يحيى نوري -
آمال ما بعد الاتفاق
بالتوقيع على اتفاقية المصالحة الوطنية تحت رعاية الأشقاء بدول مجلس التعاون ووفق الأسس والقواعد التي ارتكزت عليها مبادرتهم التاريخية تكون البلاد والعباد أمام فتحاً جديداً يسوده الآمال العريضة بالخروج من أتون الأزمة الراهنة والعودة إلى تطبيع الحياة اليمنية بما يعمل على تهيئة كافة المناخات وحتى تتمكن كافة الجهود من بلورة كافة المضامين والمنطلقات والأسس والقواعد التي ستشتمل عليها الاتفاقية وبما يتصل بالتطلعات الشعبية العارمة لبلوغ بناء مؤسسي قوي وراسخ للدولة اليمنية الحديثة المتخلصة تماماً من كافة المنغصات والرواسب التي أثرت كثيراً على الحياة اليمنية.
حقيقة إن التوقيع على هذه الاتفاقية التاريخية لن ينظر إليه الشعب اليمني وبالرغم من أهميته البالغة بالخطوة الكافية التي تعزز من خلالها آماله وتفاؤله وإنما يتطلع أن تكون بداية لخطوات عدة من قبل كافة الأطراف الموقعة عليها وحتى يتم بلورتها إلى الواقع العملي وبما يضمن السير لشعبنا نحو تحقيق ذلك بعيداً عن المزايدة والمناكفة السياسية والإعلامية والتجرد الكامل من أية تعصبات لأجندة حزبية ضيقة والبعد عن كل ما من شأنه أن يعمل على تنغيص الحياة اليمنية.
ولا ريب أن مهام ومسئوليات كهذه تفرضها مرحلة ما بعد توقيع الاتفاقية تعد من الضرورة بمكان ما يجعل من كل هذه الخطوات ضمانات حقيقة للاتفاقية ولخروج البلاد من أتون أزمتها الراهنة كما أن الجهد الجمعي من أجل الانتصار للاتفاقية من شأنه أن يقدم الصورة الحقيقة عن ر غبة اليمنيين الجامحة من أجل تجاوز التحدي الراهن المتمثل في الأزمة وكل ما نتج عنها من إرهاصات وتداعيات خطيرة أثرت على الحياة اليمنية.
ذلك نقوله من منطلق الإيمان الراسخ أن قناعات اليمنيين وحرصهم الشديد على تجاوز التحدي الراهن يمثل الأهم في الراهن اليمني حيث يستحيل على أي جهود عربية كانت أو دولية تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن من تحقيق النجاح المرجو ما لم تكن هذه الجهود مرتكزة على قاعدة قوية وصلبة أساسها قناعات اليمنيين وحرصهم وإيمانهم على انقاذ بلادهم.
ولا ريب أن كل ذلك يجعلنا اليوم ننظر إلى ما بعد التوقيع على الاتفاقية بدرجة عالية من الاهتمام المفعم بكل التمنيات الخيرة للوطن، وأن نستعد لرصد مختلف التفاعلات القادمة على طريق بلورة هذه الاتفاقية وهي تفاعلات نتمنى أن تكون إشراقات حقيقية يسجلها اليمنيون بمصداقية وموضوعية عن طريق نخبهم السياسية والحزبية وأن نجد كل هذه النخب تلتزم بمثل وقيم المسئولية الوطنية وعلى أعلى درجات الالتزام والثقة، وأن نجسد جميعاً عظمة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: »الإيمان يمان والحكمة يمانية«، وأن نؤكد للعالم أجمع بأننا شعب يمتلك من الفاعلية والحيوية ما يجعله دوماً بعيداً عن آية انزلاقات تجاه الفوضى العارمة التي لو حدثت- لا سمح الله- لأطاحت بكيانه وسيادته وأمنه واستقراره.
خلاصة.. إن الشعب اليمني اليوم بانتظار رصد كل ذلك حتى يرى الأمن والسلام قد عم كل ربوع وطنه الغالي وحتى يجد نفسه متفرغاً لعملية البناء الوطني الشامل وهي مهمته الحضارية التي يستحيل عليه دونها إعادة مجده الحضاري التليد.