المؤتمر نت - القدس العربي -
ما يعنيـه الانسحاب من الفلوجة
وضع الكاردينال بيولاغي مبعوث الفاتيكان إصبعه علي جرح الحقيقة الأساسي عندما قال في حديث لصحيفة إيطالية انه لا يمكن مساعدة العراق في ظل الاحتلال الأمريكي، وانه علي الولايات المتحدة أن تفهم أنها لا تستطيع الاستعانة بالأمم المتحدة عندما يناسب ذلك مصالحها وان تستبعدها عندما لا يناسبها الأمر .
الإدارة الأمريكية الحالية لن تستمع الي مبعوث الفاتيكان، ولن تفهم أقواله، رغم انه يعتبر صديقا شخصيا لعائلة بوش، لان قرارها مخطوف من قبل جماعة تجسد التحالف اليميني المسيحي الصيهوني، الحاقد علي العرب والمسلمين، والمؤيد بالكامل للسياسات الإسرائيلية المتطرفة في التوسع والقتل والتدمير لكل ما هو فلسطيني وعربي.
ولانها صمت أذنيها بالكامل عن نصائح المخلصين، واستمعت فقط الي صقور البنتاغون ومستشاريه العرب وعلي رأسهم الدكتور احمد الجلبي، باتت تجد نفسها غارقة في حرب استنزاف سياسية وبشرية ومالية في العراق.
فبالأمس فقط سقط اكثر من عشرة جنود أمريكيين قتلي من جراء عمليات المقاومة الشرسة، وأعلنت القيادة العسكرية الأمريكية عن عزمها الانسحاب من محيط مدينة الفلوجة، تحت ذريعة تسليمها لقوات الدفاع المدني والشرطة العراقية في إطار اتفاق توصل إليه الوسطاء.
الانسحاب قد يكون كليا او جزئيا، وهو في جميع حالاته يشكل اول هزيمة كبري للولايات المتحدة وسياساتها في العراق. فصمود المدينة هو الذي انتصر في نهاية المطاف علي الغطرسة والوحشية الامريكية.
الفلوجة ليست دولة عظمي، واهلها لا يملكون القنابل الذرية، وكل حديث عن وجود أسلحة ثقيلة فيها هو تبرير للمجازر التي ارتكبتها القوات الامريكية واسفرت عن سقوط حوالي سبعمائة شهيد. ولكن المدينة قدمت مثلا في الدفاع عن كرامة هذه الأمة وشرفها، ورفضت كل الشروط الامريكية، بما فيها تسليم أسلحتها، والأشخاص المتهمين في سحل المقاولين الأمريكيين الأربعة.
ومن المؤلم ان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا يساند المجازر الامريكية في الفلوجة، ويعتبرها ضرورية وفي اطار الدفاع عن النفس، تماما مثلما برر المجازر الاسرائيلية التي تستهدف الأبرياء في فلسطين المحتلة. وهو موقف يسيء الي بريطانيا ومصالحها وصورتها في اوساط مليار ونصف المليار مسلم.
مبعوث البابا الكاردينال بانتقاداته للرئيس بوش وحليفه بلير، وقوله انهما يعلنان الحرب علي بلد مسلم، في وقت يسعي فيه حكماء الفاتيكان الي إقامة جسور بين المسيحية والإسلام، هو صرخة تأتي في الوقت المناسب، لأنها تأتي بعد ثلاثة ايام من البيان الشهير الذي وقعه اكثر من خمسين سفيرا ودبلوماسياً بريطانيا اعترضوا فيه علي السياسات الامريكية والبريطانية الحمقاء في العراق.
العالم اليوم يتجه الي الدمار والفوضي الدموية بسبب هذا التحالف الإرهابي الذي يقوده الرئيس بوش في العراق، ويسانده بلير بكل حماس. وكل محاولات التزوير الإعلامي التي تنفق عليها الادارة الامريكية المليارات هذه الأيام لن تخفي هذه الحقيقة.
مبعوث الفاتيكان علق الجرس، واطلق صيحة انذار، والمهم ان يستمع عقلاء العالم ويتحركوا لمنع الكارثة او تقليص اخطارها وسلبياتها قبل فوات الاوان.