محمد حسين النظاري* -
أكتوبر ثورة وجامعة
ما ان يطل علينا يوم الرابع عشر من أكتوبر المجيد , حتى نستذكر ذلك اليوم الخالد الذي دحر فيه شعبنا الأبي في جنوبي الوطن الحبيب والى غير رجعة الاستعمار البريطاني الغاشم , ذلك الاحتلال البغيض والذي ظل جاثما على أرضنا وشعبنا ومقدراتنا منذ عام 1839م , لينتفض الأحرار وليشعلوا ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م , ليمتد النضال اليمني بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م , فعام وبضعة أيام كانت كفيلة بتحرير شطري الوطن من براثين من جعلوا منه أسيرا يعاني الويلات طوال تلك السنين . •
لم يكن الاستعمار ليرضى بأن يظل الوطن موحدا ولو في ضل الأسر ,فكان يعرف بان بقاء الوطن موحدا يشكل خطرا كبيرا عليه , فقد كانت حصيلة هذه السياسة الاستعمارية المقيتة تجزئة جنوب اليمن العالي إلى ما يزيد عن عشرين كيان استعماري عميل له ,وان تعددت التسميات بين السلطنات والإمارات والمشيخات وكلها كانت تدار من قبل حكام محليين مواليين للانجليز وقد ظلت المناطق الجنوبية في تلك الفترة منهمكة بالاقتتال والاحتراب بين كل منطقة وأخرى , وهو ما يسعى إليه البعض بعد 47 عام من عمر الثورة و20 عام من عمر الوحدة , ولكن هيهات فالشعب كل الشعب حارس أمين لوحدته الخالدة لأنها قامت على مبادئ ثورتيه المجدتين . •
لقد نفض شعبنا في جنوب الوطن الغالي عنه ذل العبودية , فصنع أبطالنا في ساحات القتال ما قاد الى النصر على الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس , لكن ثوارنا حجبوا أشعتها , فأشرق علينا ضياء الثورة , وخيم عليهم ظلام الهزيمة والانكسار , ليغادروا بلادنا من غير رجعة في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م , يوم الجلاء العظيم . •
ثورة وجامعة هي احتفالات شعبنا اليمني من أقصاه الى أقصاه , فثورة البندقية التي قادتنا الى التحرر من احتلال الأرض والإنسان , هي أيضا تلك الثورة التي قادت الى التحرر من الجهل و الانطلاق نحو عالم المعرفة الفسيح , ولهذا فقد مثل ميلاد جامعة عدن في عام 1970 ثورة العلم التي كانت إحدى أهداف ثورة أكتوبر الخالدة , والتي سعت لخلق مجتمع متعلم, لأنه بالعلم وحده تبنى الأوطان وتعمر , وما بين عام 1970 وحتى هذا العام 2010، يكون قد مر على إنشاء الجامعة أربعة عقود , شهدت خلالها جامعة عدن مسيرة عامرة بالتطور والتوسع والعطاء العلمي والتعليمي والخدمي والاجتماعي والتنموي المثمر. فمن 76 طالبا وطالبة عند التأسيس ارتفع عدد الطلبة المقيدين بها في مطلع 2010 إلى أكثر من ثلاثين ألفا ,كما ارتفع عدد كلياتها من كلية واحدة عام 1970 إلى 8 كليات عام 1990 ثم إلى 19 كلية عام 2010, وتم تشييد عدد من الكليات والمنشآت الجامعية، جزء منها داخل الحرم الجامعي الذي تم افتتاحه في مدينة الشعب بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة.
ان احتفال الجامعة بعيدها الأربعين لا يعنيها وحدها ولا منتسبيها من أعضاء هيئة تدريس وإداريين وعمال وطلاب ,فلهم الحق ان يحتفلوا , وعلى الجميع ان يشاركهم فرحتهم ,فالجامعة قد قادت خلال الأربعين سنة الماضية ثورة معرفية عملاقة ,حيث ساعدت على نشر مختلف العلوم , ورفدت المجتمع بآلاف الطلاب المتخصصين , واللذين أضحوا هم المعلمين والأطباء والمهندسين والى غير ذلك من التخصصات التي طورت الأرض وبنت الإنسان .
ونحن نحتفل بهذا المنجز الكبير علينا ان لا ننسى من أسس هذا الصرح العلمي , ومن ساهم على بقاءه منارة سامقة ,وشجرة فارعة يستظل بظلها المتعلمون في بحور العلم وفنون المعرفة ,وعلينا ان نهدي ثواب سورة الفاتحة الى أرواح من رحل منهم ,كما هي أيضا الى أرواح شهداء ثورة أكتوبر والذين لولاهم لما قامت ثورة أو ولدت جامعة ,ولهذا فأكتوبر ثورة وجامعة في ظل الوحدة اليمنية الخالدة .
*باحث دكتوراه بالجزائر
[email protected]