أحمد غيلان -
أحرجتمونا ..
سبعة أشهر من الفوضى والمغالطات والإحراجات والفضائح التي شوهت سمعة اليمن واليمنيين أمام العرب والعجم، فضلاً عن الكوارث التي خلفتها الفوضى دماراً شاملاً طال الاقتصاد والمنشآت والشوارع وحتى نفوس البشر .
نعم لقد بات علينا نحن اليمنيين صغاراً وكباراً أن نصارح أنفسنا ونواجه واقعنا ونصرخ في وجوه أولئك المحتشدين في ساحات التغرير والزيف والفجور.. لنقولها لهم بصوت عالٍ دون مواربة أو تورية :
" لقد أحرجتمونا " بسلميتكم التي استوعبت المتبندقين والمتخندقين والمتزندقين.. وبصدوركم العارية التي ظهر خلفها حملة الأسلحة النارية والخناجر والعصي والحجارة ينهالون عنفاً ووحشية على كبار السن والباعة الجائلين وكل من يشك أحدكم أنه مختلف معكم .
لقد أزعجتمونا وأنتم تمارسون الشتائم والسباب وتقذفون الناس بأبشع الصفات وأقذع الألفاظ في خطابكم وشعاراتكم ولافتاتكم ولوحاتكم ومداخلاتكم ورسوماتكم وندواتكم ومقائلكم.
لقد فضحتمونا وأنتم تتلقفون - بنهم غبي - شعاراً طبخه الإخوان الإرهابيون واستهلكه التونسيون ثم المصريون، وجاء إخوان اليمن لتسويقه في بلادنا وبين شبابنا الذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا ببغاوات تردد بلا تفكير:" الشعب يريد إسقاط النظام" رغم أن هذا الشعار لاعلاقة لنا به ولا بالبضاعة التي يبحث عنها ..
لقد فجعتمونا وأنتم تسيرون خلف وأمام بسوس الساحات ومن لف لفها من متطرفي اللقاء المشترك الذين ساقوكم كالقطعان لاقتحام المنشآت وتكسير الأرصفة وإغلاق الشوارع والمنافذ واحتلال منازل المواطنين وتشريد السكان من بيوتهم وتحت مبرر ممارسة الحق المشروع مارستم كل ما هو غير مشروع .
لقد أوجعتمونا وأنتم تكبرون وتهللون كلما أتاكم فاسد أو ناهب أو متسلق أو صاحب سوابق وجد في ساحتكم مهرباً من ماضيه.. واتخذ من منصاتكم مغاسل ليتطهر فيها من أدرانه التي لاتطهره منها سوى جهنم وحدها .
أحرقتمونا وجعاً عليكم وأنتم تهتفون وتصفقون للفاسدين والمتقاعدين والمذحِّلين وأعداء التغيير، وهم يتنطعون بشعارات التغيير والإصلاح ومكافحة الفساد تحت يافطة (ثورة الشباب).
لقد أفزعتمونا وأنتم تتقزمون وتقزمون كل حلم وردي جميل تحت لحى الفقهاء البزغة .. وعمائم المشائخ الثوريين.. وبنادق العُكفة .. وخلف شوائل المتمترسين .. وفي ظلال تجار الحروب .. وبين سطور بيانات جنرالات الانقلاب ..
خيبتم آمالنا وأنتم تتفرجون ببلاهة على مآسي الناشطين والناشطات الذين طالتهم الأيادي والهراوات وأعقاب البنادق .. واقتادتهم مليشيات الإخوان (المدنية والعسكرية) إلى بدرومات اللجان الأمنية ومعتقلات الفرقة الأولى..
سحقتم تطلعاتنا وأنتم تستبشرون بالجرائم العصاباتية في الحصبة ونهم والحيمة.. وتذبحون الذبائح وتقيمون الولائم وتقدمون الحلوى ابتهاجاً بجريمة اغتيال إرهابية بشعة.. قتلت وجرحت العشرات ، ويتمت المئات وأفزعت الآلاف، وأبكت الملايين من أبناء الشعب الذي تمارسون باسمه كل هذا القبح ..
لقد فضحتمونا بإصراركم على أكذوبة "الدولة المدنية" التي ظهرت ملامحها في منشآت ومنازل الحصبة.. وفاحت رائحتها من عملية جامع النهدين الإرهابية.. وطالعتنا علاماتها في مواجهات أرحب.. وتقطعات نهم والحيمة .. وتسليح الجماعات والأفراد في مدينة تعز التي كانت سباقة إلى المدنية والمدننة قبل ثورة الخيام.. و انقشعت الأتربة عن جذورها في غزوات دعاة الدولة الإسلامية الذين اقترفوا كل أعمال العنف في أبين ..
باعدتم بيننا وبينكم وأنتم تشيعون جثامين قتلى الحصبة من ساحة( الثورة السلمية) .. وترددون وراء متطرف يترحم على قتلى القاعدة في أبين ويدعوا لمليشياتها وعناصرها بالنصر والسداد .. وتدافعون باستماتة عن داعية فتنة ألقى بكم في أتون الفوضى ابتداءاً بأضحوكة ( براءة الإختراع ) .. ونصَّب عليكم تلامذته ومريدوه .. يجرِّعون مرضاكم عصائره ووصفاته وشعوذاته الطبية .. ودونما سابق مشورة أو تنبيه سحق كل شعاراتكم ومطامحكم .. وكفر بمدنيتكم .. وأعلن عن مشروعه الحقيقي الذي يعمل في إطاره مع مجاميع أرحب، وجماعات عمران، ومليشيات أبين، وخلايا الستين ومذبح، وفلول طالبان في كل مكان لمشروع واحد أسمه ( الخلافة الإسلامية)..
أما آن لكم - أيها الشباب - أن تكفوا عن الانبطاح المهين تحت أقدام الدجالين والقتلة والمزايدين والأفاكين والمتسلقين .. ؟
ألم يأن لكم أن تعرق وجوهكم خجلاً من هذا الانبطاح الذي جعلكم ألعوبة بين يدي سُرَّاق النضال ومستثمري التضحيات الوطنية .. وأحاطكم بسخط الشعب الذي تفترون عليه وتتسببون في معاناته، وتقدمونه وتقدمون أنفسكم للعالم أضحوكة سامجة يزدريها العرب والعجم ..؟
نعم.. فقدتم تقديرنا وتعاطفنا وحبنا واحترامنا .. لأنكم لاتحبون أحداً حتى أنفسكم، ولاتقدرون معاناة أهليكم ، ولاتتعاطفون مع ذويكم، ولاتحترمون وطنكم وشعبكم وأنفسكم..فهل يأتي اليوم الذي تخجلون فيه مما أنتم عليه من غرور وعناد وقبح وكبرياء زائفة .. ؟
ألا سحقاً لمستنقعات وردتموها ، وشبابية تتنطعون بها ، وسلمية تتلفعونها ، وقيم ثورية نبيلة تكذبون على أنفسكم بتمثلها ، وبُعداً لتغيير أسود من ظلمات نفوسكم وعقولكم تنشدونه ..