حسن عبدالوارث -
النخبة في التصنيف
بدأت تداعيات ثورة شباب مصر - بعد نجاحها المباشر - تتجلى في غير لبوس..
ولعل من أهم هذه التداعيات - وهو ما كان متوقعاً - ردود الأفعال الساخطة ضد عدد من الأدباء والكتاب والصحافيين والفنانين الذين إما ناصروا الرئيس مبارك خلال الفترة الماضية - وبالذات في أيام عهده الأخيرة - أو الذين هاجموا المتظاهرين في ميدان التحرير وغيره من الأماكن في عموم البلاد، بل إن بعضهم شطح كثيراً في هذا الهجوم بأن طالب بإحراق المتظاهرين أو وصفهم بالعملاء والخونة!!
مثل هذا المشهد يكشف عن حالة تستحق الوقوف قبالتها طويلاً.. ففي المنعطفات التاريخية التي تشهدها حياة الشعوب، تشرئب الألباب شطر المواقف التي تعلنها نخبة القوم تجاه هذه المنعطفات.. وأبرز رموز هذه النخبة هم أهل القلم وجماعة الفن.. وتكون هذه المواقف ذات أثر بالغ في المواقف العامة لأفراد المجتمع، باعتبار أن النخبة تكون القدوة في غالب الأحيان.
لدينا - مثالاً - يتم تصنيفنا على أكثر من صعيد وفي أكثر من قالب.. فثمة الأدباء والكتاب والصحافيون والفنانون المؤيدون للوحدة، أو الداعمون للانفصال.. وهي القضية الأكبر والأهم في مصاف التصنيف..
وثمة من يُصنَّف على أساس تأييده للرئيس أو النظام.. وآخرون هم الخصوم.. أو جماعة اليسار، وجماعة اليمين.. أو ثمة الديمقراطيون ، وثمة الشموليون..
وغيرها من التصنيفات التي تسقط كلها في قارعة الهوامش وسقط المتاع، في مقابل التصنيف الحقيقي الأهم والأكبر وهو الموقف من وحدة هذا البلد، ثم تبعات هذا الموقف على غير صعيد، كالديمقراطية والتعددية وحرية الصحافة والنظام السياسي وغيرها من الأمور التي تستقيم - أو تعوج - في ظل علاقتها المباشرة بالقضية المقدسة، أي الوحدة.. فما هو دون هذه القضية يجوز اللعب - به، أو معه، أو عليه، أو فيه - مع أي طرف، حتى مع الشيطان!!
وأعتقد أن الأيام القادمة ستشهد فرزاً وتصنيفاً على نحوٍ بالغ الحِدَّة !!