المؤتمر نت - أروى إبراهيم – (العراق) - هل خانت بلقيس شعبها ..!؟
قال تعالى قاصا عن بلقيس: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ*إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ*قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ*قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ*وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وتستطرد الآية الكريمة الى أن تصل الى ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(النمل: من الآية44). فهل خانت بلقيس شعبها إذ انها رأت بعقلها الحصيف أن الحرب ستؤول الى كارثة لبلدها والى ذلة لمواطنيها فاختارت الدبلوماسية والسياسة، بل انها أرسلت هدية للعدو بل اكثر من ذلك انها لما رأت الحق مع عدوها انصاعت له فقالت (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(النمل: من الآية44).
أي عقل وأية حكمة تمتلكها هذه المرأة الاريبة كما يصفها سيد قطب رحمه الله في تفسيره.
فمنذ إلقاء كتاب سليمان إليها وهي تتفحص وتستقصي وتوازن وترجح وتستشير ولا تتسرع ولا تتهور فللوهلة الأولى تصف كتاب سليمان بأنه كتاب (كريم) هل سمعتم بملك يوصف كتاب تهديد عدوه له بأنه كتاب (كريم) ولقد كان حقا كتابا كريما كيف لا هو من نبي الله سليمان صلى الله عليه وسلم.
إن دفع حاشية الملكة لها لخوض الحرب بالرغم من علمهم بعدم قدرتهم على ذلك هو نفاق ومزايدة تتكرر على مر العصور والدهور وتؤدي بالأمم الى التمزق والضياع بعد الهزيمة.
يقول تعالى على لسانهم: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)، نفاق وجهل مطبق يدفع بلقيس لخوض الحرب دون تحقيق ولو جزء من التكافؤ مع جيش العدو ولقد عاشت امتنا الإسلامية والعربية في عصرنا الحالي مواقف شبيهة بموقف حاشية بلقيس هذا وكانت في كل مرة تنتكس من سيئ الى أسوأ بفعل حفنة المنافقين والمزايدين على الأمة وبفعل القادة الجاهلين والمتغطرسين.
أجدر بنا اليوم أن نستضيء بآيات سورة النمل هذه لنحقق لأمتنا النصر بالحكمة والسياسة والدهاء.
السياسة الرشيدة يتبعها الحاكم المسلم تحقيقا لمصلحة الأمة والدين وحفاظا على دماء أبناء بلده ودينهم والسياسة يصح فيها اتخاذ كل ممكن لا يخرج على حدود الشرع لتحقيق عزة الإسلام والمسلمين ودفع الأذى عنهما بأقصى ما يمكن من الجهد والسياسة والدهاء.
لقد علمنا رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب) هذا هو الشديد في مفهوم محمد صلى الله عليه وسلم وليس الشديد من إذا استفز غضب وتهور وتصرف بلا روية وتعقل فتسبب في إلحاق الضرر بالمسلمين وبالإسلام.
|