عبدالملك الفهيدي -
شكراً لخادم الحرمين.. شكراً للسعودية
الصورة التي رسمها أبناء اليمن أمس في جمعة الامتنان والعرفان لخادم الحرمين الشريفين وشعب السعودية الشقيق هي نموذج مصغر وصورة رمزية لوفاء يُبادل بالوفاء.. والوفاء من شيم العظماء والكبار..
والتعبير عن الشكر والتقدير بأي صورة كانت- كما حدث أمس في الجمعة تسمية ومشهداً -هو واجب جُبلت عليه طباع العرب الاقحاح الأوفياء كما هو الحال في علاقة اليمن بالسعودية والعكس أيضاً.
الموقف الأخوي لخادم الحرمين وشعب المملكة – الذي تجلى في أبهى صوره بالرعاية والاحتضان لفخامة رئيس الجمهورية وصحبه من كبار رجالات الدولة بعد إصابتهم في الاعتداء الإرهابي المشئوم في جمعة أول رجب لم يكن مفاجئاً أو جديداً بقدر ما عكس حقيقة الروابط والأواصر بين شعبين وقيادتين تنتميان لنسب واحد، وأمة واحدة، وثقافة واحدة، ودين واحد، وعادات وتقاليد واحدة، وجغرافيا واحدة.
صحيح أن السياسية قد تعكر صفو العلاقات بين الدول لكن الأصح والأهم من ذلك أن ما تفعله مواقف السياسية لا يعدو أن يكون سحابة صيف عابرة تزول حين تسمو النفوس وتترفع عن الصغائر وحينها تُحال خلافات السياسة إلى نقاط التقاء وقواسم مشتركة لاسيما حين يكون هناك قادة بحكمة وعقلانية وحنكة الرئيس علي عبدالله صالح وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
نهاية مارس العام 2009م وفي حوار مع صحيفة الحياة اللندنية وصف رئيس الجمهورية العلاقات اليمنية السعودية بأنها “في أزهى عهودها“ وهو وصف دقيق يجسد واقع الحال والتعاون الذي بلغ أوجه منذ توقيع معاهدة جدة في 12 يونيو العام 2000م والتي أنهت مشكلة الحدود بين البلدين وشهد تنامياً غير مسبوق منذ تولي الملك عبدالله بن عبد العزيز سدة الحكم في المملكة.
وليس من المبالغة أن العلاقات الشخصية بين الرئيس صالح والملك عبدالله كان لها دور بالغ الأهمية سواء في حل مشكلة الحدود عبر الحوار، أو في توطيد علاقات البلدين في شتى المجالات، لكن تلك العلاقة لم تكن إلا انعكاساً لعلاقة أشد وثوقاً بين الشعبين اليمني والسعودي، والجميع يتذكر أن كل منزل ومنشأة سعودية فيها بصمة يد يمنية أسهمت في النهضة التي شهدتها الشقيقة السعودية على مدى عقود، وذات ابر أموال المغتربين التي أسهمت بشكل كبير في عملية التنمية في اليمن.
ولعل موقف الأشقاء في السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين خلال الأزمة الحالية التي تمر بها اليمن قد أكد أن علاقة البلدين تتجاوز مفهوم حسن الجوار إلى قناعة بأن ظروف ومتغيرات العصر تحتم التعاطي الاستراتيجي في رسم مستقبل علاقة اليمن بأشقائه في منطقة الجزيرة والخليج لتصبح علاقة شراكة تتعدى المظاهر الدبلوماسية لتصب في خانة الشراكة الاقتصادية والأمنية وتبادل المصالح بما يمكن الجميع من مواجهة مخاطر التحديات التي قد تنال كل دول المنطقة في حال انتصرت الفوضى أو تمكن العنف والإرهاب والتطرف من استغلال الظروف ليمارس حقده على شعوب المنطقة كلها.
لقد أثبت الزمن على مدى عقدين أن وحدة اليمن شكلت عامل استقرار للمنطقة كلها وهو ما جعل الأشقاء في الخليج وفي المقدمة الشقيقة السعودية وملكها يعبران عن الحرص الشديد والمساند والداعم لكل ما من شأنه الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن، فضلاً عن ذلك فإن مخاطر الإرهاب، وحتى تمرد الحوثي كلها دلائل عكست مصداقية أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة والخليج، والعكس صحيح ،وكلها شواهد تحتم على البلدين الشقيقين الجارين شعباً وقيادةً النظر إلى المستقبل انطلاقاً من تحديات الحاضر التي تؤكد أن اليد الواحدة لا تصفق وأن مستقبل الجميع مرهون بمدى تعاونهم ومساعدة بعضهم لبعض.
شكراً مرة أخرى للسعودية.. وشكراً لخادم الحرمين الشريفين الذي أثبتت الأحداث أنه رجل وفيّ، وأن الكبار كبار دوماً بأقوالهم وأفعالهم.