عبد الجبار سعد -
"تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى"
كحقيقة يعلمها الجميع خصوصا إخواننا في المعارضة أن النظام الحاكم ورئيسه على وجه التحديد في علاقته بأحزاب اللقاء المشترك يعتبر أقرب إليهم منهم سواء كانوا جماعة أو أفرادا ..فلا يوجد في نظر الحاكم في هذه الأحزاب كافرملحد حلال الدم ولا يوجد باطني بعيد عن الإسلام يتقرب إلى الله بدمه ولا يوجد علماني مشرك ولا يوجد أصولي تكفيري ولا يوجد إقطاعي كهنوتي .. على العكس من ذلك فهو برغم خصومتهم السياسية معه يتعامل معهم بين حليف سابق أو حليف محتمل أو كلاهما معا ..
أما إخواننا في المشترك فهم يظهرون في مواقف التحدي للسلطة كأنهم بنيان مرصوص في الوقت الذي يلعن فيه بعضهم بعضا ويسفه بعضهم بعضا بل ويكفر بعضهم بعضا .. فعلاقاتهم التوافقية فيمابينهم محدودة بحدود الموقف الآني والظاهري مع أن الكثير من أفرادهم يقفون في هذه المشاهد وهم يشعرون بالخزي والخجل من وقوفهم إلى جانب من لا يجمعهم بهم جامع فيما يعتقدون لكن ثقتهم بالحاكم واطمئنانهم إليه تظل بغير حدود وهي العقيدة الباطنية الجامعة لهم ..
***
وكحقيقة أيضا أننا نحن الناس نرى الواقع بعيون غير متحيزة فتظهر لنا حقائق الأمور أقرب ماتكون إلى الواقع وإخواننا في المعارضة يرونها من واقع تحيزهم إلى المشترك فتعلو نبرتهم تجاه السلطة حين يكونون معا وحين يعود كل منهم إلى موقعه الحزبي المستقل يرى الأمور على نحو آخر وربما تخفت نبرته كثيرا .. وبالتالي فالنبرة العالية واللاءات هي نتاج هذا الحشد المتناقض الموحِّد للمشترك ومن معه في مواجهة السلطة وهو أمر غير ثابت ولا يشهد على ديمومته واقع ولا تآلف حقيقي..
والأمر نفسه ينطبق على بقية أفراد الشعب وكتله وطوائفه .. فجناح السلطة وقيادتها يظلل الجميع ولا يرى فيهم حتى الخصوم إلا مشاريع حلفاء ومواطنين تجب حمايتهم وإكرامهم ..كمسئولية بغض النظر عن حبه أو بغضه لهم وقد يخفق أو قد ينجح في هذا المسعى ولكن لا يغيب هذا الهدف كهدف حتى من باب اتقاء الأسوأ .
***
هذا هو الواقع الذي ننظر فيه إلى الأمور ولو كان الأمر غير ذلك لعملنا جميعا على هدم المعبد على رؤوس أصحابه حتى نغير الحال إلى أحسنه ..لو كان هناك أدنى أمل بمثل هذا التغيير أو لو كان هناك أدنى أمل في أن شيئا لن يتغير نحو الأسوأ على الأقل ولكن هذا الأمل محال في الوقت الراهن على الأقل ومن خلال استقراء حقيقي للأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية المحيطة بنا.
إخواننا في المشترك تعلمون كل الأوضاع المحيطة بنا كأمة وكل الأوضاع التي نعيشها كشعب .. ولا أعتقد أن أحدا منكم يرى كل هذا فتشغله هواجسه الخاصة ويتناسى مايدور حوله .. نحن موقنون وأنتم كذلك أن ثقتكم بالحاكم واطمئنانكم إليه هو الحقيقة المشتركة والجامع المشترك بينكم ولا يوجد مايجمعكم فيما بينكم غير هذه القبعات وقطع القماش البرتقالية التي تتشحون بها امام عدسات المصورين .. ومادون ذلك فلا يوجد أدنى قاسم مشترك بينكم واعلموا علم اليقين أن الشعب بعيد عنكم بقدر بعدكم عن بعضكم وبقدر بعدكم عن قضاياه .. .
***
لا ينبغي أن يظن إخواننا في المشترك ومعهم كل المستقلين الذين يشاركونهم المظاهر البرتقالية أمام مجلس النواب أننا لا نودهم أو أننا نبغضهم .. ففي الواقع نحن نتنمى من كل قلوبنا ونلهج بالدعاء إلى العلي القدير أن يمكنهم من أن يكونوا الجناح القوي الذي يقابل جناح السلطة حتى يطير بنا طائر السعد لتحقيق آمال الأمة وبشكل متوازن مع أننا كلنا نعاني وكلنا نعيش أوضاعا نتمنى أن تكون غيرها ولكن ليس بأي ثمن .