- 14 أكتوبر عندما نحتفل بالعيد ال48 لثورة ال14 من أكتوبر المجيدة، كمناسبة وطنية غالية على كل اليمنيين الاحرار.. فانما نتذكر المآثر العظيمة ونسترجع تلك التضحيات التي قدمها أبناء شعبنا في سبيل حرية الوطن واستقلاله من نير المستعمر الغاصب وظلمه وجوره وجبروته، حتى تبقى حية في نفوس وعقول وضمائر الاجيال اليمنية، ومنها نستمد الشعور بالعظمة والثقة بالنفس.. ونتعلم عبراً ودروساً في الوطنية وحب الاوطان ومعاني العزة والكرامة، وننحني احتراماً واكباراً واجلالاً لشهدائنا الابرار الذين لم يبخلوا بتقديم أرواحهم ودمائهم الزكية الطاهرة على دروب مقارعة المستعمر ودحر جبروت آلته العسكرية بإرادة صلبة حتى تم جلاء آخر جندي بريطاني في ال30 من نوفمبر 1967م وتحقيق الاستقلال الناجز.. فقد قدم ذلك الرعيل الثوري كل غالٍ ونفيس ترجمة لأهداف الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر من اجل صنع غد مشرق ليمن حر موحد وديمقراطي يعيش ابناؤه تحت سماء الحرية والشموخ مرفوعي الهامات بين الامم والشعوب.
إن يوم ال14 من أكتوبر 1963م كان وسيظل يوماً خالداً ومشرقاً يضيء سماء تاريخنا المعاصر، والاحتفاء به هو تعبير عن أجمل معاني البهجة والفرح وإظهار تلك الحقائق التي لا يمكن طمرها او طمسها او المكابرة حولها.
لقد تعاظمت هذه الثورة بتحقيق أسمى أهدافها- وحدة الارض والانسان، فبانتصارها توحدت «23» مشيخة وامارة وسلطنة في اطار وطني موحد، وظل المشروع الوحدوي اليمني مكوّناً أساسياً وجوهرياً عبر عن نفسه في واحدية الثورة اليمنية 26سبتمبر و14 أكتوبر ليسير شعبنا نحو إنهاء حالة التشطير وتحقيق الوحدة اليمنية في ال22 من مايو الأغر 1990م، وهنا لا بد من الاشارة الى ان وطننا لم ينعم بالأمن والاستقرار طوال سنوات التجزئة والتشطير، وظل يعاني من صراعات دامية ومواجهات أهلكت الحرث والنسل و احرقت الاخضر واليابس فتعطّلت التنمية وعملية البناء والاعمار في كل من شطري الوطن، فلم يكن هناك من مخرج لتلك الصراعات الّا السير قدماً باتجاه إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة والتي مرت بمراحل مد وجزر عانى شعبنا خلال تلك المراحل ويلات الاقتتال والتناحر حتى يوم 22مايو 1990م الذي ارتفعت فيه أعلام اليمن الواحد تعانق السماء، معلنةً قيام الجمهورية اليمنية الفتية على أنقاض نظامي الشطرين لتنتصر ارادة اليمنيين والى الأبد.
لقد كنا نتمنى ان تأتي احتفالات الوطن بهذه المناسبة العظيمة، وهو يعيش مناخات الامن والاستقرار والسكينة والازدهار، غير ان ما يُؤسف له ان تأتي مباهج افراحنا هذا العام ووطننا يمر بظروف استثنائية بالغة الصعوبة والتعقيد، لتعتري طريقه مخاطر غير مسبوقة تثير القلق حول مستقبله على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى الديمقراطية والوحدة الوطنية، وترجع مسببات كل ذلك الى الازمة التي افتعلتها تلك القوى المتآمرة على الوطن التي تسير في الخط المعاكس للمشروع الوطني الوحدوي الديمقراطي الحضاري، خاصةً وأن ملامح هذه الازمة التدميرية بدأت تلوح في الافق مؤثرة بتداعياتها سلباً على كل مناحي الحياة، فلم تترك صغيراً أو كبيراً من الناس في هذا البلد إلاَّ واكتوى بنيرانها، لذا أقول يجب الخروج منها قبل ان تحل الكارثة، وفي هذا المنحى نجدد الدعوة الى كل القوى السياسية الى استشعار المسؤولية لانقاذ الوطن من الانهيار، وتغليب مصالحه العليا على المصالح الأنانية الضيقة التي يصر عليها البعض عناداً ومكابرةً.. على هؤلاء ان يدركوا أن الوقت ليس فيه الكثير، ولا خيار أمامنا جميعاً إلاَّ الحوار لانه المخرج الوحيد من هذه الازمة، وهو الكفيل بتجنيب اليمن المخاطر التي إن استمر الوضع على ما هو عليه يعني السير نحو الهاوية.. تسعة أشهر من دوامة هذه الازمة أكلت الأخضر واليابس وألحقت أفدح الاضرار في الحياة العامة وفي مختلف الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية.
إننا على مفترق طرق، وليس أمامنا للخروج من كل هذا إلاَّ الحوار الوطني النابع من حرص أكيد على أمن واستقرار ووحدة وسلامة اليمن، ولا بد من الخروج من هذا النفق المظلم بالطرق السياسية السلمية، وأخيراً هنيئاً لشعبنا احتفالاته بأعياد ثورته العيد ال48 لثورة ال14 من أكتوبر المجيدة أعاده الله على هذا الوطن وقد خرجنا ممَّا نحن فيه صوب الغد موحدين الارادة.. محققين كل متطلبات بناء اليمن الجديد.
افتتاحية 26 سبتمبر |