علي حسن الشاطر -
خليجي 20 التحديات والانتصارات
لن نجافي الحقائق إذا قلنا إن دورة خليجي 20 وأكثر من سابقاتها أثارت جدلاً ومواقف رياضية واجتماعية وسياسية متناقضة، وسبقتها حملة دعائية وتصريحات إعلامية متناقضة وغابت إلى حد كبير لدى البعض المواقف والرؤى الرياضية والسياسية الواضحة حول تنظيم البطولة في اليمن.. بشكل مبكر تحول شعار عدم قدرة اليمن على استضافة البطولة والشعارات والمخاوف الأمنية إلى أردية حق موضوعية تخفي في طياتها رغبات دفينة في حرمان اليمن شرف استضافة هذه البطولة وتحقيق عزلتها الاجتماعية، السياسية الاقتصادية والثقافية والرياضية عن إطارها الجغرافي وكتلتها التاريخية والبشرية، وهو الأمر الذي جعل مصير البطولة ولفترة طويلة معلقاً في أرجوحة المجهول تتجاذبها وتتقاذفها عدة أطراف بعضها يدعو إلى التأجيل والبعض الآخر يطالب بنقلها إلى بلد خليجي آخر والبعض يدعو إلى إلغائها بالكامل من برامج الرياضة الخليجية، وهناك أيضاً من كان يصر على إقامتها في موعدها المحدد ومكانها المحدد.. هذه التجاذبات المتباينة أثارت الكثير من الضبابية حجبت على اليمنيين المختصين بهذا الأمر إمكانية الرؤية الواضحة واتخاذ الموقف السليم حتى أن البعض أيقن بعدم قناعة الآخرين في تنظيم (خليجي20) على الأراضي اليمنية ووصل بالبعض إلى المطالبة بإلغائها والاعتذار عن الاستضافة ولم يحسم الأمر إلا بقرار سياسي وطني يحض اليمنيين في المستويين الرسمي والشعبي على العمل لإنجاز كل متطلبات استضافة البطولة بشكل لائق ومشرف، هذا القرار السياسي بكل ما تطلبه من موارد مالية ضخمة -كانت اليمن في أمس الحاجة إليها في مجالات تنموية أخرى- وكذلك ما تطلبته من جهود عملية مضنية خلال فترة وجيزة.. هذا القرار كان يقوم على افتراضين رئيسين:
الأول له بُعُد مرحلي مبني على احتمال تنظيم البطولة في اليمن ومكرس لانجاز كل متطلبات الاستضافة والآخر له بعد استراتيجي وفيه يكون الإعداد لاستضافة (خليجي20) جزءًا من إستراتيجية الدولة التنموية في محافظات عدن وأبين ولحج، وعلى عدة قطاعات تنموية متزامنة (بشرية، خدمية اجتماعية، رياضية، سياحية، إنتاجية، وأمنية) وفي هذا التوجه تجلت بوضوح حقيقة التوظيف الأمثل للموارد المتاحة المسخرة لاستضافة البطولة في إنجاز مشاريع استراتيجية ذات مردود آني وبعيد المدى على حياة المواطنين المعيشية والخدمية وذوقهم الجمالي.
مع قناعتنا المسبقة بأن كل الجهود والإمكانات المسخرة لاستضافة البطولة -سواءً تمت داخل اليمن أو لم تتم- إلا أن هذه الأموال ستظل تصب مردوداتها في صالح المجتمع.. مشاعر الجماهير حينها كانت أقرب إلى الإحساس بالهزيمة إذا فشلت بلدهم في استضافة هذه البطولة لأي سبب من الأسباب، ولهذا أصبح (خليجي20) بالنسبة لهم عنواناً رئيساً لتحدٍ وطنيٍ جديدٍ غير مسبوق يجب الظفر باستحقاقاته وإنجاز ما عليهم انجازه من واجبات ومهام تشعرهم بالرضا وتجاوز أي تقصير من جانبهم قد يلامون عليه ويتحملون تبعاته عند فشل اليمن وعجزه في استضافة البطولة.
في أول زيارة تفقدية للمشاريع والمنشآت المنجزة والمخصصة لاستضافة (خليجي20) أدلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بتصريح لوسائل الإعلام أكد فيه جاهزية اليمن واستعدادها لاستضافة (خليجي20)، هذا التصريح الذي صاحبته صور حية لما تم إنجازه مثل أول رد رسمي يمني على كل المشككين بقدرة اليمن على الاستضافة وحمل في طياته رسالة سياسية موجهة إلى أكثر من عنوان داخلي وخارجي تؤكد استيفاء اليمن لكل الشروط الفنية والمتطلبات البنيوية الرياضية والفندقية والخدمية الرئيسة لاستضافة البطولة ونجاحها، وبالتالي انتفاء كافة المبررات التي يتم تسويقها سياسياً وإعلامياً ودعائياً بهدف حرمان اليمن هذا الشرف، وهذا ما أكدته اللجان المنظمة والمشرفة على هذه الدورة وكذلك ممثلو الاتحادات الخليجية الذين زاروا اليمن لأكثر من مرة للاطلاع المباشر على ما تم إنجازه والوقوف أمام الحقائق الثابتة على الأرض.