‮ ‬الوطني‮ ‬التقدمي‮ ‬على‮ ‬أنه‮ ‬عمل‮ ‬يخدم‮ ‬الإنسان‮ ‬والمجتمع‮ ‬والوطن‮..‬

وفي مشهد كهذا ليس غريباً أن يصبح هذا الحزب مواضع اختراق وتسلق و»برطعة« القوى والتيارات والشلل والعصابات، وحتى الأيادي العابثة والملوثة والاجندات المشبوهة من الداخل والخارج.. من أذيال المستعمر الى إقطاعيي السلطنات، ومن المعجونين على المناطقية والعنصرية والانفصاليين‮ ‬الى‮ ‬ربائب‮ ‬أجهزة‮ ‬العمالة‮ ‬وحاضنات‮ ‬الإرهاب‮ ‬والتطرف‮.. ‬ومن‮ ‬هواة‮ ‬الفوضى‮ ‬الهدامة‮ ‬الى‮ ‬محترفي‮ ‬اللصوصية‮ ‬والجريمة‮.‬

الحزب الاشتراكي اليمني الذي أصم أذان تضاريس الوطن بالخطاب الوحدوي والشعارات الوحدوية وخاض معارك وحروباً من أجل الوحدة وتحت يافطة التوحيد جاداً أو مزايداً ومنظراً.. ترفع اليوم في منابره مطالب الانفصال، وتطبخ في كواليسه محددات وشعارات وموالد الشتات والتمزيق‮..‬
والحزب‮ ‬الاشتراكي‮ ‬اليمني‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬ذات‮ ‬يوم‮ ‬مشروع‮ ‬أمل‮ ‬للنبلاء‮ ‬والبسطاء‮ ‬والسذّج‮.. ‬غدا‮ ‬اليوم‮ ‬عاهةً‮ ‬تغشاها‮ ‬كوارث،‮ ‬وتتخللها‮ ‬أمراض‮ ‬مستعصية‮ ‬خبيثة‮ ‬تلتهم‮ ‬أية‮ ‬بذرة‮ ‬أمل‮ ‬باقية‮ ‬أو‮ ‬مولودة‮.‬
والحزب الاشتراكي الذي كان مشروع أيديولوجية نقية من شوائب الخلط والازدواج وتعدد الوجوه.. أصبح مسرحاً للأدلجة متعددة المشارب والأغراض والألوان، ومن دهاليز الحزب ومعاطف بنيه وربائبه ومتشيعيه والمحسوبين عليه ظلماً وبهتاناً والمتسلقين تتسرب المؤامرات وتبرز الشطحات‮ ‬وتتسلل‮ ‬الكوارث‮ ‬وتتوالد‮ ‬المحن‮ ‬والإحن‮ ‬وبذور‮ ‬الفتن‮.‬

وعبر‮ ‬ما‮ ‬تبقى‮ ‬من‮ ‬أشلاء‮ ‬هذا‮ ‬الحزب‮ ‬تتسلل‮ ‬خنار‮ ‬الغدر‮ ‬لتنهش‮ ‬في‮ ‬جسد‮ ‬الوطن،‮ ‬وقبله‮ ‬فيما‮ ‬بقي‮ ‬من‮ ‬حياة‮ ‬معنوية‮ ‬أو‮ ‬مجازية‮ ‬في‮ ‬الجسد‮ ‬المفروش‮ ‬تحت‮ ‬أقدام‮ ‬الراقصين‮ ‬على‮ ‬أوجاع‮ ‬كل‮ ‬موجوع‮.‬
وإذا كانت مفردات ما يدور في بعض المحافظات الجنوبية مؤشراً لشيء، فإنما تؤشر لمشكلة حقيقية يحاول البعض عبطاً تسميتها »القضية الجنوبية«.. وهي قبل وبعد كل شيء »عاهة مستديمة مبتدأها الحزب الاشتراكي اليمني« وأعراضها نتوءات بدأت وتولدت داخل الحزب وعلى حسابه، ونمت‮ ‬وترعرعت‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬هشاشته،‮ ‬وأثمرت‮ ‬شراً‮ ‬مستطيراً‮ ‬وكوارث‮ ‬مدمرة‮ ‬بانهياره‮ ‬وتمزقه‮.‬

نعم الحزب الاشتراكي ارتكب - أو ارتكبت داخله وباسمه وفي كواليسه - أخطاء فادحة وتاريخية، أفرزت كوارث مدمرة حصد مآسيها الوطن الكثير من الآلام والمعاناة والمرارات، لكن هذه المعطيات لا تلغي حقيقة أن الحزب الاشتراكي تعرض للكثير من الاستهدافات والنيران الصديقة والعدوة، في ظروف حساسة، جعلت من انهياره وبالاً على من حوله وعلى أوضاع البلاد، وأحوال الناس، وخاصة في المحافظات الجنوبية التي كان الحزب الاشتراكي حاضراً فيها بقوة التأثير والأيديولوجية والمقصلة ايضاً.

وفي الوقت الذي كان يتقهقر ويفقد قوته وقوة تأثيره وحضوره وشعبيته في المحافظات الجنوبية كانت القوى السياسية الاخرى تتابع المشهد ببلاهة، دون أن تحرص على أن تقدم نفسها للناس كبدائل تحترم ويمكن الاقتداء بها، بل في كثير من الأحيان قدمت تلك القوى نفسها بأشكال مستفزة‮ ‬ومقززة‮.. ‬وحتى‮ ‬بعض‮ ‬الاطراف‮ ‬التي‮ ‬أظهرت‮ ‬حرصاً‮ ‬على‮ ‬حال‮ ‬الحزب‮ ‬سبقت‮ ‬الجميع‮ ‬الى‮ ‬التوغل‮ ‬داخل‮ ‬صراعاته‮ ‬لتوسيعها‮ ‬وليس‮ ‬لمداواتها‮..‬
وحتى لا يفهمني البعض خطأ فإني لست بصدد تحميل الحزب الاشتراكي مسؤولية كل مشاكل الوطن، لكني بصدد التنويه إلى أن الأمراض المستعصية التي نخرت جسد الحزب الاشتراكي تجاوزت الإضرار به كحزب وغدت أضرارها تطال الوطن ولسنا بعيدين عما تشهده بعض المحافظات الجنوبية كشاهد‮ ‬حي‮.‬

الحزب الاشتراكي اليمني اليوم بحاجة لوقفة صادقة وجادة مع الذات من قبل قياداته ومحبيه ومناضليه وهو بحاجة لإعادة نظر فيما يطرح ويقول ويفعل أو يُطرح ويُقال باسمه وتحت يافطاته وعبر تكويناته.. وإعادة بناء وإصلاح مسار الحزب الاشتراكي وتقوية حضوره السياسي الوطني مسؤولية لاتقتصر على قياداته وأعضائه والمخلصين فيه، بل وتتطلب جهوداً جادة وصادقة من الآخرين، وفي صدارة الجميع المؤتمر الشعبي العام، الذي لا تعفيه المنافسة الشريفة مع الآخرين من مسؤولية دعم شريكه الأول في الوحدة ليعيد ترتيب صفوفه ويعالج أمراضه الخطيرة.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر