فيصل الصوفي -
قضايا مؤتمرية
لم يأتِ المعارضون للمؤتمر الشعبي العام بجديد عندما أكد كبارهم أن بقاء المؤتمر الشعبي العام لاعباً أساسياً في الحياة السياسية ضرورة تقتضيها عملية التوازن السياسي، في ظل ما خبروه من تجارب وشواهد تشير الى ما يمكن ان يحدث من إقصاء وتغول سياسي استبدادي يقضي على الديمقراطية في غياب المؤتمر أو حتى ضعفه.
ولا نبالغ إذا قلنا أيضاً إن المؤتمر الشعبي العام كان ولايزال ضمين بقاء الديمقراطية واستمرارها في الحياة اليمنية، رغم انه لم يقدم أنموذجاً مثالياً في هذا الجانب، لكنه قدم تجربة في مستواها الأدنى تتسم بمحاولات الالتزام بالمبادئ الديمقراطية وانزال تطبيقاته لها على الواقع من خلال المحافظة على شكل النظام الديمقراطي وتمكين المواطنين من المشاركة في الحياة العامة، والحفاظ على النظام الحزبي وما يتفرع عنه من انظمة تبشر بخلق الدولة المدنية الحديثة.
ولا ينكر أحد أن المؤتمر الشعبي العام تخللته بعض مجموعات المصالح التي أعاقت من تقدمه ولم تساعده على تقديم تجربة أنموذجية لتطبيق سياساته في مجال التنمية الديمقراطية والتنمية في المجالات الاخرى، ومواكبة القيم والاحتياجات التي تتغير باستمرار، ولكن من الانصاف القول إن المؤتمر الشعبي العام كان ولايزال يؤدي دوره في ظل قوى لا تعترف بشيء يتحرك خارج دائرة مصالحها، بل وتقاوم أي سياسات تصمم في هذا الاتجاه.. فالاحزاب التي تفشل في الانتخابات تلجأ للتشكيك في الديمقراطية، وهناك قوى ترفض الديمقراطية من الاساس، والمطالبون بالتنمية وتوفير الخدمات والضمان الاجتماعي والبرامج الاخرى لتحسين ظروف الحياة، يقاومون في الوقت نفسه النظام الضريبي ونظام السوق ورفع الدعم عن السلع والمشتقات النفطية؛ ومع ذلك فالمؤتمر الشعبي ا لعام عمل وسط هذه الظروف ونجح الى حد كبير.. وبعد هذا كله.. ماذا بشأن الغد؟
في اعتقادي أن المؤتمر الشعبي سوف يذهب الى الغد ومعه ايجابياته متحرراً من نواقصه ومعوقاته، ويجب ايضاً أن يتخلص نهائياً من «الانذال».. والى جانب ذلك يتعين عليه أن يدرس تجربته دراسة متعمقة وشجاعة ليعرف ما الذي كسبه وما الذي خسره بسبب سياساته وتحالفاته ونظامه الحزبي.. والاهم في ذلك ايضاً إعادة النظر في نظام علاقاته الداخلية واعتماد وسائل اتصال مع الجمهور غير مكلفة، واعتماد نظام للروابط الحزبية يتسم بالاستمرارية.
وهذه القضايا وغيرها يجب اخضاعها للنقاش.. نقاش على مستويين تنظيمي وعام.