المؤتمرنت - نص البيان الختامي الصادر عن المؤتمر العام لقبائل اليمن احتضنت العاصمة صنعاء اليوم أعمال المؤتمر العام لقبائل اليمن بمشاركة ثمانية آلاف وأربعمائة مشارك،وصدر عن المؤتمر العام لقبائل اليمن بيان ختامي تطرق إلى موقف المؤتمر وقبائل اليمن من القضايا التي تشهدها الساحة الوطنية .
المؤتمرنت ينشر نص البيان الختامي للمؤتمر العام لقبائل اليمن.
الحمدلله رب العالمين القائل(وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )، والقائل (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) صدق الله العظيم والصلاة والسلام على خير خلق الله سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى من والاه .
يمر وطننا اليمني اليوم بأزمة سياسية عاصفة تهدد كينونة دولته وثوابته الوطنية وفي مقدمتها النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي والشرعية الدستورية في مشهد يعيد إلى الأذهان الكثير من المحطات التاريخية التي حاولت فيها بعض القوى السياسية الانقلاب على المكتسبات الوطنية ومحاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء .
لقد شكلت القبيلة في التاريخ اليمني مكوناً انسانياً وثقافيا واجتماعيا في رسم هوية الإنسان اليمني وبناء دولته منذ أقدم العصور وبحيث لم تكن القبيلة بديلا للدولة في أي وقت من الأوقات بل كانت نواة لتشكيل الدولة من خلال اتحادها وتوحدها .
إن القبيلة مجموعة من النظم والأعراف والتقاليد الأصيلة، وعبر تاريخ شعبنا اليمني كانت القبيلة هي الطاقة التي تمد الدولة بالقوة أيضاً حينما يتعرض الوطن للخطر ، وقد كان للقبائل اليمنية دوراً بارزاً في نشر الإسلام في كل أنحاء الأرض، وكان للقبيلة دور فاعل في الإطاحة بالنظام الإمامي وفي الدفاع عن ثورة سبتمبر 1962م وأكتوبر 1963م والوحدة اليمنية الخالدة.وكانت دوماً الحارس الأمين لأهداف الثورة وللدولة اليمنية الحديثة وللوحدة الوطنية والنظام والقانون وستظل كذلك.
لقد شهدت بلادنا منذ قيام ثورتها الكبرى في بداية الستينيات تحولات شاملة سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، وانتصرت الثورة على الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وبرغم ما مثلته مرحلة التشطير من انتكاسة في مسار التاريخ اليمني المعاصر إلا أن شعبنا اليمني استطاع أن ينتصر عليها من خلال قيادته السياسية ممثلة برمزنا الوطني باني اليمن الجديد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي حافظ على المسار الحقيقي للثورة اليمنية وسعى جاهدا لتحقيق الهدف الوطني الأكبر وهو إعادة تحقيق الوحدة الوطنية في 22 مايو 1990م أغلى مطالب شعبنا وأهم مبدأ من مبادئ الثورة اليمنية، ومنذ إعادة تحقيق الوحدة الوطنية في 22 مايو 1990م حدث تحول جذري في الثقافة المجتمعية لأبناء الشعب اليمني حيث تحولت من الشمولية والانعزالية الاقتصادية التي أدت إلى الصراعات الدموية التي عانى منها شعبنا ردحاً من الزمن إلى ثقافة الحوار التي تعترف بالتعددية السياسية والديمقراطية والاختلاف في الرأي باعتبارها الوسيلة الحضارية المعاصرة للتداول السلمي للسلطة وبما تقدمه من حل لمشكلة الصراعات السياسية عبر الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية.
ومن المؤسف حقا أن يشهد الوطن بعد عقدين ونيف منذ إعادة تحقيق وحدته وانتهاجه للديمقراطية وسيلة لاختيار الشعب من يحكمه محاولات للانقلاب على ذلك النهج الديمقراطي من قبل تحالفات مشبوهة جمعت بين بعض القوى السياسية والاجتماعية وهو ما اتضح من خلال ملاح الأزمة المفتعلة التي تصاعدت من قبل هذه القوى ابتداءً بالاعتصامات وقطع الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة كما حدث في حي الحصبة، ونهبها، وتدميرها وامتدت هذه الأعمال الإجرامية إلى قطع الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية والغاز وتفجير أنابيب النفط، ثم امتدت تلك الأعمال لتشمل الاعتداء على المعسكرات في الجوف وصعدة وأبين وتعز ونهم وأرحب، وغيرها من المحافظات اليمنية، ومارست هذه القوى الاعتداء على المواطنين وتشريدهم من مساكنهم وأعمالهم وإهدار دمائهم ونهب ممتلكاتهم، ولقد أدى انشقاق بعض العسكريين إلى تشجيع القوى الإرهابية وقد صدرت الفتاوى من قبل دعاة الفتنة بقتل الضباط والجنود والقادة من أبناء القوات المسلحة والأمن وبشروا القاتلين بالجنة في تلك الفتاوى، وقد وصلت تلك الأعمال الإجرامية ذروتها في الاعتداء الإجرامي الغادر الذي استهدف فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة في مسجد النهدين في دار الرئاسة في انتهاك صارخ لعصمة دمائهم وحرمة بيت الله وجمعة رجب.
ونحن هنا إذ نشكر الله جل وعلا على لطفه وما مَّن به من شفاء عاجل لفخامة الأخ الرئيس ورفاقه كبار قادة الدولة، ونعبر عن سعادتنا الغامرة بتماثلهم للشفاء، فإننا نعبر عن شكرنا وتقديرنا للأشقاء في المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين على الاستضافة والرعاية الإنسانية والطيبة لفخامة الرئيس وكبار قيادات الدولة .
إن هذه الأزمة وبقدر ما شكلت استهدافاً واضحاً لأسس ومقومات الدولة اليمنية الحديثة وضرب مكتسباتها الديمقراطية والدستورية واقتصادها الوطني، بقدر ما كشفت عن محاولات عابثة للانحراف بمسار عادات وتقاليد القبائل اليمنية عبر مساعي لاستخدام بعض أبنائها في أعمال عنف ومواجهات مسلحة ضد القوات المسلحة والأمن كما أن بعض القوى يحاولون اليوم الإساءة لسمعة وأخلاق القبائل اليمنية من خلال التحريض المستمر لأبناء بعض القبائل على استهداف المنشئات العامة وقطع الطرقات وتخريب الكهرباء وأنابيب النفط، وهي أعمال يتبرأ منها أبناء القبائل اليمنية ويؤكدون أن من يقومون بها ليسوا سوى عناصر مدعومة من جهات وقوى سياسية في إطار المشروع الانقلابي على الشرعية الدستورية .
إن القبائل اليمنية التي كانت لها شرف المساندة والدفاع عن الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر وسطرت أروع الملاحم البطولية في شتى مراحل النضال الوطني بالوقوف مع النظام الجمهوري ومع الدولة في مواجهة مختلف المؤامرات التي استهدفت إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء تدرك اليوم أن واجبها الوطني يدعوها إلى الوقوف بكل حزم وقوة في مواجهة المحاولات الرامية للانقلاب على النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والنهج الديمقراطي والشرعية الدستورية ومحاولة الانقضاض على السلطة بوسائل الانقلاب العسكري المسلح بعيداً عن النهج الديمقراطي الذي اختاره الشعب اليمني منذ إعادة تحقيق وحدته في 22 مايو 1990م.
وانطلاقا من ذلك ونظراً للظروف الاستثنائية والخطرة التي تمر بها بلادنا من خلال الأزمة السياسية المفتعلة التي باتت تهدد امن واستقرار اليمن ونظامها الجمهوري ووحدتها الوطنية ونظامها الديمقراطي من خلال بوادر الفتنة التي سعى البعض من الخارجين عن النظام والقانون إلى بذرها وإشعال فتيلها لتدمير كل المنجزات الوطنية التي تحققت منذ قيام الثورة في مطلع الستينيات من القرن الماضي حتى يومنا هذا.
واستشعاراً للمسئولية الوطنية من أبناء القبائل اليمنية فقد تداعى السواد الأعظم من مشائخ ووجهاء وأعيان وقبائل اليمن لعقد هذا المؤتمر الوطني الهام الذي تستدعيه الضرورة .
إن القبائل اليمنية تؤكد على التوصيات والقضايا الآتية:
1) نعلن إدانتنا واستنكارناً لتلك الأعمال الإجرامية من قبل الخارجين عن القيم والأعراف وعلى الدولة وقوانينها وتستهدف الأمن والسلام والوحدة والحياة الكريمة للإنسان اليمني.
2) نؤكد تمسكنا بالشرعية الدستورية وبالنهج الديمقراطي كوسيلة حضارية للتداول السلمي للسلطة،و بمبدأ الحوار كوسيلة عقلانية لحل خلافاتنا السياسية وغيرها.
3) ندين أي تحالف تستهدف الدولة ومؤسساتها والاعتداء على أبناء القوات المسلحة والأمن مثل ما حدث في أبين وأرحب ونهم وتعز وعلى وجه الخصوص منتسبي الأمن المركزي والحرس الجمهوري والمواطنين.
4) يؤكد المؤتمرون على أن التغيير هو سنة الحياة والقبائل اليمنية لا تقف ضد التغيير السلمي المستند للأسس الدستورية والقانونية وعبر صناديق الاقتراع وأن اليمن ملك للجميع والقبائل ضد من يحاول إلغاء الآخر بالقوة والعنف ولن تسمح بالوصول إلى السلطة بغير الأسس السلمية والدستورية التي قدمنا جميعا من أجلها أعلى التضحيات.
5) نطالب الحزب الحاكم وقوى المعارضة بكل ألوانها في الداخل و الخارج إلى الجلوس إلى طاولة الحوار لمعالجة هذه الأزمة التي أضرت بالوطن استنادا إلى الأسس الدستورية والقانونية وعلى أرضية المبادرة الخليجية بعد التفاهم والاتفاق على تفسير المبهمة منها في إطار الدستور اليمني.
4) نطالب الأجهزة الرسمية المختصة بالكشف عن العصابة الإجرامية الحاقدة التي خططت ومولت ونفذت العدوان الإجرامي على فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكبار قيادات الدولة وتقديمهم للمحاكمة العلنية العاجلة لينالوا عقابهم الذي يستحقونه جراء غدرهم وخيانتهم للوطن والدولة، ونؤكد أن ذلك الحادث الإرهابي غير المسبوق في تاريخ شعبنا اليمني قد نقل الأزمة من مسار الصراع السياسي إلى مرحلة الانقلاب المسلح ومحاولة الاستيلاء على السلطة عبر العنف والاغتيال السياسي من قبل القوى التي خططت ومولت ونفذت ذلك العمل الإرهابي.
5) نطالب بسرعة استكمال إجراءات المحاكمة للمتهمين في أحداث يوم الجمعة الموافق 18 مارس 2011م. وإصدار الأحكام الرادعة بحق كل من تثبت إدانته وكل الأحداث التي سفك فيها الدم اليمني الغالي.
6) نطالب بفتح تحقيق شامل في أحداث التمرد المسلح في منطقة الحصبة وما شهدته من اعتداءات وأعمال قتل وتشريد للمواطنين وتخريب لممتلكاتهم وقتل لرجال الأمن والقوات المسلحة وتخريب ونهب مؤسسات الدولة وضبط من يقف خلف تلك الأعمال وتقديمهم إلى المحاكمة .
7) نطالب بسرعة ضبط المتورطين في الاعتداء على المؤسسات العامة والخاصة وكذلك المتورطين في تنفيذ الاعتداءات على رجال القوات المسلحة والأمن وهم يؤدون واجباتهم التي يخولها لهم الدستور في مختلف المناطق التي شهدت تلك الاعتداءات .
8) نطالب بفرض هيبة الدولة وتطبيق النظام والقانون وإنهاء كل مظاهر التمرد على الدولة سواء في المدن أو الأرياف.
9) نؤكد وقوفنا إلى جانب إخواننا في أرحب ونهم وأبين وغيرها من المناطق اليمنية المساندين للقوات المسلحة والأمن.
10) نطالب كافة القبائل اليمنية بضرورة حماية أراضيها وتأمين الطرق والمنشئات الواقعة في محيطها ومنع أي تخريب تستهدفها.
11) نرفض استقواء البعض بالخارج ضد الوطن ونعتبر ذلك خيانة عظمى للوطن .
12) نثمن عالياً دور القوات المسلحة والأمن وعلى وجه الخصوص أبطال الحرس الجمهوري والأمن المركزي وننحني لهم إكباراً وإجلالاً لصمودهم البطولي المتميز في حماية الوطن ومكتسباته ومؤسسات الدولة، ونثمن دور القبائل التي ساندت ووقفت إلى جانب القوات المسلحة والأمن لصد الاعتداءات الإرهابية من قبل تنظيم القاعدة وشركائهم قوى الظلام والتخلف الذين يستهدفون مستقبل الوطن اليمني.
13) ندين بشدة الأعمال الإرهابية التي نفذها وينفذها تنظيم القاعدة الإرهابي والقوى المتحالفة معه في أكثر من منطقة وعلى وجه الخصوص في محافظة أبين، وندعو كافة القوى والمنظمات المدنية إلى إدانة هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف ضرب أمن واستقرار واقتصاد الوطن .
14) ندعو أجهزة الدولة إلى إيلاء الرعاية والاهتمام بالنازحين من محافظة أبين جراء الأعمال الإرهابية، وندعو أبناء القبائل اليمنية إلى مساندتهم وإرسال قوافل الإغاثة لمساندة النازحين من أبين .
15) يؤكد المشاركون على أهمية قيام الحكومة بدورها في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، ومحاسبة الفاسدين في جميع مؤسسات الدولة دون تمييز وإحالة قضايا الفساد إلى القضاء المختص للفصل فيها.
16) أقر المجتمعون من مشائخ قبائل اليمن تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس مجلس أعلى للقبائل اليمنية يمثل كافة قبائل اليمن.
17) نؤكد التزامنا بالعمل بمضمون نصوص وأحكام قاعدة الثوابت الوطنية والعرفية لقبائل اليمن وكل ما جاء في هذه التوصيات.
18) نثمن المواقف العربية الأصيلة للأشقاء في المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين لما أبدوه من اهتمام وتعاون صادق في قضايانا الوطنية ولما قاموا به من رعاية كريمة نابعة من محبة صادقة في استضافة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة للعلاج في مستشفيات المملكة بعد تعرضهم للاعتداء الإجرامي من قبل قوى الإرهاب وحلفائهم، كما نثمن مواقف الأشقاء في دول الخليج وعلى الأخص موقف الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونثمن مواقف الأصدقاء والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن على وقوفهم إلى جانب اليمن في هذه الأزمة.
19) نناشد الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم الحر مساندة شعبنا اليمني الذي يتعرض لمؤامرة من قبل قوى التطرف والإرهاب المعادية للدولة الحديثة وللنهج الديمقراطي الذي اختاره شعبنا وندعوهم لعدم التعاطي مع الإرهابيين والانقلابيين على الشرعية الدستورية.
إن القبائل اليمنية تجدد الدعوة إلى اصطفاف وطني لكل الشرفاء لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف تفكيك عرى الوحدة اليمنية وتؤدي إلى الصراعات الدموية والحروب، وندعو كل القوى السياسية إلى تحمل المسئولية الوطنية والتاريخية بتغليب مصلحة الوطن والأمة على المصالح الضيقة متمسكين بثوابتنا الوطنية بوحدة الأرض والإنسان، وبقيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وأهدافها النبيلة وبالنظام الجمهوري، والنهج الديمقراطي وسيلة مثلى للتداول السلمي للسلطة ومبدأ الحوار لحل خلافاتنا الثانوية.
المجد والخلود لكل المناضلين والشرفاء الذين مضوا وقضوا في سبيل الحرية والوحدة والتقدم لشعبنا اليمني العريق.
عاشت اليمن حرة موحدة قوية
صادر عن المؤتمر العام لقبائل اليمن
|