عبدربه منصور هادي* -
في ظلال العيد الوطني الحادي والعشرين
أود في البداية توجيه التهنئة إلى كل أبناء شعبنا بهذه المناسبة الغالية على قلوب الجميع، فالوحدة اليمنية كانت ميلاداً جديداً وأشعرنا بقيمتنا ووجودنا وبنجاح كفاحنا ووضعنا أمام المستقبل المنشود.
إننا نحتفل اليوم بالعيد الوطني الحادي والعشرين وقد مر على تحقيق الوحدة زمن أطول من الزمن الذي كانت فيه مجرد مشروع، والفارق ليس فارقاً زمنياً رغم أهمية دلالته، بل فارق جوهري في حياة اليمنيين بين زمنين مختلفين أشد الاختلاف في شتى النواحي.
إننا نحتفل بهذا الإنجاز العظيم رغم ما أحاط به من مؤامرات لا تزال مستمرة من قبل قوى تناصب الوحدة العداء، ولكن هيهات أن تنال منها لأنها بالنسبة لشعبنا حقيقة تاريخية واجتماعية ومصيرية، هذا الشعب الذي يعتبر أن العداء للوحدة عداء للوطن، وبالتالي يظل أعداؤها غرباء ولا تأييد لهم في المجتمع اليمني.
وإنه من المؤلم أن يحل علينا العيد الوطني الحادي والعشرون في هذا العام وبلادنا تعيش أحداثا كبيرة وصلت ذروتها بالأزمة السياسية الراهنة التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك وإننا في الوقت الذي ندعو أبناء شعبنا بمختلف قواه السياسية وشرائحه الاجتماعية أن يكونوا على يقظة دائمة من الفخ الذي يراد لنا الوقوع فيه، فإننا في ذات الوقت نؤكد على قضيتين أساسيتين:
* إن مجتمعنا اليمني بفضل الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية أصبح اليوم وعاءً كبيراً تعيش فيه قوى سياسية وأحزاب وتيارات فكرية مختلفة تمارس حقوقها بحرية ويجب على الجميع أن يديروا خلافاتهم ويعبروا عن مواقفهم بطريقة تحفظ وحدة هذا المجتمع وتحافظ على نسيجه الاجتماعي، وأن لا يسمحوا لخلافاتهم السياسية بهتك هذا النسيج الذي ينبغي أن يلف الجميع بستاره الأخوي، فمن الخطأ البيّن السماح للخلافات السياسية بإضعاف النسيج الاجتماعي للمجتمع، فمهما اختلفت القوى السياسية اليوم على أرض اليمن في الأهداف والوسائل يجب أن يكون الهدف الذي يتفق عليه اليمنيون هو اعتبار إثارة العداوات والأحقاد في ما بينهم من المحرمات الوطنية.
* إن الإصلاحات الشاملة في بلادنا قد أكدت عليها الوحدة منذ قيامها بل أن الوحدة التي أرسى مداميكها فخامة الأخ المناضل الرئيس علي عبدالله صالح كانت أكبر مشروع إصلاح شهدته اليمن والمنطقة عموماً، ولكي نشق الطريق الذي يوصلنا إلى الإصلاح الشامل يجب التخلي عن كل أشكال العنف والكراهية وقطع الطرق والاعتداء على المرافق العامة والمنشآت الاقتصادية وتعطيل مصالح الناس وغيرها من المظاهر المؤذية والمؤدية للانقسام الاجتماعي واستمرار تصعيد الأزمة، وهذا يقتضي تحكيم العقل والعودة مجدداً إلى الحوار بعقول منفتحة وأرواح متسامحة.
إن التعبير الحقيقي عن قدرة القوى السياسية وأوزانها لا يجوز إظهاره من خلال القدرة على تصعيد الأزمة ومحاولة جر البلاد إلى حرب أهلية، فهذا خط أحمر غير مسموح لأحد بتجاوزه، وندعو الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم أن يظهروا حرصهم على مصلحة الشعب والمصالح الوطنية العليا والتراجع عن مواقفهم المتعنتة والاعمال المضرة بمصلحة الوطن والتعامل مع كل الجهود والمساعي الخيرة لحل الأزمة بروح وطنية مسؤولة تغلب مصلحة اليمن على ما سواها من المصالح الأنانية الضيقة.
واننا بهذه المناسبة نؤكد أن الوحدة اليمنية لا يمكن أن ينال منها أصحاب المشاريع الصغيرة والأجندات المشبوهة باعتبارها محروسة من أبناء الشعب اليمني الذين يجسدون اليوم اروع صور الاصطفاف الوطني تأييدا للشرعية الدستورية ورفضا للعنف والفوضى والأعمال الخارجة على القانون، وعلى من تسول لهم أنفسهم التآمر على اليمن ووحدته أن يتعظوا من هذا الاصطفاف الوطني العظيم الذي جسده شعبنا دفاعا عن الوحدة عام 1994م وتتجلى دروسه اليوم مرة أخرى في مواجهة المشاريع التفتيتية والتمزيقية الظلامية التي تحاول العودة باليمن إلى عهود وازمنة التخلف والتشظي والاستبداد التي تجاوزها شعبنا بانتصاره لثورته المجيدة (سبتمبر وأكتوبر) وتوج ذلك يوم 22 مايو عام 1990م باعلان قيام الجمهورية اليمنية الفتية.
* نائب رئيس الجمهورية