محمد حسين النظاري -
بين فبراير 2011 و 2012
الرابط بين فبراير 2011 و 2012 عجيب بل ويدعوا للغرابة وتتملكك الدهشة كلما حاولت أن تقرأ ما بين دفتي العام والقاسم المشترك بينها فبراير، ففيه الداء ومنه جاء الدواء، فمنه انطلقت شرارة الفوضى وفيه سيتم وأدها تماماً بإذن المولى جلت قدرته، وإذا ما عدنا بذاكرتنا للخلف وتحديداً قبل ما يزيد عن العشرة الأشهر العجاف التي مرت بها بلدنا واكتوى من خلالها شعبنا بويلات كثيرة، سنلاحظ أنا وصلنا للنقطة التي كنا سننطلق منها في تلك الفترة.
• ألم نصل بعد عشرة أشهر لما قاله فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح حفظه الله ورعاه بأننا مقدمون نهاية العام على انتخابات مبكرة وها نحن على أبوابها بعد أن اصدر نائب رئيس الجمهورية المناضل عبد ربه منصور هادي وفق تفويض الأخ الرئيس له بالإعلان عن يوم 21 فبراير 2012 لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة، لكن الفارق أن بين ما قاله الأخ الرئيس بداية الأزمة وتنفيذه بعد عام كامل عناد قاد إلى التمترس في رؤىً ضيقة والتعويل على فوضى الغير لعل وعسى ما أصبح عندهم يمسي عندنا.
• ألم ينادي الأخ الرئيس بالحوار مرات ومرات ولو كان الحوار رجلاً لأتاه محاوراً، ولكن الآذان حينها تعمدت ألا تسمع إلا صوت التصعيد والزحف، وإلى جانبها الأعين التي أبت إلا أن تولي شطر الساحات التي انطلقت بالحق حتى التبس الأمر فطغى الباطل، وأزيح المنادون بالتغيير من قبل الراغبين بالقتل والتدمير، ثم يأتي الجميع بعد أشهر نحسات ليجتمعوا ولله الحمد على نفس طاولة الحوار التي دعا إليها الأخ الرئيس، والغريب أن الأسماء من الجانبين هم هم لم يتغير شيء سوى من تم اقتيادهم إلى ساحات الموت ليتلقوا رصاصات الغدر بظن حسن .
• ما استطيع أن أقوله الآن وكنت حريصاً على قولة طيلة العشرة الأشهر شيئان لم يساورني فيهما أدنى شك أما الأول فإن ما حصل لم يعدو عن كونه تغيير خرج من اجله الضعفاء ليلتهمه الأقوياء ويحرفوا مساره نحو ما يريدونه، وما هي بثورة، والشيء الثاني إنني لم شك لحظة في أن فخامة الأخ الرئيس سيعبر بالأمة نحو بر الأمان، لان كلامه كان يطابق المنطق، وإذا لم يكن كذلك فلماذا وصلنا بالحرف الواحد لكل ما قاله وما سطره في بداية الأزمة.
• كنت وما زالت ومعي الكثيرون متمسكاً بالشرعية الدستورية وليحكمني من حكمني فله السمع والطاعة كائناً من كان لعقيدة احتكم إليها بأنه لا خروج على ولي الأمر وإن ضرب ظهري واخذ مالي كما قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وصحبه سلم، ولهذا فقد كان من الحكمة ألا أقف مع رجلين كلاهما يحمل معوّل الهدم أولهما بكلمة ارحل فوراً والثاني فليبقى الأخ الرئيس حتى 2020 كما قال احد الذين هو ملك أكثر من الملك للمنفعة لا في الحب، ولو كان محبا لصدق في النصح.
• كلاهما ينفخ في كير الأزمة وكلاهما منتفع سواء من أظهر البغض أو ابرز الحب، الوحيد الذي كان يعرف ما يريد هو الرئيس ذاته، كان يريد النقطة التي يسلم فيها المشعل لرئيس منتخب، وكنت اسق فيما يقول ليس بشواهد الحال ولكن كانت ثقتي بالله كبيرة انه سيكتب على يديه التغيير الذي ننشده جميعاً ولكن بطرق تختلف عن فوضاهم المستوردة والتي لم تنجح بعد في البقعة التي جاءت منها.
• إن فبراير 2012 سيظل شاهداً على أننا وصلنا للنقطة التي كنا سننطلق منها بدون ضحايا نسأل أن يحتسبهم عنده في عداد الشهداء وان يلهم أهلهم ومحبيهم الصبر والسلوان، وبلا دمار ولا خراب ولا طرد من الوظائف، ولا كُره أو قطيعة أو استعداء ، كل ذلك كان يمكن تلافيه لو تحلينا بالحكمة التي انتهينا إليها ولله الحمد، ولكن أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل نهائياً.
• إن فبراير 2012 سيشهد للعالم صواب اليمنيين وكيف أنهم وان اخطئوا في بادئ الأمر إلا أنهم لم يتمادوا في الغي وجنحوا للسلم، وسيشد ما يسمونه بالربيع العربي أن وأده تم في اليمن ، لان اليمن كما قلت في مقالاتي السابقة تختلف عن البلدان الأخرى التي أضحت الفوضى تعشعش فيها.
• نعم لا غالب ولا مغلوب من هذه الأزمة لأننا تعلمنا منها الكثير، والخط الذي يكتب بالدم من الصعب نسيانه، وستبقى الأرواح الطاهرة التي أسلمت روحها لخالقها من رجال الأمن وشباب الساحات والآمنين في بيوتهم وأسواقهم، ستبقى رادعاً لنا ومانعاً من نعيد الكرّة من جديد، فبعد نهاية الأزمة عرفنا من استفاد ومن جنا الثمار ومن وصل إلى مبتغاه، وكل اليمنيين أصبح يعرف من ضحى من أجل الوطن ومن ضحى بالوطن من أجله.
• نتمنى للأخ محمد سالم باسندوه وكل الوراء الذين ستشملهم وزارته التوفيق في مهامهم بحكومة الوفاق الوطني، ومن كان ضده بالأمس فليؤازره اليوم لأنه أضحى يمثل حكومة الجمهورية اليمنية التي يرأسها فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، ومن يريد أن يزرع الشقاق لحاجة في نفسه بقوله إن اشتراط تعيين الأخ باسندوة جاء إحراجاً للرئيس فهو مخطئ، فيعلم القاصي والداني بأن باسندوه لم يعمل مع احد كعمله تحت قيادة الأخ الرئيس، وها هو اليوم يتبوأ ارفع منصب له في ظل رئاسته، ثم أن نصف الحكومة تمثل حزب الأخ الرئيس، ونائب الرئيس الذي هو الرئيس التوافقي في الانتخابات القادمة هو ذاته نابه وأمين عام الحزب، فمن يسوق مثل هذا الكلام لا يفقه شيء في مجريات الأمور، أو انه يسلي نفسه مغلوباً كان أو مخادعاً لها، فالأخ الرئيس وبعد تركه للرئاسة بعد الانتخابات التي لم نتنازل عنها نحن أنصار الشرعية الدستورية سيبقى رئيساً للحزب الحاكم في الفترة الانتقالية، ولكم أن تتخيلوا موقع رئيس الحزب الحاكم ولو لم يكن رئيساً للدولة.
• نبارك لليمن أرضاً وشعبا وقيادة بمناسبة عيد الاستقلال المجيد والذي أزاح عن وطننا آخر محتل بريطاني، ولهذا الذكرى مغاز كثيرة ليس أقلها من أن اليمن ستبقى حرة عزيزة عصية على كل محتل سواء أكان الاحتلال بصورته التقليدية القديمة عبر اغتصاب الأرض، أو في صوره الحديثة باحتلال الفكر والسيطرة على الجسد، فصحيح أننا فقراء في نظر البعض ولكن الفقر ليس عدم امتلاك المال ولكن الفقر الحقيقي أن نمتلك المال فقط، ونتخلى عن القيم والمبادئ، ولعل هذا ما يغيض الآخرين أننا رغم ما نحن عليه من حاجة إلا أننا أعزاء، وسيبقى اليمنى هكذا ما عاش مرفوع الرأس، وسيبقى الآخرون ينظرون إلينا من أسفل وان رفعتهم الدنيا لسنين.
باحث دكتوراه بالجزائر
[email protected]