الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:53 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 11-يناير-2012
المؤتمر نت -   فتحي الباشا -
حكواتي الإخوان..و(الاحتضار الإعلامي)
ليس فيما يكتبه الصحفي نصر مصطفى شيء من الإبداع أو التفرد أو الإبهار أو التميز .. فكتاباته الصحفية يغلب عليها الطابع السردي للوقائع والأحداث السياسية على طريقة (حكواتي) الحارات في دمشق ، وهذا النوع من الكتابات يصنف في إطار المقالة الإخبارية أكثر من كونه محسوب على المقالات التحليلية التي لها في اليمن أهلها وروادها .

سيقول قائل : وما سر الهالة التي اكتسى بها قلم نصر وذلك الموقع الإعلامي المتقدم الذي أحتله في الفترة الماضية من عمله الصحفي على قلة فترته ونتاجه. وللرد على هذه التساؤلات .. فأهميه (قلم) نصر لم تأت من قوته ولا حتى قوة مفرداته وسبكه للعبارات ومستوى تأثيره على الشارع .. فنصر طه (حكواتي) للنخبة السياسية وموقعه المتقدم إعلاميا احتله لأمرين أثنين. ــ الأول قربه من الرئيس صالح الذي خصه بموقع متقدم في مؤسسات الإعلام الرسمي (وكالة الأنباء اليمنية سبأ) وموقع خاص في مقيله بدار الرئاسة ، وهو ما أتاح له الحصول على رؤية أوسع من نظرائه الإعلاميين للمشهد السياسي وموقع اقرب لصناع القرار .. وهو ما انعكس في مقالاته التي نشرت دوريا في مطبوعة الجيش (26 سبتمبر) ليصير (عموده الأسبوعي) قبلة للنخبة كونه يمثل ترمومتر النظام ومقياس لمزاجه السياسي ونبضه تجاه مختلف القضايا .

أما السبب الآخر أن نصر طه مصطفي استطاع خلال سنوات عمله الصحفي وبحكم قربه من رأس النظام وعلاقته السابقة بالمعارضة وتحديدا (الإخوان المسلمين) أن يأخذ موقعا وسطا بين الطرفين كتعبير عن الحالة السياسية التي سادت تلك الفترة وقبل أن يحل (الربيع العربي) ، وتلك المنطقة الوسطى هي ما أجبرته على الكتابة بشيء من الموضوعية والمسئولية والرزانة التي صار قلمه عنوانا لها .. وهذا الموقع الوسط أيضا هو ما أتاح له بناء شبكة علاقات متوازنة ومتوازية مع الوسط الصحفي في معسكري (السلطة والمعارضة) .

ولنا أن نتخيل (قلم) نصر طه مصطفى بعيدا عن الرئيس صالح ودوائر صناعة القرار ومؤسساته ، ومتخندقا بأسلوب نزق باتجاه أحد المعسكرين بل و\"ملكيا أكثر من الملك\" .. المؤكد هنا أن هذا القلم سيفقد بريقه وسر تميزه وسيصير إلى أي قلم صحفي محسوب على المعارضة التي صارت جزء من النظام والسلطة و(ان حاول التشبث بالأضواء لفترة) باصطناع خلافات ومعارك وهمية على طريقة الدنكشوت الذي يصارع طواحين الهواء.

هذا الإحساس بـ (الاحتضار الإعلامي) والذي يختلج نفس السيد نصر طه مصطفى ويقض مضجعه هو ما دفعه مؤخرا للشطط والخروج عن المألوف في مواقفه وأطروحاته لينطبق عليه قول أمير الشعراء المتنبي (أنا الغريق فما خوفي من البلل) ففي أوج الأزمة السياسية التي مرت بها البلد ورغم الحملة الإعلامية القاسية التي شنت على الرئيس صالح وخرج فيها أطفال المعارضة وإعلامييهم كبارهم وصغارهم لإشهار أقلامهم على الرئيس صالح .. كان نصر طه مصطفى (صامتا) و اختار منتصف الطريق ليرى أين ستميل الكفة فيضع قاربه ويمدد أشرعته .

وحتى عندما قدم نصر استقالته الصحفية اعتراضا على ما قال إنها أحداث جمعة (13 مارس) لم يقطع حبال الود كلها مع النظام وكتب رسالة استقالته بأسلوب متأدب ليبقى خط الأوبة مفتوح على مصراعيه في حال فشل حراك الشارع .. أو الاتجاه قدما للالتحاق بمنصة (جولة الجامعة) إذا ما أنهار النظام ورحل صالح .

الإستراتيجية ذاتها اتبعها نصر طه مصطفى مع الطرف الآخر فغازله دون أن ينخرط في مشروعه بشكل كلي .. ردد بعض أفكاره في حوارات إعلاميه (بعد توقفه عن الكتابة للصحف) لكنه لم يعلن قطع خطوطه كلها مع نظام صالح.. بل ظل يثني على الأخير ويسوق لمشروع الأول بضرورة التغيير في تناقض لفت الأنظار حينها . (إستراتيجية) نصر ظهرت بوضوح في إعلان تشكيل ما اسمي بالمجلس الوطني للمعارضة .. ذلك الإعلان الذي تلته موجة من الاستقالات لم يلتحق بها نصر في حينه وكأنه يمارس هوايته في الترقب والرصد وقراءة الأحداث وتحين الفرص وأخيرا الإعلان عن موقف .

وعندما كان نصر طه قد انتهى من كل ذلك فيما يتعلق بمصير ومستقبل مجلس حميد الأحمر وبعد أن تأكد له انه مات قبل أن يولد حتى .. أعلن مصطفى عدم وجود علاقة له بذلك المجلس وأبقى موضوع عضويته (معلقا) كما هي كل مواقفه السياسية ، فهو لم يقدم استقالة صريحة من المجلس واكتفى بنشر ملحوظة صغيره في حائطه على الفيس بوك ، وترك تحديد موقف صريح "حتى أشعار آخر" .

ما سبق محاولة للاقتراب من المزاج السياسي للكاتب الاخواني الذي كتب في صالح رجل التسامح والحوار.. وتفسير حالة النزق السياسي الذي طبعت غالبية أطروحاته في (الوقت الخطأ) و(الزمان الخطأ) . أي أنه وطيلة الفترة التي امتدت بين استقالته وتوقيع المبادرة الخليجية كان بإمكان نصر أن يقطع حبال الود ويفعل ما يفعله الآن لكنه لم يشأ ذلك أو أن إستراتيجيته فرضت عليه حينها (الصمت) في الوقت الذي كان رفاقه في الإخوان وأصدقاءه في المعارضة يشنون حملة إعلامية قاسية على صالح ونظامه وأفراد أسرته ..


أما اليوم وبعد أن فرض الوفاق نفسه على أجندات الحرب والحسم والإقصاء وتم تجسيد مبدأ الشراكة الوطنية يصمت هذا الطابور الطويل من نزقاء المشترك وينطق نصر طه مصطفي.

ومرد حالة النزق والخروج عن السرب بنظري هو شعور نصر انه بات (خارج اللعبة) حال الكثير من الانتهازيين والوصوليين الذين فروا من سفينة ظنوا أنها تغرق فخسروا مواقعهم في (الشعبي العام) وسقطوا من أنظار الطرف الآخر الذي أكتشف انتهازيتهم ، وبالتالي لم ولن يمنحهم (الثقة) تحسبا لربيع عربي آخر قد يطل في ظل واقع سياسي متقلب.. وكأني بهؤلاء لم يطالوا لا بلح الشام ولا عنب اليمن ولا حتى موز تركيا .

ومردها أيضا (أي حالة النزق التي اعترته) بالإضافة لكونه فقد موقعه الوظيفي أنه فقد موقعه الإعلامي المتقدم يوم أن بات ممنوعا من مقيل صالح .. معزولا في مقيله بمنزله يسامره حفنه من الصحافيين المصنفين في الدرجة الثالثة والرابعة ومدونيين بعضهم ما زال مخدوعا بهالته الإعلامية الكاذبة التي أصطنعها حوله ، وفقد كذلك قيمة قلمه وسبب تميزه (الموضوعية) و(الاتزان) في الطرح.
لينتهي به الحال كحال شركاءه في مقيله مؤخرا أو هكذا سينتهي به الأمر إعلامي (مغمور) يكتب لتلك الصحيفة وتلك وينشر مقالا هنا وهناك .. ويحاول لفت الانتباه وتصدر الواجهة من جديد بإدعاء تهديده من قبل الشخصية الفلانية والجهة العلانية.. فيتصدر (مؤقتا) لكنه سرعان ما يعود لـ موقعه الطبيعي (الذيل) بعد أن فقد (مفاتيح نجاحه).. لتتأكد فيه المقولة الأثيرة: (مصارع الأقلام تحت بيارق الطمع).




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر