عباس الديلمي -
الاستقالة.. هي الحل
في هذا البلد الطيب، المتفرد بخصوصيات عدة، خاصة ما تجلى منها وتميز خلال العام الذي ودعناه مساء أو ليلة الحادي والثلاثين منه، هناك عوامل كثيرة جداً ليختار العامل مع الدولة أو القطاعين.. استقالته بقناعة تامة وكحل يرضيه ويوفر له الطمأنينة والانسجام مع نفسه وضميره.. خاصة اذا ماكان من المخلصين لشرف المهنة وأمانتها، ويخشى اللوم على التقصير أو اللامبالاة.. الاستقالة هي الحل في بلد يعيش واقعاً يجبر العامل والموظف على التفرغ منذ الصباح الباكر للبحث عن اسطوانة غاز بالسعر المقدور عليه، وفي اليوم الذي يليه يجد أن لا مفر من التفرغ للبحث عن صفيحة أو (دبه) ديزل للمولد المتواضع القدرة.. حتى ينير الغرفة ويشاهد التلفاز فقط لاغير.. وفي يوم آخر، عليه ان يتفرغ ويفرط بنصف ساعات الدوام ليحمل مولد الكهرباء إلى ورشة للإصلاح، أو البحث عن مهندس لاتوجد بعد يده عافية خاصة اذا ما كان المولد أو (الماطور) مُشتري من طيب كما يقول أهل صنعاء، عندما ينادون شخصاً بقولهم (ياطيب) أما عندما تغضب قبيلة أو رأس قبيلة من الحكومة أو من أي شيء يدعو للغضب فيصب غضبه على أهل العاصمة وساكنيها بحرمانهم من الوقود بكل مشتقاته، فإن الأمر يدعو للاستنفار والتفرغ التام ولأيام متوالية وهذا لايتم بسلام الاّ بخيار الاستقالة، وهكذا دواليتك في بقية الحالات كالمرض أو التعرض لأي حادث تستدعي معالجته اللجوء إلى الخيارات المتمشية مع غياب الدولة وقوانينها.
نأتي إلى مجال آخر من مجالات (الاستقالة هي الحل) وهي استخدام الطريق أو الطريق التي جاء الاسلام بما لم يأتِ في أي ديانة أخرى من تعاليم استخدامها.
لقد صار الانتقال من وإلى مقر العمل من المشاق الأكثر صعوبة، الداعية إلى التفكير المسبق وخارطة طريق تخفف بعض المشاق، ففي ظل هذا الغياب الكامل للدولة في أبسط المجالات الدالة عن وجودها من عدمه وهو مجال المرور.. لم يعد هناك أي تقيد بشيء يذكر؛ الخطوط تعكس وان كانت سريعة، الأرصفة تتحول إلى تقاطعات ومعابر، كل مكان مسموح فيه الوقوف وبأي طريقة، شرطي المرور يمكن أن يهينه، يعتدي عليه أي سائق أو اي مالك سيارة من سائق الأجرة إلى المحاطين بالمرافقين من ذي الشَعْر المنفوش أو (القعاش الدالة على الانفلات اللامتناهى) وكما يحدث لشرطي المرور يمكن أن يحدث لأي مواطن مسالم ومحترم بعبارة أدق.
استخدام الطريق في واقعنا المعاش صار من مسببات السكر المودي إلى ضغط الدم، المؤدي إلى جلطة تؤدي إلى الإعاقة أو الوفاة -ان رحم الله المصاب- حتى لا يعيش معاقاً يسمع ما يكره ويقرأ ما يؤذي.
وفي هذه الحالة لا حل سوى الاستقالة حتى لا يضطر المرء للتنقل الإجباري من وإلى مقر العمل، وصدقوني قد أكون واحداً ممَّن يقدم على ذلك خاصة إذا لم ترفع الحواجز المسلحة ونقاطها الكامنة وراء مايحدث لشوارع العاصمة من اختناقات ومشاكل مرورية.
وصدقوني أيضاً ان الاستقالة هي الحل أمام من يحرص على راحة ضميره وعدم التفريط بأمانة المسئولية وشرفها باضطراره للمجاملة والتفريط بضوابط العمل ونُظمه.. ولكل من يحرص على سمعته وعلاقته بزملاء العمل التي هي أسمى من كل شيء، وأهم من أي مغنم مادي كون العلاقة الحسنة، والصداقة، كالذكرى العطرة التي لا تبلى.
لا أقول هل انتم معي فيما ورد، بل أقول من يوافقني في أناَّ نعيش حال تصبح الاستقالة هي الحل للابتعاد وان بعض الشيء مما يؤذي ويؤلم.