عبدالله الصعفاني -
سطور من ملف الفجور..
لعل الصغير قبل الكبير صار يعرف السؤال ويدرك ما يراه الإجابة الصحيحة.. ماذا يريد الشعب.. أمّا أنا فلا أرى الشعب إلاّ بأنه يريد تحرير العقول من كل هذا الفجور في التعاطي مع الله ومع الناس.. ومع الوطن.. وفي موسم الفجور أتذكر حكيمنا العربي وهو يقول "ما فلان بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولو غدرت وفجرت لكنت أدهى العرب". > وعلى رأي معتز الدمرداش "أنا مابحبش التنظير بس مش قادر" وهنا فإن ملامح الأزمة اليمنية تجعلني أكره كل من يسيرون على منهج - أنا أزايد إذن أنا موجود- مع الاعتذار لذلك الذي اعتبر التفكير دليل حياة وشهادة وجود..
وأدخل في بيت القصيد متجاوزاً زحلقات كل هذا العصيد الغادر الفاجر.. هل ما تزالون تحتفظون في الذاكرة بتفاصيل الشريط الممتد من جمعة قذائف جامع دار الرئاسة وحتى الإطلالة الثانية للرئيس علي عبدالله صالح عبر الشاشات الفضائية..؟
لقد كانت الجريمة مروعة بكل المقاييس.. ليس لأنها طالت أبرز أركان الدولة اليمنية وفي المقدمة رئيس الجمهورية نفسه فحسب وإنما لأن تلك القذائف تجاوزت اغتيال المصلين وهم بين يدي الرحمن لتضرب ارتدادات قذائف جامع النهدين سقف الوطن وحيطانه.. الشخوص والعمائر والضمائر..!!.
حالات من النزيف الدموي.. والنزيف الأخلاقي برزت ملامحها البائسة في تعدد الراقصين على الجريمة والذابحين لها.. الأمر الذي أهال ملايين الأطنان من الأتربة على محفوظات رقة القلب ولين الفؤاد وحكمة اليمني الشهم..
وكان لابد من وقوع المشهد اليمني العام في حالة الغموض.. وحالة الضبابية وحالة القلق من ردود أفعال ومواقف سياسية وإعلامية لا يستطيع أصحابها أن يغادروا معها إلى ما دون إساءة التصرف حتى لا أقول "وقلّة الذوق" وبالتأكيد كان المشهد صورة من الرقص في بيت العزاء..
وحتى أكون منصفاً لم يواز سوء حالة حسن زيد وهو يطالب من الشباب أن يحتلوا مؤسسات الشعب وينكر على الشباب حقهم في أن يكونوا وزراء ومسؤولين إلاّ حسنته وهو لا ينسى أن يقرن أمنياته بنقل السلطة بالدعاء للرئيس بالعافية والشفاء.. كيف وكنا وما نزال بحاجة لأن نختلف ونلعب السياسة مع الاحتفاظ بما يبقي على روحنا الوطنية والأخوية والإنسانية.
لقد كان معيب جداً أن تذبح الابقار فرحاً بأشلاء ودماء المصلين في جامع دار الرئاسة.. وكان معيباً أن يفرح شركاء العيش والملح والمكاسب للاعتقاد بأن الرئيس أصبح ميتاً أو نصف ميت أو غير قادر على أداء واجباته.. فقط لأن تلك هي وسيلتهم اليتيمة للوصول إلى كراسي السلطة. إنها أزمة كبيرة وإفلاس شامل عندما ترهن كل هذه القيادات الحزبية طموحاتها لمصيدة انتهازية اسمها موت شخص حتى لو كان رئيس الجمهورية.. ولا تفسير لهذا الانحسار في وسائل تحقيق الطموحات إلاّ حقيقة عقده هؤلاء باستحالة الوصول إلى السلطة بالانتخابات أو بحوار يفضي إلى انتخابات ينبغي أن تكون حرة ونزيهة ويشرف عليها الجوار الخليجي والبعيد الأوروبي والأمريكي..
تكلم الرئيس عقب ضرب جامع دار الرئاسة فقالوا أن الصوت غير حقيقي.. وتحدث صوتاً وصورة فسخروا من لون لا يتمنونه متسائلين.. لماذا لم يحرك يديه وطبعاً داخل الجبس.. وطبعاً لن يعدموا وسيلة التشكيك وهم يرونه بالأمس يتحدث إلى مسؤول أمريكي في حضور ذهني وبدني عزز عودته الحقيقية لممارسة سلطاته كرئيس منتخب يجب احترام دعوته للحوار والشراكة لتحقيق تحول ديمقراطي لا تمديد فيه ولا توريث.. تحول نغادر به حالة التشنج أو التغريد خارج المصلحة العامة.
ويبقى القول أن الأهم من عبث الرغبة في كسر الإرادات وإطلاق مفردات الفلول والبقايا على الأغلبية الاتجاه إلى لغة الحوار والشراكة لأننا بصراحة الحقيقة بحاجة لرفع الأحقاد والأحزان والانتصار لإرادة الأخوة.. وصار علينا أن نلتقي .. صار علينا أن نتسامح ونبني دولة لا تكرس الأعراف المغلوطة ولا تتبنى الفاسدين.. دولة نزرع فيها أماناً وسلاماً واستقراراً وراحة بال.