أوس الإرياني -
جائزة نوبل واستراحة المحارب
بداية أهنئ السيدة توكل كرمان بفوزها بجائزة نوبل للسلام وهذا إنجاز لها أولاً، وللمرأة اليمنية ثانياً -خاصة وهي أول عربية تحصل على الجائزة- وللشعب اليمني ثالثاً.
رغم اختلافي الشديد مع السيدة توكل، إلا أن هذا لا يمنعني أبداً من تهنئتها والمباركة لها على فوزها بهذه الجائزة، ويجب علينا جميعاً أن ننظر لهذا الأمر بإيجابية، وعلى كل وطني حر أن يفتخر بحصول السيدة توكل على هذه الجائزة العالمية الكبيرة، فكل يمني يحقق شيئاً في أي مجال هو لا شك مكسب لليمن أولاً وأخيراً، سواء كان المجال سياسياً كما فعلت السيدة توكل، أو فنياً كما فعل المبدع فؤاد عبدالواحد، أو علمياً كما فعل المخترع اليمني خالد نشوان، أو أي مجال آخر يرفع اسم اليمن عالياً، فكلنا نحب هذا الوطن ونتمنى له كل خير، ولا تُبنى الأوطان بغير أبنائها.
وبالعودة إلى موضوع حصول السيدة توكل على جائزة نوبل للسلام، يجب أن ننتبه لنقطتين هامتين حتى لا تُجيّر الجائزة بطريقة تضر صاحبتها قبل أن تضر غيرها، وتجعل من هذه الجائزة التي يفترض بها أن تكون للسلام بوابة للعنف غير المبرر:
1- النقطة الأولى: أن الترشيح تم في الفترة من سبتمبر 2010 وحتى 1 فبراير 2011، وبالتالي لا علاقة لما يسمى بـ(الربيع العربي) باختيارها للجائزة، ولم يكن اختيارها متعلقاً بـ(الثورة الشبابية).
2- النقطة الثانية: ورد في نص الإعلان عن الجائزة ما ترجمته: (لنضالهن غير العنيف من أجل سلامة المرأة، وحقوق المرأة في المشاركة الكاملة في عملية بناء السلام)، أي أن النص الصريح والواضح لا يتحدث عن ثورة سلمية أو غير سلمية، بل عن نضال السيدة توكل من أجل حقوق المرأة.
وأوجه رسالة إلى السيدة (توكل)، التي أعلم يقيناً أنها تلقت منذ إعلان فوزها بالجائزة حتى الآن العديد والعديد من النصائح، ولن أستغرب إذا لم تصلها رسالتي، أقول لها: إن أي شخصية عامة تعمل بشكل عفوي في مجال عملها حتى اللحظة التي تصبح فيه مشهورة، وهنا تجد هذه الشخصية المشهورة نفسها في مفترق طرق مصيري، فإما أن تدرك أن تصرفاتها منذ هذه اللحظة يجب أن تكون مدروسة ومختارة بعناية، أو أن تتخذ من القرارات والخطوات ما يهدم كل ما تم بناؤه من قبل.
أرجو منك يا سيدة (توكل) أن تكوني على قدر هذه الجائزة التي هي جائزة للسلام لا للعنف، والطريق الأوحد للسلام هو الحوار، فالحوار خيار العقلاء والحكماء، والعنف خيار الأغبياء والجبناء. ليس أسهل على الإنسان من أن يظهر ليلاً نهاراً على شاشات التلفاز ليقول (ارحل)، ولكن الحكمة هي أن تصلي إلى ما تريدين بالمنطق والحجة، والأهم من ذلك بالتنازل، فلو أصر أي طرفين على الحوار دون تقديم أي تنازل فلن يصل هذا الحوار إلى نتيجة، لكن الغرض من الحوار بين أي طرفين هو الوصول إلى نقطة وسط تحقق لكل طرف شيئاً من مطالبه، ولا مشكلة في التفاصيل ما دام القصد هو الوطن.
أنتِ يا سيدة (توكل) أمام مسؤولية تاريخية كبيرة أرجو أن لا تستهيني بها، فإما أن تكوني (بلقيس اليمن) أو (سجاحها)، لا تستعجلي بتصريحاتك، ولقاءاتك، ومقابلاتك، واعطي نفسك مساحة للتفكير من منطلق (ما بعد الجائزة)، وخذي (استراحة محارب) من أجل وطن اسمه اليمن أخشى أن تكون أطراف الأزمة السياسية نسيته في صراعها.
ومرة أخرى تهانيّ لكِ بالجائزة.