- تطاولٌ على العلماء؟! لم يكن أحد يتصور أن تبلغ الجرأة بأحزاب "اللقاء المشترك" حد التطاول والسخرية والتهكم على أصحاب الفضيلة علماء اليمن والإساءة إليهم وعلى ذلك النحو من الإسفاف المتجاوز حدود اللياقة والأدب، ولكن كما يُقال: "الطبع غلب التطبع".
ذلك أقل ما يُقال عن أحزاب تعاني إفلاساً حقيقياً ليس في الرؤية السياسية فحسب بل وفي القيم الأخلاقية وعجزاً فاضحاً عن امتلاك الحجة أو منطق التفكير الصائب، بل أنها تدور في الدوامة نفسها سواء في خطابها الموجه لأبناء الشعب أو لشركاء الحياة السياسية أو في مابدر منها بالأمس من بيانٍ مسّفٍ بحق علماء أفاضل أجلاء يحظون بالتوقير والاحترام من كافة أبناء الشعب اليمني، الذين ساءهم ما تضمنه بيان "المشترك" من إسفاف وتطاول وتنطع أخرق لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يطال ورثة الأنبياء لمجرد قولهم كلمة الحق المجسدة في النقاط الثماني لمبادرتهم التي طرحوها على فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، لرأب الصدع وإصلاح ذات البينِ بَيْنَ الأطراف السياسية في الساحة الوطنية، وأجمعوا على أن "من خرج عنها فقد دعا إلى فتنة".
وما نتمناه على علمائنا الأفاضل الذين لن ينتقص من مكانتهم ذلك الإسفاف، هو أن يمضوا في مابدأوا فيه من عمل جليل وسعي نبيل ومسؤول في مواجهة الفتنة التي يحاول البعض إيقاظها وإشعال نيرانها في هذا الوطن الذي قال فيه خاتم الأنبياء والرسل المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، باعتبار أن توحيد صف الأمة وجمعها على كلمة سواء واجب شرعي وفرض عين على كل مسلم ومسلمة.
ونحسب أن دور أصحاب الفضيلة العلماء قد تضاعف أكثر بمجرد اتفاقهم على ما فيه صالح وصلاح الأمة وإجماعهم على تلك المبادرة التي وافق عليها فخامة رئيس الجمهورية وبارك مسعاها دون أي تحفظ، فيما قُوبلت ? مع الأسف- بذلك الصلف المستفز من الطرف الآخر والمتمثل في أحزاب "اللقاء المشترك" التي برهنت من جديد بتعاليها على هذه المبادرة، أنها لم تعد تضع اعتباراً لأحد، ولا تهمها مصلحة هذا الوطن وسلامة أبنائه، وأكدت أن همها الأول والأخير هو كيف تصل إلى السلطة حتى لو كان الثمن تدمير الوطن بكل ما فيه وتهديم المعبد فوق رؤوس الجميع!!.
وكأن أحزاب "المشترك" بهذا التعامل الطائش وغير المسؤول قد أرادت أن تقول للعلماء: نعم نحن دُعاة فتنة، فماذا أنتم فاعلون؟!!.
ونعتقد أن أكبر رد على هذه الأحزاب التي تجردت من أبسط قواعد الاتزان والرشد السياسي ورزانة العقل وحصافة المنطق، ووصل بها الحال إلى التهكم على العلماء والسخرية منهم والإساءة الكبيرة لهم لدرجة مطالبة العلماء الأجلاء بالتوبة عن قول كلمة الحق، هو قيام هؤلاء العلماء الأجلاء بالنزول إلى المعتصمين في بعض الساحات وتبصيرهم بحقيقة ما يُراد بهم وما يُراد لوطنهم ابتداءً من كشف النوايا المبيتة التي تضمرها أحزاب "المشترك" ليمن الإيمان والحكمة.
وهي النوايا التي تجلت في إيغال هذه الأحزاب وإمعانها في العناد والمكابرة والتطرف السياسي والإصرار على ركوب موجة الباطل، وتأجيج الفتنة النائمة حتى أنها صارت تستقوي على الحق باعتصاماتهم التي تستغلها لبلوغ أهداف مشبوهة وأجندات خاصة ستكون عواقبها كارثية على كافة أبناء المجتمع اليمني وفي مقدمتهم قطاع الشباب الذين تتاجر بهم وباسمهم في انتهازية صرفة لم يسبقها إليها أحد!!.
وبكل تأكيد فإن ذلك التطاول لن يثني عزيمة علمائنا الأفاضل على مواصلة جهودهم ومساعيهم الخيرة انطلاقا من واجبهم الديني والوطني ومن ذلك نزولهم إلى الشباب الذين تم استغلالهم من قبل بعض القوى الحزبية وهو ما سيكون له أثره البالغ في إنهاء حالة التضليل الذي تمارسه أحزاب المشترك لإغواء الشباب وصولا إلى إعادة هذه الأحزاب إلى جادة الحق والصواب، وإشعارها بأن الأولى بالتوبة والأوبة إلى الله وطلب المغفرة هي قيادات هذه الأحزاب وليس غيرها، بالنظر إلى الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها وترتكبها بحق هذا الوطن وأبنائه.
وبذلك سينتصر علماؤنا الأجلاء لقيم الخير التي يحملونها وللحق الذي يصطفون في صفه وللمعاني السامية والأهداف والغايات النبيلة التي يرفعونها، لا لشيء عدا إيمانهم بأن الله وشريعته حق، وبأن الحق أقوى من الباطل، وبأن الباطل لن ينتصر أبداً طالما بقي على وجه هذه الأرض من لا يخشون في الحق لومة لائم ويؤثرون الحق ولو على أنفسهم.
وصدق الله تعالى القائل في محكم كتابه العزيز: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)
افتتاحية صحيفة الثورة
|